+ A
A -
عناصر مهمة طرأت على المشهد السياسي والميداني العسكري واللوجستي في اليمن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، قد تُعطي مؤشراً لفرصة مختلفة لإنهاء الحرب بنصر مزدوج يكسر قوة التدخل الإيراني، ويُعيد اليمن الجمهورية إلى سلطة شرعية كانت المفصل الأهم في الحفاظ على اليمن من حالة الانهيار التام والمذابح الكبرى التي عاشتها سوريا وليبيا أمام فوضى ما بعد عرقلة الربيع العربي، ودعم التوحش ضده من داخل ميدانه وخارجه.
هذه الشرعية التي بقيت في اليمن رغم كل مراحل إضعافها هي في الحقيقة بعد رعاية الله، مخرج الأزمة وأيقونة الحفاظ على العهدة الوطنية الجامعة لليمن بكل شرائحه بمن فيهم الحوثيون حين يراجعون المشهد من حولهم، ولذلك فإن القوة الميدانية والحضور السياسي الذي حققته الشرعية مؤخراً وأعاد لها زخمها، سيلعب الدور المركزي لإعادة صياغة المشروع السياسي والمصالحة الوطنية، وخاصة بعد معركة الساحل.
ولعل أول عناصر المشهد وأهمها للمراقب ليس الحديث عن متغيرات الإقليم بعد ترامب، وإنما الموقع الذي اكتسبته الجمهورية اليمينة الموحدة مؤخراً في الميدان العسكري في مواقع مهمة، والاجتماعي في صنعاء (ولا بد من صنعا وإن طال السفر)، والانتصارات التي مجموعها يمثل تعديلاً مهماً لخلاصات خريطة الحرب، وحضور الجيش الوطني.
والثاني قناعة جنوبية لشريحة مهمة مؤمنة بحقوقها وفيدراليتها المستحقة، بخطورة الفوضى التي كانت تُدفع اليها، لإشعال حرب مع الشمال اليمني ومع الشرعية والجيش الوطني في قلب المعركة، كانت تتقاطع مع مشروع إيران المركزي ودفع الجنوب والشمال إلى حروب جهنم تفتيتية لا تُبقي ولا تذر، ومنها ما أعلنته قطاعات في المقاومة في الجنوب لتوحيد المركز الوطني ومنع أي من خلايا أو قيادات وظيفية موجهة من إقليم عربي تعبث بمصير اليمن وسلمه لا وحدته فقط.
إن صعود صوت الفريق الثالث في الجنوب الذي يتمسك بضرورات تحقيق معادلة اقتصادية وإدارية للجنوبيين بعد توحش صالح ومنظومته على الجنوب والنهب المنظم، ويتمسك بوحدة الحرب أمام إيران ورفض مشروع تمزيق المجتمع حتى تستقر أمور اليمن ويطلق مشروع مصالحة فيدرالي، هو في الحقيقة قوة لمواجهة المشروع الإيراني، وضمان تأمين الجنوب ذاته من كوارث دموية عاصفة بين قوى تطرف وتوظيف كانت ستحوله حقلا للعنف المجنون.
وهنا لا ندري هل بدأت تفاهمات عمانية- سعودية في اتجاه مصالحة وحسم للحرب بقيادة الشرعية في ظل المخاوف التي تهددهما في لعبة الجنوب، وهل ما جرى في الميدان حمل رسالة وعي جديد في الرياض بضرورة تقوية الإسناد المركزي للشرعية وكل حلفائها من كل شرائح اليمن بمن فيهم الإسلاميون، هذا ما نراه في الاتجاه الصحيح للسعودية ولليمن واستقراره ولكل الخليج العربي.
إن الفرصة اليوم تلوح بصورة أوضح في ظل الحالة الانتقالية للإدارة الأميركية، ومواقفها المزعومة حتى اليوم مع إيران، ليس للمراهنة عليها فتدخلها العسكري الفوضوي الأخير أدى إلى مجزرة شهدها أهل اليمن كأول رسالة لترامب، لكن المقصود حصول الرياض والشرعية على دعم يوقف تفاهمات أوباما مع إيران عن اليمن ويعزز الحصار اللوجستي، الذي سيفتح الباب لإنهاء الحرب وعقد المصالحة السياسية.
وهنا ندرك كما يدرك الجميع أن الأمر ليس مطروحا لحرب إبادة لأي شريحة ولا جهة، وإنما خلق توازنات تضغط وتحفّز كل الأطراف لمصالحة تعيد كامل الصلاحيات للشرعية وتفتح برنامج مرحلة انتقالية لن تمنع الصراع والتنافس السياسي، وسيبقى تدخل إيران موجوداً لكن سيحبط مشروع إسقاط اليمن في نموذج العراق وسوريا.
إن كل الحالة الوطنية في اليمن وكل شرائحها مدعوة للتفكير الجاد بهذه الفرصة وحاجة المؤتمر الشعبي للضغط على صالح لوقف إمدادات الحرب وتطويق انفجاراتها، كما أن الحالة الحوثية تحتاج إلى تفصيل، فالردة عن مدرسة الإمام زيد رضي الله عنه، والاقتران بالشيعية السياسية في أقبح معالمها قد بلغ ذروته في مجموعة وليس كل الجماعة.
كما أن مفهوم هذه الردة والخروج عن أصول المدرسة الزيدية المعتدلة لا يزال حديث عهد، فيجب أن يُبنى على إمكانية إعادة المشهد الديني الاجتماعي اليمني إلى ما قبل اجتياح الغلو السلفي والشيعي الطائفي أرضه، والدولة المدنية المستقرة ستستوعب كل الجماعات حين يفعّل فيه الحق الدستوري، ويشتغل الناس بإعمار الأرض الحقوقية لا خراب الطائفية.
بقلم : مهنا الحبيل
هذه الشرعية التي بقيت في اليمن رغم كل مراحل إضعافها هي في الحقيقة بعد رعاية الله، مخرج الأزمة وأيقونة الحفاظ على العهدة الوطنية الجامعة لليمن بكل شرائحه بمن فيهم الحوثيون حين يراجعون المشهد من حولهم، ولذلك فإن القوة الميدانية والحضور السياسي الذي حققته الشرعية مؤخراً وأعاد لها زخمها، سيلعب الدور المركزي لإعادة صياغة المشروع السياسي والمصالحة الوطنية، وخاصة بعد معركة الساحل.
ولعل أول عناصر المشهد وأهمها للمراقب ليس الحديث عن متغيرات الإقليم بعد ترامب، وإنما الموقع الذي اكتسبته الجمهورية اليمينة الموحدة مؤخراً في الميدان العسكري في مواقع مهمة، والاجتماعي في صنعاء (ولا بد من صنعا وإن طال السفر)، والانتصارات التي مجموعها يمثل تعديلاً مهماً لخلاصات خريطة الحرب، وحضور الجيش الوطني.
والثاني قناعة جنوبية لشريحة مهمة مؤمنة بحقوقها وفيدراليتها المستحقة، بخطورة الفوضى التي كانت تُدفع اليها، لإشعال حرب مع الشمال اليمني ومع الشرعية والجيش الوطني في قلب المعركة، كانت تتقاطع مع مشروع إيران المركزي ودفع الجنوب والشمال إلى حروب جهنم تفتيتية لا تُبقي ولا تذر، ومنها ما أعلنته قطاعات في المقاومة في الجنوب لتوحيد المركز الوطني ومنع أي من خلايا أو قيادات وظيفية موجهة من إقليم عربي تعبث بمصير اليمن وسلمه لا وحدته فقط.
إن صعود صوت الفريق الثالث في الجنوب الذي يتمسك بضرورات تحقيق معادلة اقتصادية وإدارية للجنوبيين بعد توحش صالح ومنظومته على الجنوب والنهب المنظم، ويتمسك بوحدة الحرب أمام إيران ورفض مشروع تمزيق المجتمع حتى تستقر أمور اليمن ويطلق مشروع مصالحة فيدرالي، هو في الحقيقة قوة لمواجهة المشروع الإيراني، وضمان تأمين الجنوب ذاته من كوارث دموية عاصفة بين قوى تطرف وتوظيف كانت ستحوله حقلا للعنف المجنون.
وهنا لا ندري هل بدأت تفاهمات عمانية- سعودية في اتجاه مصالحة وحسم للحرب بقيادة الشرعية في ظل المخاوف التي تهددهما في لعبة الجنوب، وهل ما جرى في الميدان حمل رسالة وعي جديد في الرياض بضرورة تقوية الإسناد المركزي للشرعية وكل حلفائها من كل شرائح اليمن بمن فيهم الإسلاميون، هذا ما نراه في الاتجاه الصحيح للسعودية ولليمن واستقراره ولكل الخليج العربي.
إن الفرصة اليوم تلوح بصورة أوضح في ظل الحالة الانتقالية للإدارة الأميركية، ومواقفها المزعومة حتى اليوم مع إيران، ليس للمراهنة عليها فتدخلها العسكري الفوضوي الأخير أدى إلى مجزرة شهدها أهل اليمن كأول رسالة لترامب، لكن المقصود حصول الرياض والشرعية على دعم يوقف تفاهمات أوباما مع إيران عن اليمن ويعزز الحصار اللوجستي، الذي سيفتح الباب لإنهاء الحرب وعقد المصالحة السياسية.
وهنا ندرك كما يدرك الجميع أن الأمر ليس مطروحا لحرب إبادة لأي شريحة ولا جهة، وإنما خلق توازنات تضغط وتحفّز كل الأطراف لمصالحة تعيد كامل الصلاحيات للشرعية وتفتح برنامج مرحلة انتقالية لن تمنع الصراع والتنافس السياسي، وسيبقى تدخل إيران موجوداً لكن سيحبط مشروع إسقاط اليمن في نموذج العراق وسوريا.
إن كل الحالة الوطنية في اليمن وكل شرائحها مدعوة للتفكير الجاد بهذه الفرصة وحاجة المؤتمر الشعبي للضغط على صالح لوقف إمدادات الحرب وتطويق انفجاراتها، كما أن الحالة الحوثية تحتاج إلى تفصيل، فالردة عن مدرسة الإمام زيد رضي الله عنه، والاقتران بالشيعية السياسية في أقبح معالمها قد بلغ ذروته في مجموعة وليس كل الجماعة.
كما أن مفهوم هذه الردة والخروج عن أصول المدرسة الزيدية المعتدلة لا يزال حديث عهد، فيجب أن يُبنى على إمكانية إعادة المشهد الديني الاجتماعي اليمني إلى ما قبل اجتياح الغلو السلفي والشيعي الطائفي أرضه، والدولة المدنية المستقرة ستستوعب كل الجماعات حين يفعّل فيه الحق الدستوري، ويشتغل الناس بإعمار الأرض الحقوقية لا خراب الطائفية.
بقلم : مهنا الحبيل