كلَّ يومٍ أزدادُ قناعةً أنَّ هذا الكوكب معتوه! وفي اليوم الذي أجدُ هذه القناعة تهتزُّ قليلاً، يُطالعني خبرٌ يعيدُ إلى قناعتي رسوخها!
اليوم مثلاً قرأتُ خبراً في صحيفة «Mail online» عن قاتلٍ ومغتصبِ نساءٍ اسكتلنديٍّ حُكمَ عليه بالسجن المؤبد، وبعد أن قضى 12 عاماً في السّجن، أخبرَ إدارة السّجن أنه بقدرة قادرٍ قد تحوَّل لامرأةٍ! فنقلوه إلى سجن النِّساء! ثم هناك أخبرهم بأنه وبقدرة قادرٍ أيضاً قد تحوَّل إلى رضيع! فزوَّدوه بالسيريلاك، وحليب الأطفال، والمصاصات! وعندما يخرجونه من زنزانته للفسحة يطلب منهم أن يُمسكوا يده كي لا يقع! وهم يطيعونه طاعة الرعيّة للملكِ خوفاً من أن تثور عليهم جمعيات حقوق الإنسان!
عموماً أنا هنا أُقدِّمُ احتجاجين:
الأول: أن السيريلاك ليس خاصاً بالأطفال، فأنا أُحبُّه، وأُكافئ نفسي بعلبة بعد كل إنجازٍ عظيم!
الثاني: يجب أن يتم عندنا قبول فكرة تحول الإنسان لأي شيء يريده، لأني في هذا البرد القارس أرغب بالتحول إلى دبٍّ قطبي في فترة السُّبات الشتويّ!
بعيداً عن كل هذا العبط أعلاه، فطالما أنَّ الناس فيهم روح، ودماؤهم تجري في عروقهم، والشيطان يجري فيهم جري الدم في هذه العروق، فإن الشَّر سيبقى يقعُ منهم! المدينة الفاضلة التي دعا لها أفلاطون ليس لها مكان إلا في بطون الكُتب! ولم تعرف البشرية مجتمعاً فاضلاً كالذي كان في المدينة المنورة على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورغم هذا شربَ أُناس الخمر وجُلدوا، وزنى أُناسٌ ورُجموا، وهذا لا يقدح في كون المجتمع فاضلاً، لأن المجتمع الفاضل ليس الذي لا تقع فيه الأخطاء، وإنما هو الذي تقع فيه الأخطاء وتبقى نظرة الناس إليها على أنها أخطاء!
سيكون مجتمعنا فاضلاً وإن وقعتْ فيه السَّرقة ما دام يُنظر للسارق على أنه لص يجب عقابه!
وسيكون مجتمعنا فاضلاً وإن وقع فيه الزنى ما دام يُنظر للزنى على أنه فعل قبيح وذنب عظيم ولا نبحث له عن مبررات تارة باسم الحُب، وتارة بسبب الإهمال!
سيكون مجتمعنا فاضلاً وإن حصلت فيه الرشوة ما دمنا ننظرُ إلى المرتشي على أنه فاسد لا على أنه شخص حَذِقٌ يعرفُ من أين تُؤكل الكتف!
سيكون مجتمعنا فاضلاً وإن ظُلمت في البيت زوجة، أو قُطعتْ في عائلة رحمٌ، أو طال أبوين العقوق، ما دمنا نعتقدُ أن الزوجة يجب أن تُصان وتُحترم، والرحم يجب أن يوصل، والأبوان يجب أن يُبَرَّا!
فساد المجتمعات مرهون بفساد قيمه وفطرته، ونظرته إلى الأخطاء التي تقع فيه!
سموا الأشياء بمسمياتها لا تُجملوا الحرام ولا تميعوا الحلال!
اسمه شذوذ وليس مثلية، واسمها دياثة وليس انفتاحاً، واسمه تبرج وليس موضة، واسمه خمر وليس مشروباتٍ روحية، واسمه زنى وليس علاقة عاطفية!