+ A
A -
تحتفل ليبيا الثورة اليوم بذكرى ثورة فبراير المجيدة، حيث عمت الاحتفالات كل المدن الليبية المحررة من قبضة القذافي ومليشياته سابقاً أو تلك التي لم تسقط بين براثن الانقلابيين لاحقاً.. الاحتفالات كانت عامة ولم تشهد أي أحداث عنف أو فوضى مما يكذب كل الادعاءات التي تروج لنظرية انتشار الفوضى والسلاح في المدن الليبية وانتشار التناحر والتقاتل.
يشكل المشهد الليبي واحداً من أهم المشاهد قدرة على قراءة الوضع العربي بشكل عام بعد ثورات الشعوب الأخيرة التي لاتزال أصداؤها تترد في كل أرجاء الوطن الكبير.. ثورة فبراير العظيمة نجحت في دك واحد من أكبر الصروح الاستبدادية في المنطقة العربية وأسقطت نظام الطاغية القذافي الذي جثم على قلوب الليبيين وعلى مصيرهم لأكثر من أربعة عقود.. الثورة الليبية تمثل فاتحة الموجة الثورية الثانية التي كانت موجة فرض فيها النظام الاستبدادي الحل المسلح على الثورة والثوار الذين نجحوا بعد المعركة في إسقاط الطاغية وتحرير ليبيا وشعبها من ربقة القمع.
لكن ككل الثورات العربية تحركت الثورة المضادة بسرعة كبيرة من أجل الانقلاب على المنجز الثوري والإطاحة بالدولة الجديدة الناشئة في ليبيا ومنع الليبيين من استكمال شروط السيادة على أرضهم.. فالجنرال الانقلابي حفتر الذي يتزعم المجموعة الانقلابية في الشرق الليبي يمثل رأس حربة مشروع المجتمع الدولي في الإطاحة بالثورة الليبية.
لكن من زاوية أخرى حقق المشروع الانقلابي فشلاً ذريعاً رغم كل المليارات التي صرفت عربياً وخليجياً ودولياً من أجل إنجاحه ولم يستطع الجنرال الاستيلاء على مدينة واحدة فضلاً عن الاستيلاء على كل ليبيا.. سقط الانقلاب في ليبيا وسقطت معه المشاريع الدولية في الإطاحة بالثورة الليبية مثلما نجحوا في مصر بالانقلاب على الثورة المصرية وعلى التجربة الناشئة.
الجميع اليوم في الداخل والخارج على قناعة تامة بأن الاستيلاء على التجربة الليبية بالقوة العسكرية صار أمراً مستحيلاً على الأرض. لكن مكر القوى الاستعمارية الدولية التي تمسك بالملف الليبي عمل منذ البداية على الموازنة بين المساعي الدبلوماسية من جهة أولى ودعم العمليات العسكرية على الأرض. وليست مجمل الوساطات التي أجريت من أجل تسوية المسألة الليبية إلا جزءا من المشروع الاستعماري الدولي على ليبيا.
اليوم تتواتر المقترحات والمساعي سواء تلك الصادرة عن دول الجوار الليبي أو المتعلقة بالمبادرات الدولية في ظل وضع دولي قاتم تسيطر عليه الفوضى وتغوّل اليمين المتطرف في أماكن كثيرة من العالم وعلى رأسها القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.
إنّ الحل في ليبيا لن يكون إلا ليبيا ليبيا وهو حلّ سينبع من الأرض الليبية مثلما نبعت ثورة فبراير العظيمة من الأرض الليبية نفسها ولن تنجح كل المساعي الخارجية في تسوية الوضع الليبي ما لم يتفق الليبيون أنفسهم على تقرير مصيرهم ومصير أبنائهم بأنفسهم.
بقلم : محمد هنيد
يشكل المشهد الليبي واحداً من أهم المشاهد قدرة على قراءة الوضع العربي بشكل عام بعد ثورات الشعوب الأخيرة التي لاتزال أصداؤها تترد في كل أرجاء الوطن الكبير.. ثورة فبراير العظيمة نجحت في دك واحد من أكبر الصروح الاستبدادية في المنطقة العربية وأسقطت نظام الطاغية القذافي الذي جثم على قلوب الليبيين وعلى مصيرهم لأكثر من أربعة عقود.. الثورة الليبية تمثل فاتحة الموجة الثورية الثانية التي كانت موجة فرض فيها النظام الاستبدادي الحل المسلح على الثورة والثوار الذين نجحوا بعد المعركة في إسقاط الطاغية وتحرير ليبيا وشعبها من ربقة القمع.
لكن ككل الثورات العربية تحركت الثورة المضادة بسرعة كبيرة من أجل الانقلاب على المنجز الثوري والإطاحة بالدولة الجديدة الناشئة في ليبيا ومنع الليبيين من استكمال شروط السيادة على أرضهم.. فالجنرال الانقلابي حفتر الذي يتزعم المجموعة الانقلابية في الشرق الليبي يمثل رأس حربة مشروع المجتمع الدولي في الإطاحة بالثورة الليبية.
لكن من زاوية أخرى حقق المشروع الانقلابي فشلاً ذريعاً رغم كل المليارات التي صرفت عربياً وخليجياً ودولياً من أجل إنجاحه ولم يستطع الجنرال الاستيلاء على مدينة واحدة فضلاً عن الاستيلاء على كل ليبيا.. سقط الانقلاب في ليبيا وسقطت معه المشاريع الدولية في الإطاحة بالثورة الليبية مثلما نجحوا في مصر بالانقلاب على الثورة المصرية وعلى التجربة الناشئة.
الجميع اليوم في الداخل والخارج على قناعة تامة بأن الاستيلاء على التجربة الليبية بالقوة العسكرية صار أمراً مستحيلاً على الأرض. لكن مكر القوى الاستعمارية الدولية التي تمسك بالملف الليبي عمل منذ البداية على الموازنة بين المساعي الدبلوماسية من جهة أولى ودعم العمليات العسكرية على الأرض. وليست مجمل الوساطات التي أجريت من أجل تسوية المسألة الليبية إلا جزءا من المشروع الاستعماري الدولي على ليبيا.
اليوم تتواتر المقترحات والمساعي سواء تلك الصادرة عن دول الجوار الليبي أو المتعلقة بالمبادرات الدولية في ظل وضع دولي قاتم تسيطر عليه الفوضى وتغوّل اليمين المتطرف في أماكن كثيرة من العالم وعلى رأسها القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.
إنّ الحل في ليبيا لن يكون إلا ليبيا ليبيا وهو حلّ سينبع من الأرض الليبية مثلما نبعت ثورة فبراير العظيمة من الأرض الليبية نفسها ولن تنجح كل المساعي الخارجية في تسوية الوضع الليبي ما لم يتفق الليبيون أنفسهم على تقرير مصيرهم ومصير أبنائهم بأنفسهم.
بقلم : محمد هنيد