في كتابه «حكايات وخُرافات شعبية أرمينيّة» يروي «شارلي داونينغ» الحكاية التالية:كان لأرمينيا ملكٌ له طبعٌ غريب، وبحاجةٍ دوماً إلى شيءٍ جديدٍ يُسليه!فأرسلَ رُسلَه في أنحاءِ البلاد ليُنادوا في الناس: اسمعوا، أيما رجل منكم يستطيعُ أن يُثبتَ أنه أفظع كذَّاب في أرمينيا، فسوف يتلقَّى تفاحةً مصنوعةً من الذهبِ الخالصِ من يَدَي صاحبِ الجلالة!بدأَ الناسُ يتوافدون إلى القصرِ من كلِّ أنحاءِ البلاد، وروى كل واحدٍ منهم قصته، ولكن الملك بحكمِ خِبرته الطويلة، وسِنه الكبيرة، كانَ قد سمعَ كل الأكاذيب من قبل، حتى بدأَ يشعرُ بالمللِ إلى درجةِ أنه كادَ يُصدِرَ أمراً بوقفِ المُسابقةِ دونَ إعلانِ فائز!عندَ ذلك دخلَ عليه فلَّاحٌ فقيرٌ يحملُ تحتَ ذراعه إبريقاً من الفخار.قالَ له الملك: ماذا تريدُ أيُّها الفلَّاح الطيِّب؟فقالَ له الفلاح: سيدي الملك، كيف نسيتني، أنتَ مدينٌ لي بإناءٍ من الذهب، وقد جئتُ للحصولِ عليه!فقالَ له الملك: يا لكَ من كذَّاب، أنا لا أعرفك، ولم أركَ من قبل، فضلاً على أن أكونَ مديناً لكَ بشيءٍ!عندها قالَ له الفلاح: ما دمتَ قد اعترفتَ أني كذَّاب، فأعطِني التفاحة الذهبية إذن!أرادَ الملكُ أن يتملَّصَ، فقالَ للفلاح: لا، لا، لستَ كذاباً!فقالَ له: إذن أعطِني إناءَ الذهبِ الذي لي عليكَ!عندها وجدَ الملكُ نفسَه في مأزقٍ، ولم يجدْ أمامه من خيارٍ إلا أن يُعلنَ فوزَ الفلاحِ بمسابقةِ الكذابين، وأعطاه التفاحة الذهبية!أحياناً اللعبُ ضمن القانونِ السائدِ لا يُوْصِل إلى نتيجة، والطريقُ الوحيدُ للفوزِ هو في تغييرِ قواعدِ اللعبة!خسر كلُّ المتسابقين في مسابقةِ الملكِ لأنهم كانوا يلعبون بشروطه، والتي كانتْ أن يسردوا عليه قصةً أو حدثاً، أما الفلَّاح ففازَ لأنه غيَّر قواعدَ اللعبة، لم يدخلْ على الملكِ بقصةٍ يسهلُ عليه أن يقولَ إنه يعرفها، وإنَّ هذا موقف كذب قد سبقَ ومرَّ عليه، وإنما لجأَ إلى موقفٍ عمليٍ غير مسبوق أدَّى إلى فوزه!غضبَ أحدُ الملوكِ على وزيرٍ عنده وقررَ أن يُعدمَهُ، وتدخَّلَ الأعيانُ لدى الملك، فخشيَ إن ردَّهم أن تحدثَ مشكلة، فعمدَ إلى الحِيلة، وقالَ لهم: سأكتبُ ورقتين، واحدة يُقتل، والثانية يُطلق، وليختر الوزير مصيره!ولكن الملك كتبَ في كِلتا الورقتين يُقتل!وكان الوزيرُ داهية، فعندما حانَ اليوم الموعود، وطلبَ منه الملك أن يختارَ ورقة، كان يعرفُ أن كِلتا الورقتين يُقتل!فأمسكَ ورقةً وقالَ لقد اخترتُ هذه، وقامَ بابتلاعها دون أن يقرأَ ما فيها، وقال: افتحوا الورقة الثانية لنرى ما فيها، فهي عكس ما اخترتُه!هذا هو تغييرُ قواعدِ اللعبة!
آراء و قضايا
الكذَّاب!
أدهم شرقاوي
Jun 14, 2022
شارك