+ A
A -
الحرب عمل وحشي يشرع القتل ضمن قوانين تحددها الدول لتحقيق مكاسب قد تكون سياسية واقتصادية وغيرها، وهو عمل تمارسه حركات سياسية وحركات تحرر ومنظمات مختلفة لتحقيق أهداف سياسية أيضا. الحرب تشنها الدول بشكل أساسي، لكن العنف قد تمارسه أيضا منظمات مثلا: حرب التحرير التي يمارسها شعب تحت الاحتلال. وتتنوع أسباب الحروب، فهي كثيرا ما تقع لأن صانع القرار يعتقد بأنه قادر على الحسم خلال أيام.
وتحيط التساؤلات بالحروب التي تمارسها الدول وذلك بسبب التجاوزات التي تقع بشأن المدنيين والأبرياء والأسرى والقيم وبسبب أنها قلما تقدم حلولا للمشكلة الأساسية، فقد ينتج عنها عنف مضاد تمارسه جماعات غوارية ومنشقة، بل تخلق الحرب مشكلات جديدة وتؤدي للحرب التي تليها. ومن الصعب ان تمارس دولة حربا وعنفا دون ان تنتج عن الحرب أمراض نفسية وسياسية وكوارث اقتصادية، لهذا بالتحديد هناك حركة في العالم ناقدة للحرب وتنطلق من السعي للحد منها وتحريمها. إن الحروب الناجحة التي تشنها الدول قد تكون بمعدل حرب من بين عشرة حروب، وهذا يجعل الدول التي تمارس الحرب في خطر كبير.
لنأخذ على سبيل المثال حرب العراق مع إيران عام 1980. فالفرضية كانت ان إيران قامت بأعمال إرهابية في العراق، وان شن الحرب سيحقق الانتصار خلال أسبوعين. الحرب مصنع المفاجآت لأنها تحمل في طياتها عناصر مخفية عن إرادة الطرف الآخر ومدى استعداده للتحمل وطريقته في صنع القرار وأهدافه. لهذا انتهت الحرب العراقية الإيرانية بصفتها واحدة من أفشل الحروب والتي سببت حروبا أخرى أهمها قيام الرئيس العراقي بغزو الكويت عام 1990 لتعويض خسائره وتلبية لحالة نفسية كان يمر بها.
لنأخذ على جهة أخرى حرب أفغانستان التي شنتها الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم. كانت الأمور واضحة عندما أخذ الرئيس بوش القرار 2001، كانت تلك الحرب هي الحرب المثالية، فالقاعدة ضربت الولايات المتحدة من افغانستان. لكن الإدارة الأميركية لم تسمع إدانة الملا عمر والطالبان والأفغان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ولم تحاول استثماره. كان الأساس أن أحدا يجب ان يعاقب على ما وقع، وان الإسلام الافغاني الشديد التعصب وإسلام القاعدة سيمثل أفضل فرصة للتخلص من الإسلام الراديكالي. بعد 16 عاما على تلك الحرب مازالت الحرب دائرة ومازالت الولايات المتحدة متورطة في افغانستان وفي صراع مع الراديكالية الإسلامية.
أما حرب إسقاط النظام العراقي في 2003 فكان هدفها تحويل العراق لنموذج للديمقراطية كاليابان، كما انها أخفت طموحات اقتصادية كبرى وانطلقت من إمكانية ان يمول نفط العراق الحرب الاميركية بعد سقوط النظام. لكن بعد 14 عاما مازالت الولايات المتحدة متورطة في حرب تلو الأخرى ضد الدولة الإسلامية. في تلك الحرب خسرت الولايات المتحدة أكبر الميزانيات، وانتهى العراق متحولا لدولة فاشلة تحت السيطرة الإيرانية وتحت سيطرة الدولة الإسلامية. وينطبق ذات التحليل على معظم الحروب المحيطة بنا: حرب اليمن في زمن ناصر وحرب اليمن الراهنة منذ الانقلاب الحوثي، حرب النظام السوري ضد المعارضة والحروب الأهلية وغيرها من الحروب.
وتعود اليوم الولايات المتحدة للمربع الاول، فهي تعلن الحرب على الإرهاب وتستمر به، وتعلن حالة نزاع مع إيران والتي ساهمت بتقويتها في إدارات سابقة. إدارة ترامب ستورط من يريد أن يتورط معها، لكن هدفها الأساسي المعلن حول هزيمة الإرهاب لن يكتب له النجاح لانه لا يعالج اسباب هذه الراديكالية الاقتصادية والسياسية. التوتر مع إيران يرتفع وقد يجر الاقليم والولايات المتحدة لصدام عسكري. وعندما تدخل الولايات المتحدة في حروب فهي قلما تكون موحدة، سيكون للبنتاغون سياسة وللخارجية سياسية وللكونغرس سياسة وللإعلام رؤية، وللرأي العام معارضة وسيدفع الثمن كل من وثق في دولة كبرى تعيش أزمة قيادة وقيم. كيف ينتصر ترامب ضد إيران والدولة الإسلامية وضد إيران ايضا وهو لا يميز بين الشعوب من جهة والدول والحركات من جهة اخرى؟
بقلم : د. شفيق ناظم الغبرا
وتحيط التساؤلات بالحروب التي تمارسها الدول وذلك بسبب التجاوزات التي تقع بشأن المدنيين والأبرياء والأسرى والقيم وبسبب أنها قلما تقدم حلولا للمشكلة الأساسية، فقد ينتج عنها عنف مضاد تمارسه جماعات غوارية ومنشقة، بل تخلق الحرب مشكلات جديدة وتؤدي للحرب التي تليها. ومن الصعب ان تمارس دولة حربا وعنفا دون ان تنتج عن الحرب أمراض نفسية وسياسية وكوارث اقتصادية، لهذا بالتحديد هناك حركة في العالم ناقدة للحرب وتنطلق من السعي للحد منها وتحريمها. إن الحروب الناجحة التي تشنها الدول قد تكون بمعدل حرب من بين عشرة حروب، وهذا يجعل الدول التي تمارس الحرب في خطر كبير.
لنأخذ على سبيل المثال حرب العراق مع إيران عام 1980. فالفرضية كانت ان إيران قامت بأعمال إرهابية في العراق، وان شن الحرب سيحقق الانتصار خلال أسبوعين. الحرب مصنع المفاجآت لأنها تحمل في طياتها عناصر مخفية عن إرادة الطرف الآخر ومدى استعداده للتحمل وطريقته في صنع القرار وأهدافه. لهذا انتهت الحرب العراقية الإيرانية بصفتها واحدة من أفشل الحروب والتي سببت حروبا أخرى أهمها قيام الرئيس العراقي بغزو الكويت عام 1990 لتعويض خسائره وتلبية لحالة نفسية كان يمر بها.
لنأخذ على جهة أخرى حرب أفغانستان التي شنتها الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم. كانت الأمور واضحة عندما أخذ الرئيس بوش القرار 2001، كانت تلك الحرب هي الحرب المثالية، فالقاعدة ضربت الولايات المتحدة من افغانستان. لكن الإدارة الأميركية لم تسمع إدانة الملا عمر والطالبان والأفغان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ولم تحاول استثماره. كان الأساس أن أحدا يجب ان يعاقب على ما وقع، وان الإسلام الافغاني الشديد التعصب وإسلام القاعدة سيمثل أفضل فرصة للتخلص من الإسلام الراديكالي. بعد 16 عاما على تلك الحرب مازالت الحرب دائرة ومازالت الولايات المتحدة متورطة في افغانستان وفي صراع مع الراديكالية الإسلامية.
أما حرب إسقاط النظام العراقي في 2003 فكان هدفها تحويل العراق لنموذج للديمقراطية كاليابان، كما انها أخفت طموحات اقتصادية كبرى وانطلقت من إمكانية ان يمول نفط العراق الحرب الاميركية بعد سقوط النظام. لكن بعد 14 عاما مازالت الولايات المتحدة متورطة في حرب تلو الأخرى ضد الدولة الإسلامية. في تلك الحرب خسرت الولايات المتحدة أكبر الميزانيات، وانتهى العراق متحولا لدولة فاشلة تحت السيطرة الإيرانية وتحت سيطرة الدولة الإسلامية. وينطبق ذات التحليل على معظم الحروب المحيطة بنا: حرب اليمن في زمن ناصر وحرب اليمن الراهنة منذ الانقلاب الحوثي، حرب النظام السوري ضد المعارضة والحروب الأهلية وغيرها من الحروب.
وتعود اليوم الولايات المتحدة للمربع الاول، فهي تعلن الحرب على الإرهاب وتستمر به، وتعلن حالة نزاع مع إيران والتي ساهمت بتقويتها في إدارات سابقة. إدارة ترامب ستورط من يريد أن يتورط معها، لكن هدفها الأساسي المعلن حول هزيمة الإرهاب لن يكتب له النجاح لانه لا يعالج اسباب هذه الراديكالية الاقتصادية والسياسية. التوتر مع إيران يرتفع وقد يجر الاقليم والولايات المتحدة لصدام عسكري. وعندما تدخل الولايات المتحدة في حروب فهي قلما تكون موحدة، سيكون للبنتاغون سياسة وللخارجية سياسية وللكونغرس سياسة وللإعلام رؤية، وللرأي العام معارضة وسيدفع الثمن كل من وثق في دولة كبرى تعيش أزمة قيادة وقيم. كيف ينتصر ترامب ضد إيران والدولة الإسلامية وضد إيران ايضا وهو لا يميز بين الشعوب من جهة والدول والحركات من جهة اخرى؟
بقلم : د. شفيق ناظم الغبرا