في العام 1974 وأنا ادلف إلى أحد فنادق الروشة اللبنانية قال لي صديقي اللبناني جوزيف: «هذه أمينة المفتي الطبيبة الإنسانة التي تعمل لخدمة الفلسطينيين في المخيمات وفي القواعد وحتى في عمارة رحمة، حيث توجد مكاتب ياسر عرفات ومكاتب الجبهة الديمقراطية.. وقد قصفت أكثر من مرة بصواريخ موجهة وكانت تصيب مكاتب الديمقراطية وتتجنب مكاتب فتح.. كما قال لي نايف حواتمة في حوار نشرته هنا في الوطن منذ أكثر من خمسة عشر عاماً..
لم يمض وقت طويل وإذ يتم القبض على أمينة.. التي تبين أنها تحمل جنسية عربية من أصول شركسية.. وكانت وهي طالبة وقعت في حب فلسطيني.. اسمه بسام إلا أنه تركها لأخرى أكثر جمالاً.. ولأنها حصلت على معدل ضعيف في الثانوية العامة قرر والدها الثري إرسالها إلى بلاد الأنس «فيينا» لتدرس الطب النفسي.. وهناك انحرفت لتنتقم من عشيقها الفلسطيني الذي هجرها فأحبت يهودياً (موشيه بيراد)، وتزوجته في معبد شيمودت في فيينا بعد أن اعتنقت اليهودية واستبدلت اسمها بالاسم اليهودي الجديد (آني موشيه بيراد) عام 1967 عام النكسة وانتصار مؤسسة الدفاع الإسرائيلية على مؤسسات الدفاع العربية كلها.. وحين ضاقت الحياة في النمسا طلبت من زوجها العودة إلى إسرائيل.. وأقنعته.. عادا ليلتحق طياراً بسلاح الجو الصهيوني.. ويشارك في حرب الاستنزاف على الجبهة السورية.. عام 1973 وتسقط طائرته ولم يعلن عن وفاته.. لتزداد نقمتها على العرب الأولى من عشيق هجرها والثانية من قاتل لزوجها.. فقررت أن تذهب إلى لبنان التي كانت حينها تعج بكل التناقضات ثوار وجواسيس عملاء وخونة.. وكل ما يخطر على بالك من دكاكين.. ومن ثم يتم تشغيلها لتشارك في حرب الجاسوسية ضد القادة الفلسطينيين في لبنان.. فقتل غسان كنفاني عام 1972 والقادة الثلاث الشاعر كمال ناصر والقائدان كمال عدوان ويوسف النجار عام 1973 وقام بعملية اغتيالهم إيهود باراك.. الذي صافحته وتصافحه القيادة الفلسطينية التي تعرف أنه المجرم الأكبر وكان يفخر حين يتراشق دم من يغتالهم على كتفيه.. وهو المتهم بقتل أبوجهاد أيضاً.
غولدا مائير كلفت أمينة المفتي باصطياد «الأمير الأحمر» علي حسن سلامة الذي خطط لعملية ميونيخ.. وكانت أمينة تراقب الشاب مفتول العضلات الأحمر اللون وبصحبته جورجينا رزق ملكة جمال الكون التي كان يتمناها حتى رؤساء دول كبرى، بل جيمي كارتر تحقق حلمه بصورة معها وهي ترتدي فستان السهرة الأسود..
في سبتمبر من عام 1975 تم اعتقال أمينة من قبل السلطات الفلسطينية بعدما انكشفت عمالتها وأنها كانت ترسل معلومات وتقارير غاية في الأهمية عن العمليات الفدائية وأسماء أفراد المخابرات الفلسطينية مع تفاصيل دقيقة عن تحركات وتواجد أهم شخصيات منظمة التحرير الفلسطينية وبعد اعترافها الكامل أُبقيت معتقلة لمدة خمس سنوات، حيث تم مقايضتها بأسيرين فلسطينيين لدى الإسرائيليين.. عادت أمينة إلى إسرائيل وحاولت الاتصال بأهلها في الدولة العربية ولكنهم رفضوا التحدث معها وأخبروها أنهم يعتبرونها ميتة.
آني موشيه بيراد تصدرت لوحة الشرف بمدخل بمبنى الموساد، وهي لوحة تضم أسماء أمهر العملاء «ويطلق عليهم الأصدقاء» الذين أخلصوا لإسرائيل. فكم أمينة تتسلل إلى مخادع الرجال لتنقل إلى إسرائيل أدق التفاصيل؟!
نبضة أخيرة
حين تلامس روحك ظلام الهجر.. حينها تعرف قيمة من أحبك.
بقلم : سمير البرغوثي
لم يمض وقت طويل وإذ يتم القبض على أمينة.. التي تبين أنها تحمل جنسية عربية من أصول شركسية.. وكانت وهي طالبة وقعت في حب فلسطيني.. اسمه بسام إلا أنه تركها لأخرى أكثر جمالاً.. ولأنها حصلت على معدل ضعيف في الثانوية العامة قرر والدها الثري إرسالها إلى بلاد الأنس «فيينا» لتدرس الطب النفسي.. وهناك انحرفت لتنتقم من عشيقها الفلسطيني الذي هجرها فأحبت يهودياً (موشيه بيراد)، وتزوجته في معبد شيمودت في فيينا بعد أن اعتنقت اليهودية واستبدلت اسمها بالاسم اليهودي الجديد (آني موشيه بيراد) عام 1967 عام النكسة وانتصار مؤسسة الدفاع الإسرائيلية على مؤسسات الدفاع العربية كلها.. وحين ضاقت الحياة في النمسا طلبت من زوجها العودة إلى إسرائيل.. وأقنعته.. عادا ليلتحق طياراً بسلاح الجو الصهيوني.. ويشارك في حرب الاستنزاف على الجبهة السورية.. عام 1973 وتسقط طائرته ولم يعلن عن وفاته.. لتزداد نقمتها على العرب الأولى من عشيق هجرها والثانية من قاتل لزوجها.. فقررت أن تذهب إلى لبنان التي كانت حينها تعج بكل التناقضات ثوار وجواسيس عملاء وخونة.. وكل ما يخطر على بالك من دكاكين.. ومن ثم يتم تشغيلها لتشارك في حرب الجاسوسية ضد القادة الفلسطينيين في لبنان.. فقتل غسان كنفاني عام 1972 والقادة الثلاث الشاعر كمال ناصر والقائدان كمال عدوان ويوسف النجار عام 1973 وقام بعملية اغتيالهم إيهود باراك.. الذي صافحته وتصافحه القيادة الفلسطينية التي تعرف أنه المجرم الأكبر وكان يفخر حين يتراشق دم من يغتالهم على كتفيه.. وهو المتهم بقتل أبوجهاد أيضاً.
غولدا مائير كلفت أمينة المفتي باصطياد «الأمير الأحمر» علي حسن سلامة الذي خطط لعملية ميونيخ.. وكانت أمينة تراقب الشاب مفتول العضلات الأحمر اللون وبصحبته جورجينا رزق ملكة جمال الكون التي كان يتمناها حتى رؤساء دول كبرى، بل جيمي كارتر تحقق حلمه بصورة معها وهي ترتدي فستان السهرة الأسود..
في سبتمبر من عام 1975 تم اعتقال أمينة من قبل السلطات الفلسطينية بعدما انكشفت عمالتها وأنها كانت ترسل معلومات وتقارير غاية في الأهمية عن العمليات الفدائية وأسماء أفراد المخابرات الفلسطينية مع تفاصيل دقيقة عن تحركات وتواجد أهم شخصيات منظمة التحرير الفلسطينية وبعد اعترافها الكامل أُبقيت معتقلة لمدة خمس سنوات، حيث تم مقايضتها بأسيرين فلسطينيين لدى الإسرائيليين.. عادت أمينة إلى إسرائيل وحاولت الاتصال بأهلها في الدولة العربية ولكنهم رفضوا التحدث معها وأخبروها أنهم يعتبرونها ميتة.
آني موشيه بيراد تصدرت لوحة الشرف بمدخل بمبنى الموساد، وهي لوحة تضم أسماء أمهر العملاء «ويطلق عليهم الأصدقاء» الذين أخلصوا لإسرائيل. فكم أمينة تتسلل إلى مخادع الرجال لتنقل إلى إسرائيل أدق التفاصيل؟!
نبضة أخيرة
حين تلامس روحك ظلام الهجر.. حينها تعرف قيمة من أحبك.
بقلم : سمير البرغوثي