+ A
A -
فلا أكون أنا ألأم الثلاثة!
القائل: المنذر بن ماء السماء، أما القصة، فقد تحدثنا في الأسبوع الماضي أن المنذر جعل له في العام يوم سعد ويوم بؤس، فأول من لقيه يوم سعده أعطاه مائة ناقة، وأول من لقيه يوم بؤسه قتله، تماما كما فعل بعبيد بن الأبرص. وأنه خرج في يوم بؤسه فكان أول من طلع عليه رجل من طيء أخرجه الفقر والحاجة ليطلب شيئًا لأولاده، فلما وقف بين يدي المنذر علم أنه مقتول لا محالة!
فقال للمنذر: حيا الله الملك، إن لي صبية صغارًا وأهلًا جياعًا، وقد أرقتُ ماء وجهي في طلب الذي معي لهم، فإن أذنتَ أن أذهب إليهم فأعطيهم ما جمعتُ وأعود إليكَ لتقتلني، فقال المنذر: لا آذنُ لكَ حتى يضمنك رجلٌ منا أنك ستعود فإن لم تعد قتلته مكانك! فالتفتَ الطائي إلى شريك بن عدي وكان نديمًا للمنذر، وقال له: لقد بلغني خبر مروءتك فهل أنت ضامني حتى أدفع لأهلي وأعود؟! فقبل شريك وذهب الطائي، ثم لما صار العصر، قال المنذر لشريك: لم يرجع صاحبك، فقم وتجهز للقتل! فقال شريك: ليس للملك عليّ سبيل حتى تغرب الشمس، فلما كادت الشمس أن تغرب قال المنذر لشريك: قم للقتل، ولما قام شريك، نظر القوم فإذا رجل جاء من بعيد يركض، فإذا هو الطائي، فلما وقف على المنذر قال له: الآن فليكن أمرك! فأطرق المنذر ثم قال: ما رأيتُ أعجب من اليوم، فأما أنت أيها الطائي فلم تترك لأحد في الوفاء بعدك لأحد مكانًا، فما حملك أن تعود؟! فقال: كي لا يذهب الوفاء من الناس! وقال لشريك: أما أنت فلم تترك لأحد في المروءة بعدك مكانًا، فما حملك على ضمانة الطائي؟ فقال: كي لا تذهب المروءة من الناس! فقال المنذر: أما أنا والله لا أكون ألأم الثلاثة، أشهدكم أني قد رفعتُ يوم بؤسي عن الناس!
الدرس الأول:
لا تكن سببًا في انقطاع الخير من الدنيا! إذا استدنت مالًا فأده فإنك إذا لم تفعل فكيف يمد من أعانك يده إلى غيرك؟ وإن وعدت ففِ بوعدك، فإن أخلفت فكيف سيصدق الناس الوعود بعد فعلتك، لا تنظر للأمور من زاوية شخصية ضيقة، الأمر أكبر من هذا، نحن نشجع الآخرين على فعل الخير، وإعطاء الأشخاص فرصًا ثانية، فلا تحفر للخير قبرًا وتهيل عليه تراب سوء أفعالك!
الدرس الثاني:
من أمّنك لا تخنه وإن كنتَ خوانًا، الأسود المفترسة لا تفترس أولئك الذين ربوها صغارًا ولو جاعوا، فإذا كان الإحسان قد منع الحيوان أن يتصرف بطبعه السيئ وهو حيوان، فالإنسان أولى بهذا وهو إنسان، لا تُكذّب من صدقك، ولا تغدر بمن أمنك، ولا تكن عدوًا لمن ألبسك ثوب الصداقة، كن عدوًا بشرف، أو صديقًا بشرف، لأن كل شيء في الحياة إذا ذهب قد يعود إلا الشرف!
الدرس الثالث:
اشفع شفاعة حسنة، الحياة صعبة والناس فيها يحتاجون لمن يسندهم، بين أختك وزوجها اشفع، بين جارك وجارك أصلح، وبين مديرك وزميلك قرّب المسافات، كل يد تمدها اليوم هي يد تدخرها للغد، وكلنا سنحتاج للآخرين يومًا، فإن كنت اليوم قويًا فلن تكون في الغد كذلك، وإن كنت غنيًا اليوم، فلن تكون في الغد كذلك، فخبئ للغد خبيئة!
الدرس الرابع:
لا تكن ألأم الجميع! إذا اتفق الناس على الصلح فلا تفسده، وإذا اتفق الناس على المساعدة فلا تحرض عليها، وإذا لم تكن رأسًا في الخير فلا تكن رأسًا في الشر، على الأقل تنحَ جانبًا ودع الخير يجري، الخير كالماء يحتاج أرضًا منبسطة، فلا تكن سدًا!
القائل: المنذر بن ماء السماء، أما القصة، فقد تحدثنا في الأسبوع الماضي أن المنذر جعل له في العام يوم سعد ويوم بؤس، فأول من لقيه يوم سعده أعطاه مائة ناقة، وأول من لقيه يوم بؤسه قتله، تماما كما فعل بعبيد بن الأبرص. وأنه خرج في يوم بؤسه فكان أول من طلع عليه رجل من طيء أخرجه الفقر والحاجة ليطلب شيئًا لأولاده، فلما وقف بين يدي المنذر علم أنه مقتول لا محالة!
فقال للمنذر: حيا الله الملك، إن لي صبية صغارًا وأهلًا جياعًا، وقد أرقتُ ماء وجهي في طلب الذي معي لهم، فإن أذنتَ أن أذهب إليهم فأعطيهم ما جمعتُ وأعود إليكَ لتقتلني، فقال المنذر: لا آذنُ لكَ حتى يضمنك رجلٌ منا أنك ستعود فإن لم تعد قتلته مكانك! فالتفتَ الطائي إلى شريك بن عدي وكان نديمًا للمنذر، وقال له: لقد بلغني خبر مروءتك فهل أنت ضامني حتى أدفع لأهلي وأعود؟! فقبل شريك وذهب الطائي، ثم لما صار العصر، قال المنذر لشريك: لم يرجع صاحبك، فقم وتجهز للقتل! فقال شريك: ليس للملك عليّ سبيل حتى تغرب الشمس، فلما كادت الشمس أن تغرب قال المنذر لشريك: قم للقتل، ولما قام شريك، نظر القوم فإذا رجل جاء من بعيد يركض، فإذا هو الطائي، فلما وقف على المنذر قال له: الآن فليكن أمرك! فأطرق المنذر ثم قال: ما رأيتُ أعجب من اليوم، فأما أنت أيها الطائي فلم تترك لأحد في الوفاء بعدك لأحد مكانًا، فما حملك أن تعود؟! فقال: كي لا يذهب الوفاء من الناس! وقال لشريك: أما أنت فلم تترك لأحد في المروءة بعدك مكانًا، فما حملك على ضمانة الطائي؟ فقال: كي لا تذهب المروءة من الناس! فقال المنذر: أما أنا والله لا أكون ألأم الثلاثة، أشهدكم أني قد رفعتُ يوم بؤسي عن الناس!
الدرس الأول:
لا تكن سببًا في انقطاع الخير من الدنيا! إذا استدنت مالًا فأده فإنك إذا لم تفعل فكيف يمد من أعانك يده إلى غيرك؟ وإن وعدت ففِ بوعدك، فإن أخلفت فكيف سيصدق الناس الوعود بعد فعلتك، لا تنظر للأمور من زاوية شخصية ضيقة، الأمر أكبر من هذا، نحن نشجع الآخرين على فعل الخير، وإعطاء الأشخاص فرصًا ثانية، فلا تحفر للخير قبرًا وتهيل عليه تراب سوء أفعالك!
الدرس الثاني:
من أمّنك لا تخنه وإن كنتَ خوانًا، الأسود المفترسة لا تفترس أولئك الذين ربوها صغارًا ولو جاعوا، فإذا كان الإحسان قد منع الحيوان أن يتصرف بطبعه السيئ وهو حيوان، فالإنسان أولى بهذا وهو إنسان، لا تُكذّب من صدقك، ولا تغدر بمن أمنك، ولا تكن عدوًا لمن ألبسك ثوب الصداقة، كن عدوًا بشرف، أو صديقًا بشرف، لأن كل شيء في الحياة إذا ذهب قد يعود إلا الشرف!
الدرس الثالث:
اشفع شفاعة حسنة، الحياة صعبة والناس فيها يحتاجون لمن يسندهم، بين أختك وزوجها اشفع، بين جارك وجارك أصلح، وبين مديرك وزميلك قرّب المسافات، كل يد تمدها اليوم هي يد تدخرها للغد، وكلنا سنحتاج للآخرين يومًا، فإن كنت اليوم قويًا فلن تكون في الغد كذلك، وإن كنت غنيًا اليوم، فلن تكون في الغد كذلك، فخبئ للغد خبيئة!
الدرس الرابع:
لا تكن ألأم الجميع! إذا اتفق الناس على الصلح فلا تفسده، وإذا اتفق الناس على المساعدة فلا تحرض عليها، وإذا لم تكن رأسًا في الخير فلا تكن رأسًا في الشر، على الأقل تنحَ جانبًا ودع الخير يجري، الخير كالماء يحتاج أرضًا منبسطة، فلا تكن سدًا!