سأل الطفل ببراءة حين رأى محفظتي تحتوي على القليل من الريالات يبدو يا سيدو أن فلوسك طارت.. ضحكت.. وقلت: سؤال يحتاج إلى درس في المال.. وهذه الحكاية
عندما وقعت كارثة سوق المناخ الكويتية عام 1982 وطار مبلغ 28 مليار دينار كويتي (الدينار يساوي حوالي أربعة دولات ايامها)، وطارت مدخرات البسطاء قرر العبد لله ان يذهب إلى استاذ متخصص في عالم المال ليسأله علما لا مالا منطلقا من السؤال: اين ذهبت الأموال؟ فأجابه الأستاذ: لو قلت لك اين ذهبت الأموال الآن سوف يغمى عليك، ولكن سأجيبك بعد الدرس السابع والسبعين في فن التعامل مع أسواق المال.
كانت مليارات قليلة تلك الأموال التي ذهبت في سوق المناخ مقارنة بـ ترليونات الدولارات التي تبخرت من اسواق المال الأميركية والعالمية، وكذلك من صناديق التقاعد، وكذلك مليارات الدولارات من مدخرات وغيرها.. كلها تبخرت وذهبت كما يبدو إلى غير رجعة وسط أزمة النظام النقدي العالمي.
وعاد السؤال الذي لم أحصل على إجابة عنه منذ العام 1982 ليتردد ليس على لساني فحسب بل على لسان آلاف وعشرات الآلاف من الناس الذين فقدوا أموالهم، التي كانت على شكل أسهم ومدخرات واستثمارات، أين ذهبت الأموال؟ ومن يمتلكها الآن؟
وهو سؤال بريء جدا وواقعي جدا فأي مال يخرج من جيبك يذهب إلى جيب غيرك، وأي مدخرات تحول من حسابك تحول إلى مدخرات غيرك. حاولت الاتصال بالأستاذ القديم فقالوا لي: انه رحل عن الحياة، فاتصلت بأستاذ اقتصاد جامعي فقال: نعم «بحسب الربح والخسارة، وبحسب مفهوم التجارة البسيط، إذا خسرت أموالك فلا بد من أن هناك من ربحها، ولكن الأمر في سوق المال مختلف وهناك اموال حولت وسجلت بأسماء مستثمرين واموال نقلت لحسابات مضاربين
فمن هو في هذه الحالة، مالكها الآن وأين صبت تلك الأموال؟ أم تبخرت بكل بساطة؟
قال: إذا أردت أن تعرف من يمتلكها حالياً، وحاولت استرجاعها، فقد تصاب بخيبة أمل إذا علمت منذ البداية أن أموالك لم تكن أموالاً حقيقية.
أصبت بحالة إحباط، فقال الأستاذ: لا عليك سأوضح لك حتى تعرف أين موقفك اذا كنت ممن ذهبت أموالهم في سوق أوراق مالية: وقال:
المسألة كالتالي: يخمّن أحدهم قيمة منزله حالياً بأنها تصل إلى 350 ألف دولار، بينما كانت قبل أسبوع واحد تصل إلى 400 ألف دولار، «بمعنى آخر، فإن الفارق في القيمتين، 50 ألف دولار، اختفت وتبخرت، فالعملية كلها عملية عقلية فقط لا أكثر ولا أقل.
وقيمة السهم أو المنزل ليست في جيبك بالتأكيد، ولكن أن تنخفض قيمتها، فهذا يشكل خسارة أموال بالطبع، كان من الممكن أن تستخدمها لو كانت على شكل سيولة نقدية أو لو أنك قمت بعملية البيع لهذه الأسهم أو لهذا المنزل.
وفي الواقع، فإن أولئك الذين كانوا يعتمدون على بيع تلك الأسهم أو ذلك المنزل في هذه الفترة، فإن عدم قيامه بالبيع والشراء قبل الأزمة يشكل خسارة حقيقية، رغم أنها في النهاية خسارة نظرية أو افتراضية.
ولكن من حصل على هذه الأموال فمن هو؟ يقول الاستاذ الجامعي في درسه السابع والسبعين ولم أفهم بعد:
لا أحد حصل عليها «فهناك الكثير من الأمور التي لها قيمة مادية ولكن لا يمكنك أن تحملها بيدك، مثل استثمار أموالك في سوق الأسهم، والتي يمكنك مراقبتها، حيث ترتفع قيمة هذه الأموال، وربما تستطيع أن تبيعها بربح إن أردت عندما ترتفع قيمة تلك الأسهم.
ومع انتفاء الثقة بتلك الأسواق، وبالنظام المالي، فإن الكثير من المستثمرين سيبيعون بأي سعر للحد من الخسارة، وهنا فإن قيمة استثمارك تكون قد تبخرت، وخلال هذه العملية فإنك تفقد ثروتك.
وهذا ما حصل فكثيرون فقدوا ثروتهم وجهزت لهم أجنحة الطب النفسي في مختلف دول العالم، فأسواق المال لعبة من يجيد فن التعامل مع المال ومن هنا فإن تعليمه لأبنائنا وهم على مقاعد الدراسة من المراحل الأولى أمر ضروري حتى يعلموا متى تكون اموالهم حقيقية أو افتراضية. وعرفوا متى يقارعون الكبار في فن المال.
بقلم : سمير البرغوثي
عندما وقعت كارثة سوق المناخ الكويتية عام 1982 وطار مبلغ 28 مليار دينار كويتي (الدينار يساوي حوالي أربعة دولات ايامها)، وطارت مدخرات البسطاء قرر العبد لله ان يذهب إلى استاذ متخصص في عالم المال ليسأله علما لا مالا منطلقا من السؤال: اين ذهبت الأموال؟ فأجابه الأستاذ: لو قلت لك اين ذهبت الأموال الآن سوف يغمى عليك، ولكن سأجيبك بعد الدرس السابع والسبعين في فن التعامل مع أسواق المال.
كانت مليارات قليلة تلك الأموال التي ذهبت في سوق المناخ مقارنة بـ ترليونات الدولارات التي تبخرت من اسواق المال الأميركية والعالمية، وكذلك من صناديق التقاعد، وكذلك مليارات الدولارات من مدخرات وغيرها.. كلها تبخرت وذهبت كما يبدو إلى غير رجعة وسط أزمة النظام النقدي العالمي.
وعاد السؤال الذي لم أحصل على إجابة عنه منذ العام 1982 ليتردد ليس على لساني فحسب بل على لسان آلاف وعشرات الآلاف من الناس الذين فقدوا أموالهم، التي كانت على شكل أسهم ومدخرات واستثمارات، أين ذهبت الأموال؟ ومن يمتلكها الآن؟
وهو سؤال بريء جدا وواقعي جدا فأي مال يخرج من جيبك يذهب إلى جيب غيرك، وأي مدخرات تحول من حسابك تحول إلى مدخرات غيرك. حاولت الاتصال بالأستاذ القديم فقالوا لي: انه رحل عن الحياة، فاتصلت بأستاذ اقتصاد جامعي فقال: نعم «بحسب الربح والخسارة، وبحسب مفهوم التجارة البسيط، إذا خسرت أموالك فلا بد من أن هناك من ربحها، ولكن الأمر في سوق المال مختلف وهناك اموال حولت وسجلت بأسماء مستثمرين واموال نقلت لحسابات مضاربين
فمن هو في هذه الحالة، مالكها الآن وأين صبت تلك الأموال؟ أم تبخرت بكل بساطة؟
قال: إذا أردت أن تعرف من يمتلكها حالياً، وحاولت استرجاعها، فقد تصاب بخيبة أمل إذا علمت منذ البداية أن أموالك لم تكن أموالاً حقيقية.
أصبت بحالة إحباط، فقال الأستاذ: لا عليك سأوضح لك حتى تعرف أين موقفك اذا كنت ممن ذهبت أموالهم في سوق أوراق مالية: وقال:
المسألة كالتالي: يخمّن أحدهم قيمة منزله حالياً بأنها تصل إلى 350 ألف دولار، بينما كانت قبل أسبوع واحد تصل إلى 400 ألف دولار، «بمعنى آخر، فإن الفارق في القيمتين، 50 ألف دولار، اختفت وتبخرت، فالعملية كلها عملية عقلية فقط لا أكثر ولا أقل.
وقيمة السهم أو المنزل ليست في جيبك بالتأكيد، ولكن أن تنخفض قيمتها، فهذا يشكل خسارة أموال بالطبع، كان من الممكن أن تستخدمها لو كانت على شكل سيولة نقدية أو لو أنك قمت بعملية البيع لهذه الأسهم أو لهذا المنزل.
وفي الواقع، فإن أولئك الذين كانوا يعتمدون على بيع تلك الأسهم أو ذلك المنزل في هذه الفترة، فإن عدم قيامه بالبيع والشراء قبل الأزمة يشكل خسارة حقيقية، رغم أنها في النهاية خسارة نظرية أو افتراضية.
ولكن من حصل على هذه الأموال فمن هو؟ يقول الاستاذ الجامعي في درسه السابع والسبعين ولم أفهم بعد:
لا أحد حصل عليها «فهناك الكثير من الأمور التي لها قيمة مادية ولكن لا يمكنك أن تحملها بيدك، مثل استثمار أموالك في سوق الأسهم، والتي يمكنك مراقبتها، حيث ترتفع قيمة هذه الأموال، وربما تستطيع أن تبيعها بربح إن أردت عندما ترتفع قيمة تلك الأسهم.
ومع انتفاء الثقة بتلك الأسواق، وبالنظام المالي، فإن الكثير من المستثمرين سيبيعون بأي سعر للحد من الخسارة، وهنا فإن قيمة استثمارك تكون قد تبخرت، وخلال هذه العملية فإنك تفقد ثروتك.
وهذا ما حصل فكثيرون فقدوا ثروتهم وجهزت لهم أجنحة الطب النفسي في مختلف دول العالم، فأسواق المال لعبة من يجيد فن التعامل مع المال ومن هنا فإن تعليمه لأبنائنا وهم على مقاعد الدراسة من المراحل الأولى أمر ضروري حتى يعلموا متى تكون اموالهم حقيقية أو افتراضية. وعرفوا متى يقارعون الكبار في فن المال.
بقلم : سمير البرغوثي