في مستهل جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضي، فاجأ رئيس المجلس، عقيلة صالح، كثيرين من بينهم شريكه في التفاهمات الأخيرة، رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، وأنصاره من المراهنين على تحقيق تقدم على المسار السياسي عبر توافق بين النواب والأعلى للدولة، فاجأهم بنقض ما اتفقا عليه.

عقيلة صالح وكأنه لم يلتق بخالد المشري مرات ولم يقف على مقربة منه في المؤتمر الصحفي في القاهرة منذ أسبوعين، وكأنه لم يعلن عن اتفاق بينه وبين المشري حول خريطة طريق تتضمن أجلا للانتخابات ومسارا إجرائيا لتنفيذها.

لم يكتف عقيلة صالح بنسف تفاهماته مع المشري، بل إنه صرح بأن لا مكان له ولا للمجلس الذي يترأسه في الترتيب للانتخابات، وأن الأعلى للدولة مجرد جسم استشاري وأن المسؤولية تقع على مجلس النواب؛ ليقوم بمهمة الإعداد للانتخابات منفردا.

لم يكن تراجع عقيلة صالح عن تعهداته الأخيرة الأول من نوعه، غير أن تطورا قد وقع جعله ينقلب على التوافق الذي مضى فيه بثقة، وتحدث عنه بيقين، والظاهر أن التغير في نهج الولايات المتحدة في التعاطي مع الأزمة الليبية كان وراء تغيير رئيس مجلس النواب لموقفه.

على الضفة الأخرى، فاجأ رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، أنصاره ومخالفيه، بظهوره جنبا إلى جنب مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، والابتسامة على وجهه، وهو الذي كان منذ أيام قليلة يكيل له التهم ويتحداه لمناظرته على الهواء.

ويستطيع المتابع البسيط للشأن الليبي أن يدرك أن لقاء المشري مع الدبيبة هو ردة فعل على تصريحات عقيلة صالح، فهو من جهة يقول له إن اتفاقنا على تغيير الحكومة صار من الماضي، وها أنا بجوار الدبيبة نرمم العلاقة التي أفسدتها تفاهماتنا، ومن جهة ثانية يخبره أن الجبهة الغربية يمكن أن تعود إلى سابق تماسكها في مواجهة أي استفراد برسم ملامح المشهد القادم من قبل مجلس النواب.

هذا ما يمكن تكهنه حول تراجع المشري عن موقفه من الدبيبة، وما أدري هل يسعفه ذلك في إصلاح ما أفسده التراشق والمناكفة وما اعتبره جمع ضمن الجبهة الغربية تغليبا للمصالح الشخصية على المصلحة العامة في تقارب المشري مع عقيلة صالح، غير أن ما يمكن الجزم به أن المشري لم يُطلِّق التفاهم مع عقيلة صالح ثلاثا، وأن ما يمكن أن يذهب إليه من ردود فعل على تصريحات عقيلة، إنما لإرسال الرسائل السياسية ومواجهة التكتيك بتكتيك مماثل.عربي 21