+ A
A -
في مجمل القراءات الغربية والعربية المتخصصة هناك تقييم لخطاب أميركي جديد مع إيران، وربما هناك سياسات مشددة معها، فهل سيتحول ذلك إلى عملٍ جدي يغيّر كل ما حصدته إيران من حكم الجمهوريين أيام جورج بوش، ثم الديمقراطيين في عهد أوباما؟ دعونا نؤكد أولاً أن السياسة بالفعل أطوار متغيّرة، وأن أصوات التوبيخ الأميركي تعالت من عهد أوباما بان الصفقة كانت على حساب واشنطن أكثر مما ينبغي، لكن هل فقد الأميركيون قواعد اللعبة بعد ذلك.
لقد غيّروا تموضعهم بالفعل، وخاصة في ضبط موقفهم في الخليج العربي، لكن الموقف من سوريا، ومن العراق لا يوجد فيه تغيير مركزي.
كما أن ترامب يطرح التطرف الإسلامي في البيئة السنية كما هو سياقات خطابه وخطاب مساعديه كعدو أول، وإن اعتبر إيران كدولة قومية خصماً قوياً في المنطقة قد اخذت موقعا لا تسمح به أميركا التاريخية، وأن كان إغرائه بتغطية خليجية ضخمة لجيوب واشنطن، يبدو مكسباً له كتفكير رجل الأعمال المتوحش في الإمبريالية الأميركية، أي رأس مال مقابل حروب ودماء ملونة، وإن اضطر لفقدان بعض رجاله، فلا يهم مقابل الصفقة الكبرى التي ستدفع به، للفوز بولاية ثانية.
هذه قراءات في حدود الموضوعية لفهم المحلل السياسي توجهات الرئيس ترامب حتى الآن، إذ لم يطرح فيها مواجهة عسكرية مباشرة وموسعة مع طهران، وهي ليست واردة خاصة بعد الرسالة الأخيرة من موسكو بشأن تصعيده، ثانيا اليوم حملة ترامب في قمتها الصوتية، ولم يتم تفعيل الجسر الروسي معه في قضية إيران ولا الجسور الأخرى، ولا مراجعات فريقه أين ستقف إيران في أولوية مواجهات البنتاغون، وما يعتبره البيت الأبيض الإرهاب الإسلامي في البيئة السنية التي يعلنونها، وإعلان الاخوان كتنظيم إرهابي مع تسميته للسيسي كشريك تاريخي مفضل.
فهل سيرفض ترامب فكرة دمج مصر في مشروع موسكو وطهران الجديد، بما فيها إعادة تأهيل الأسد بعد تصفية الثورة، حيث يقترب موقفه من تعريف الإرهاب مع هذا الاتجاه الذي يقوده بوتين، فماذا يعني هذا كله في موقع ترامب الذي بدأت تأثيرات الحملة الداخلية عليه تظهر في انفعالاته وردود فريقه، هل سيحتويها مستفيدا من أي عملية حمقاء تهيئ لداعش ضد المدنيين الأميركيين، فتتراجع حملة الوحدة الوطنية ضده، ويحقق اختراقات لها؟
كل هذه الأسئلة تشير إلى أن إدارة ترامب اليوم في مرحلة برزخيه، أي انتقالية غير منضبطة بمصير عام تتوجه له، وهذا لا يعني عدم القدرة على الحراك فيها لمصالح الخليج العربي، لكن أين مصالح هذا الخليج، كيف ينظر أعضائه اليها، من زاوية جماعية أو منفردة، من قضايا تخص مستقبل هذه الدول الداخلي ومنافستها القطرية الإقليمية، أم من منظور حدد بالفعل تقليم ما يمكن تقليمه من اظافر إيرانية، بقاعدة الضربات الخاطفة المستثمرة لمرحلة ترامب، وتسجيل تقدم في كل دولة صراعية معها.
هل هذا المنظور له استراتيجية إقليمية قومية عربية، أم أنه يغري ترامب بحرب موجّهة، هو في النهاية ومجلس الأمن القومي الأميركي من سيحدد توجهاتها، لا المتطوعون الخليجيون، وأين سيكون مصيرهم بعد هذه الجولة وعلى ماذا سيصبح الخليج العربي، في الحرب الباردة مع إيران، هل ستتراجع في البحرين مثلا بعد تفعيل جناحها المسلح. هل سيترتب على ذلك تقدم الشرعية اليمنية بدعم مركزي من الخليج العربي يطوي خلافه عن الإسلاميين، ثم ينظم إغلاق ملف الحرب بمشروع سياسي، أم أن الفوضى ستسيطر على الميدان، وتدفع إيران والطرف الخليجي إلى تفجير الحرب الطائفية، وحينها تكون واشنطن قد حققت هدفا مزدوجا، يُنهك الجميع ويرتب مع الروس، والروس ينظمون تموضع إيران الذي لن يتغير في العراق قطعا، بحكم طبيعة النفوذ الإيراني الذي يحتل الإنسان وليس الأرض فقط، ولذلك تحالفت واشنطن معه.
المؤكد أن الخليج العربي في دوله، لا يملك منظومة استراتيجية ولا ممانعة سياسية ولا خطط للولوج في معركة دقيقة، تعبر بها مصالحه ومصالح شعوب الشرق هذه المرحلة لتستعيد بعض خسائرها الكبرى، وبالتالي دوافع القلق من هذه المغامرات أكثر بكثير من دوافع المحتفلين بشكر ترامب، فالسياسة لا تخدم السُذّج، وانما يستثمرها عقل الأقوياء.
بقلم : مهنا الحبيل
لقد غيّروا تموضعهم بالفعل، وخاصة في ضبط موقفهم في الخليج العربي، لكن الموقف من سوريا، ومن العراق لا يوجد فيه تغيير مركزي.
كما أن ترامب يطرح التطرف الإسلامي في البيئة السنية كما هو سياقات خطابه وخطاب مساعديه كعدو أول، وإن اعتبر إيران كدولة قومية خصماً قوياً في المنطقة قد اخذت موقعا لا تسمح به أميركا التاريخية، وأن كان إغرائه بتغطية خليجية ضخمة لجيوب واشنطن، يبدو مكسباً له كتفكير رجل الأعمال المتوحش في الإمبريالية الأميركية، أي رأس مال مقابل حروب ودماء ملونة، وإن اضطر لفقدان بعض رجاله، فلا يهم مقابل الصفقة الكبرى التي ستدفع به، للفوز بولاية ثانية.
هذه قراءات في حدود الموضوعية لفهم المحلل السياسي توجهات الرئيس ترامب حتى الآن، إذ لم يطرح فيها مواجهة عسكرية مباشرة وموسعة مع طهران، وهي ليست واردة خاصة بعد الرسالة الأخيرة من موسكو بشأن تصعيده، ثانيا اليوم حملة ترامب في قمتها الصوتية، ولم يتم تفعيل الجسر الروسي معه في قضية إيران ولا الجسور الأخرى، ولا مراجعات فريقه أين ستقف إيران في أولوية مواجهات البنتاغون، وما يعتبره البيت الأبيض الإرهاب الإسلامي في البيئة السنية التي يعلنونها، وإعلان الاخوان كتنظيم إرهابي مع تسميته للسيسي كشريك تاريخي مفضل.
فهل سيرفض ترامب فكرة دمج مصر في مشروع موسكو وطهران الجديد، بما فيها إعادة تأهيل الأسد بعد تصفية الثورة، حيث يقترب موقفه من تعريف الإرهاب مع هذا الاتجاه الذي يقوده بوتين، فماذا يعني هذا كله في موقع ترامب الذي بدأت تأثيرات الحملة الداخلية عليه تظهر في انفعالاته وردود فريقه، هل سيحتويها مستفيدا من أي عملية حمقاء تهيئ لداعش ضد المدنيين الأميركيين، فتتراجع حملة الوحدة الوطنية ضده، ويحقق اختراقات لها؟
كل هذه الأسئلة تشير إلى أن إدارة ترامب اليوم في مرحلة برزخيه، أي انتقالية غير منضبطة بمصير عام تتوجه له، وهذا لا يعني عدم القدرة على الحراك فيها لمصالح الخليج العربي، لكن أين مصالح هذا الخليج، كيف ينظر أعضائه اليها، من زاوية جماعية أو منفردة، من قضايا تخص مستقبل هذه الدول الداخلي ومنافستها القطرية الإقليمية، أم من منظور حدد بالفعل تقليم ما يمكن تقليمه من اظافر إيرانية، بقاعدة الضربات الخاطفة المستثمرة لمرحلة ترامب، وتسجيل تقدم في كل دولة صراعية معها.
هل هذا المنظور له استراتيجية إقليمية قومية عربية، أم أنه يغري ترامب بحرب موجّهة، هو في النهاية ومجلس الأمن القومي الأميركي من سيحدد توجهاتها، لا المتطوعون الخليجيون، وأين سيكون مصيرهم بعد هذه الجولة وعلى ماذا سيصبح الخليج العربي، في الحرب الباردة مع إيران، هل ستتراجع في البحرين مثلا بعد تفعيل جناحها المسلح. هل سيترتب على ذلك تقدم الشرعية اليمنية بدعم مركزي من الخليج العربي يطوي خلافه عن الإسلاميين، ثم ينظم إغلاق ملف الحرب بمشروع سياسي، أم أن الفوضى ستسيطر على الميدان، وتدفع إيران والطرف الخليجي إلى تفجير الحرب الطائفية، وحينها تكون واشنطن قد حققت هدفا مزدوجا، يُنهك الجميع ويرتب مع الروس، والروس ينظمون تموضع إيران الذي لن يتغير في العراق قطعا، بحكم طبيعة النفوذ الإيراني الذي يحتل الإنسان وليس الأرض فقط، ولذلك تحالفت واشنطن معه.
المؤكد أن الخليج العربي في دوله، لا يملك منظومة استراتيجية ولا ممانعة سياسية ولا خطط للولوج في معركة دقيقة، تعبر بها مصالحه ومصالح شعوب الشرق هذه المرحلة لتستعيد بعض خسائرها الكبرى، وبالتالي دوافع القلق من هذه المغامرات أكثر بكثير من دوافع المحتفلين بشكر ترامب، فالسياسة لا تخدم السُذّج، وانما يستثمرها عقل الأقوياء.
بقلم : مهنا الحبيل