الخروج من حالة السكون والخنادق في سوريا هو خروج يحمل خطورة كبيرة، ولكنه الأمل الوحيد في تحقيق تقدم تجاه التغيير والأهداف، بينما الإصرار على الانتظار و(الممانعة) والرفض والصراخ دون البحث عن بدائل ممكنة وحيوية، هو حالة من المنازعة السلبية في انتظار الموت، إنني أعتقد، أن هذا الانتظار هو خيانة للوطن، وخيانة للقيم وخيانة لحركية الحياة، وخيانة لدماء الشهداء ولقضيتهم المقدسة، فالتضحيات العظيمة لم تُقدم في سبيل الانتظار، وفي سبيل السكون، بل من أجل العمل والدأب وتحقيق الأهداف، وإحداث ولو خطوة واحدة في طريق التغيير المنشود، وإن من الخيانة أن تكون هذه التضحيات قد أصبحت سبباً لتعاسة الناس ولمأساتهم بسبب تخاذل القائمين عليها، بدلاً من أن تكون سبباً لسعادة الناس وحريتهم وخلاصهم.

إن إيجاد حل للخروج من حالة الاستعصاء التي وصلت إليها القضية السورية هي فريضة العمل السياسي، وعلى السياسيين أن يعملوا من أجل فهم الواقع وإيجاد أي مخرج ممكن، عجزت عنه حتى الآن كل الوسائل العسكرية والاجتماعية والسياسية السابقة.. وإن السير خطوة واحدة هو عمل عظيم، ولو لم يوافق المزاج الشعبي العام، لكن يكفي أن يوافق الضمائر ويحقق كسراً للجمود الذي نعاني منه، وإن هذه المهمة المحفوفة بالمخاطر وباحتماليات التخوين، هي خطوة لن يقدم عليها إلا الصادقون، الذين يبحثون عن خلاص شعوبهم وأوطانهم، والسير في الطريق الشائك تجاه الأهداف، دون أن يكترثوا لسجلات التاريخ والبطولة، أو أن يفكروا في سمعتهم الآنية.

إننا اليوم أمام تحديات قديمة جديدة، أضعنا ما يكفي من الوقت في عالم الأحلام بحثاً عن معجزة لا تضطرنا لأخذ مواقف قد تشوه التاريخ الناصع الذي كنا نبنيه لأنفسنا حجراً حجراً، ولكن الحقيقة التاريخية تخبرنا أن الإنجاز لم يكن يوماً مبنياً على أساسات ناصعة، لذلك علينا أن نكون شجعاناً بما يكفي لبحث جميع الخيارات المطروحة دون استثناء من أجل الوصول إلى حل (مرحلي) يمنحنا خطوة واضحة نحو الأمام.عربي بوست