أي جهاز اعلامي افضل نختاره للتدريب الميداني في سنتنا الاخيرة بكلية الاعلام في جامعة قطر؟ سؤال لم استطع الاجابة عنه ليس لعدم وجود جهاز أو اجهزة اعلامية تقبل التدريب، ولكن حتى لا اتهم بالتحيز لجهاز دون آخر، فلدينا والحمد لله «اذاعة قطر وهي اقدم جهاز اعلامي في البلاد، ولدينا تلفاز قطر القناة الأولى والثانية والفضائية، ولدينا قناة الجزيرة، والريان ولدينا أربع مؤسسات صحفية تصدر مطبوعات يومية واسبوعية وشهرية، ولدينا وكالة الانباء القطرية».. وقريبا ينضم مركز الوطن للتدريب وامس الأول تجدد السؤال من طالبتين في الاعلام.. محتارتين في التوجه، نحو أي جهاز.. ووعدت بالرد في مقالة.
وايضا اجد صعوبة في اختيار جهاز وتحديدا في مقالتي، ولكن سأورد الحكاية التالية:
في العام 1967، كنت طالبا في المرحلة الثانوية فاستهوتني الاذاعة، وبدأت ادرب صوتي في المنزل، واخاطب الجمهور واعد واقدم البرامج استعدادا - كما تهيأ لي- لبدء مرحلة العمل في الحقل الاذاعي، وبعد تسجيل صوتي على شريط كاسيت «أبو بكرة» قارنته مع صوت اذاعي ينطلق من لندن فوجدت انني لا اصلح مذيعا.. ولكنني لم أيأس، فاتصلت بالسيدة كوثر النشاشيبي التي كانت تقدم آنذاك برنامج «سلامي لكم» تنقل من خلاله تحيات «النازحين» و«اللاجئين» و«الفارين» من الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان.
واندهشت من سؤالي: هل صوتي اذاعي؟! اجابت: انا مسؤولة عن تقديم السلامات للأهل المنزرعين في مساكنهم في وطنهم فلسطين.. وبدأت اقرأ على الهواء رسالتي.. لم اصدق نفسي وصوتي ينطلق على الهواء.. فأعدت الاتصال: فقالت تحتاج إلى تدريب ولكن بعدك مازلت صغيرا فواصل تعليمك، وبعد ان تتخرج، أو وانت في سنتك النهاية من تخصصك، ممكن ان تأتي للتدريب، ودارت الايام، ونسيت الحكاية واوقفت تدربي المنزلي.. ودارت السنوات وجاءني صوت كوثر النشاشيبي عام 1994 وانا مدير تحرير صحيفة اسبوعية في الاردن، تعتب على مقالة تنتقد مذيعة ناشئة، فاسترجعت معها اتصالي بها قبل 27 عاما.. قالت: اوه وكيف لي ان اذكر، وقد تدرب معي عشرات المذيعات والمذيعين، وأضافت على كل الإنسان مسير وليس مخيرا وانت سيِّرت للصحافة، وعادت توجه لومها للمقال الناقد وقالت:
اذا لم نقف مع الناشئة فمن اين نخلق جيلا ثانيا ليكون هو الجيل الأول بعد عقود.. شكرتها على اتصالها.. وكبرت فيها وقوفها إلى جانب مذيعة جديدة.. فقالت: هذا واجبي.. وعندما سألتها: ألا تخشين ان يحتل الجيل الجديد مكانك وتستغني عنك الاذاعة كما يخشى الآخرون؟ فقالت: المذيعة القديرة والمذيع القدير والصحفي القدير، والصحفية القديرة هم الاكثر تفهما، والاكثر عطاء للمتدرب، ومن تقصدهم - أي الذين يخافون على مناصبهم هم الذين لا يثقون بقدراتهم وانا واحدة من المذيعات التي يسعدها جدا ان تتفوق عليها تلميذتها.
هذه الحكاية القديمة تجددت مع السؤال فعلى كل باحث اوباحثة عن مكان للتدريب ان يبحثوا عن اصحاب كفاءات لا يخافون على مناصبهم سواء كانوا في الاعلام المرئي أو المسموع أو المقروء. واصحاب الكفاءات في الاجهزة الاعلامية في قطر كثر.. وهناك من يتحلون باخلاق التدريب «الكوثرية» ولم اشأ ان اذكر احدهم حتى لا اتهم بالتحيز لمذيعة أو مذيع آخر أو لصحيفة على اخرى.. وعلى الطلبة السائلين ان يسألوا عن هذه الكفاءات فليس هناك اجمل من العطاء، وليــــس هناك اجمل من ان تشعر بأن تلميذك اصبح استاذك في يوم من الأيام، وتلميذي استاذي حكــاية اخرى.. سأرويها.
نبضة أخيرة
تهرب منها إليها.. فالحقيقة أنها منك وأنت منها!
بقلم : سمير البرغوثي
وايضا اجد صعوبة في اختيار جهاز وتحديدا في مقالتي، ولكن سأورد الحكاية التالية:
في العام 1967، كنت طالبا في المرحلة الثانوية فاستهوتني الاذاعة، وبدأت ادرب صوتي في المنزل، واخاطب الجمهور واعد واقدم البرامج استعدادا - كما تهيأ لي- لبدء مرحلة العمل في الحقل الاذاعي، وبعد تسجيل صوتي على شريط كاسيت «أبو بكرة» قارنته مع صوت اذاعي ينطلق من لندن فوجدت انني لا اصلح مذيعا.. ولكنني لم أيأس، فاتصلت بالسيدة كوثر النشاشيبي التي كانت تقدم آنذاك برنامج «سلامي لكم» تنقل من خلاله تحيات «النازحين» و«اللاجئين» و«الفارين» من الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان.
واندهشت من سؤالي: هل صوتي اذاعي؟! اجابت: انا مسؤولة عن تقديم السلامات للأهل المنزرعين في مساكنهم في وطنهم فلسطين.. وبدأت اقرأ على الهواء رسالتي.. لم اصدق نفسي وصوتي ينطلق على الهواء.. فأعدت الاتصال: فقالت تحتاج إلى تدريب ولكن بعدك مازلت صغيرا فواصل تعليمك، وبعد ان تتخرج، أو وانت في سنتك النهاية من تخصصك، ممكن ان تأتي للتدريب، ودارت الايام، ونسيت الحكاية واوقفت تدربي المنزلي.. ودارت السنوات وجاءني صوت كوثر النشاشيبي عام 1994 وانا مدير تحرير صحيفة اسبوعية في الاردن، تعتب على مقالة تنتقد مذيعة ناشئة، فاسترجعت معها اتصالي بها قبل 27 عاما.. قالت: اوه وكيف لي ان اذكر، وقد تدرب معي عشرات المذيعات والمذيعين، وأضافت على كل الإنسان مسير وليس مخيرا وانت سيِّرت للصحافة، وعادت توجه لومها للمقال الناقد وقالت:
اذا لم نقف مع الناشئة فمن اين نخلق جيلا ثانيا ليكون هو الجيل الأول بعد عقود.. شكرتها على اتصالها.. وكبرت فيها وقوفها إلى جانب مذيعة جديدة.. فقالت: هذا واجبي.. وعندما سألتها: ألا تخشين ان يحتل الجيل الجديد مكانك وتستغني عنك الاذاعة كما يخشى الآخرون؟ فقالت: المذيعة القديرة والمذيع القدير والصحفي القدير، والصحفية القديرة هم الاكثر تفهما، والاكثر عطاء للمتدرب، ومن تقصدهم - أي الذين يخافون على مناصبهم هم الذين لا يثقون بقدراتهم وانا واحدة من المذيعات التي يسعدها جدا ان تتفوق عليها تلميذتها.
هذه الحكاية القديمة تجددت مع السؤال فعلى كل باحث اوباحثة عن مكان للتدريب ان يبحثوا عن اصحاب كفاءات لا يخافون على مناصبهم سواء كانوا في الاعلام المرئي أو المسموع أو المقروء. واصحاب الكفاءات في الاجهزة الاعلامية في قطر كثر.. وهناك من يتحلون باخلاق التدريب «الكوثرية» ولم اشأ ان اذكر احدهم حتى لا اتهم بالتحيز لمذيعة أو مذيع آخر أو لصحيفة على اخرى.. وعلى الطلبة السائلين ان يسألوا عن هذه الكفاءات فليس هناك اجمل من العطاء، وليــــس هناك اجمل من ان تشعر بأن تلميذك اصبح استاذك في يوم من الأيام، وتلميذي استاذي حكــاية اخرى.. سأرويها.
نبضة أخيرة
تهرب منها إليها.. فالحقيقة أنها منك وأنت منها!
بقلم : سمير البرغوثي