لم ينجح الرئيس الفرنسي ومجموعته الرئاسية في الحصول على فوز مريح خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة بل أظهرت النتائج التقارب الشديد بين معسكر اليمين بقيادة رئيس الجمهورية ومعسكر اليسار بقيادة جون لوك ميلانشون، فقد تحصل تكتل اليسار والخضر على نسبة 26,10 في المائة بينما حصد التحالف الرئاسي 25,81 في المائة حسب صحيفة لوموند. وهو الأمر الذي يعني أن رئيس الجمهورية لن يحصل على الأغلبية اللازمة في البرلمان الأمر الذي يعدّ سابقة في التشريعيات الفرنسية منذ 2002 في صورة تعززت هذه النتائج خلال الدور الثاني. حل في المرتبة الثالثة التجمع الوطني بقيادة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بنسبة 18,7 في المائة وهو ما يضمن لها تواجدا مريحا في المشهد السياسي مستقبلا. من جهة ثانية تميزت هذه الانتخابات بانفجار نسبة العزوف عن التصويت والتي بلغت معدلا قياسيا بنسبة 52,49 في المائة من مجموع المسجلين. وهي النسبة التي أثارت جدلا واسعا بين الملاحظين الذين صرّح بعضهم بأن «العزوف عن التصويت هو الفائز الوحيد في هذه الانتخابات». باستثناء بعض المفاجآت الفردية حول فشل بعض المرشحين وصعود آخرين بشكل غير منتظر في عدد من المراكز الانتخابية فإنّ المشهد البرلماني الفرنسي سيعرف ثلاثة احتمالات ممكنة:أما الاحتمال الأول فيتمثل في نجاح الرئيس ماكرون في الحصول على الأغلبية المطلقة إذا تمكنت الأحزاب المتحالفة معه من الفوز بعدد 289 من المقاعد البرلمانية من جملة 577 مقعدا من مقاعد المجلس النيابي. في هذه الحالة سيتمكّن الرئيس من تنفيذ مشاريعه الرئاسية للعهدة الثانية كما كان الحال في العهدة الأولى حين تحصل مع حلفائه على 350 مقعدا نيابيا.يتمثل الاحتمال الثاني في الحصول على أغلبية نسبية أي دون بلوغ عدد 289 مقعدا وهو ما سيجعل من مهمة الرئيس مهمة معقدة وسيفرض عليه التوجّه نحو حلّين: أما الأول فيتمثل في البحث عن تحالف مع بقية العائلات السياسية حتى يتمكن من تحقيق الأغلبية النيابية التي تسمح له بتمرير نصوص القوانين. وأما الحلّ الثاني فيكون بأن يمارس الرئيس سلطاته بالعدد الذي حصل عليه مع إمكانية المحافظة على رئيسة الوزراء الحالية إليزابت بورن. أما ثالث الاحتمالات وأكثرها خطرا على الرئيس الحالي فهي أن يتحصّل خصمه اليساري ميلانشون على الأغلبية النيابية في مجلس النواب خلال الدور الثاني. عندها سيفقد الرئيس تقريبا كل سلطاته التنفيذية مع البقاء قائدا أعلى للقوات المسلّحة وستكون السلطة الحقيقية في يد الأغلبية البرلمانية التي ستحدد رئاسة الحكومة وسياسة الدولة.محمد هنيدأستاذ محاضر بحامعة السوربونhnidmohamed@gmail.com -
آراء و قضايا
الانتخابات التشريعية الفرنسية
محمد هنيد
Jun 16, 2022
شارك