منذ أيَّامٍ حُكِمَ على وزيرِ العدلِ الكوريِّ الجنوبيِّ «تشو كوك» بالسجن لعامين بعدما ثبتت إدانته بدفع رشاوى لمساعدة أولاده في الحصول على قبول في الجامعة!

نحن حين نقرأ أخباراً كهذه لا نقِفُ إجلالاً لها فحسب، وإنما نتعامل معها على أنها أحداث خيالية كسهرات ألف ليلة وليلة، ومعارك الإلياذة الإغريقية، ومبالغات الشاهنامة الفارسية، وصراع دون كيشوت مع طواحين الهواء، أو بحث أنكيدو عن نبتة الخلود! بينما في الحقيقة هذه القيم والمفاهيم كنا أسبق الأمم إليها، ولكن بسبب تعطيلها دهوراً نسيناها! كالصقر الذي يولد في قُن الدجاج، سيبقى إلى الأبد يجهل أن جناحيه خُلقا للتحليق فوق قمم الجبال لا لنقر حبوب القمح على الأرض!

شأن البشر جميعاً أن يرتكبوا الأخطاء، المسؤولون والعامة على حد سوَّاء، ولكن الفرق بين مجتمع وآخر هو نظرته إلى هذه الأخطاء، وطريقة المحاسبة عليها!

عندما سرقت المخزومية أَهمَّ قريشٌ أمرها، ولم يجدوا أحبَّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسامة بن زيد ليشفع أن لا تقطع يدها، فأرسلوه إليه. فلما كلمه أسامة فيها غضبَ غضباً شديداً عُرِفَ في وجهه، وقال قولته المشهورة: وأيمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها!

ما دمَّرَ الأوطان شيء كالمحسوبيات، في الوظائف، وفي العطاءات، وفي الحكم أمام القانون الذي يفرد عضلاته على المسكين ويغمضُ عينيه عن المتنفذ!

في الأفراح والمناسبات، حتى في مراسم الموت!

أنا من طرف فلان، تغلبُ كل الشهادات، وتطيح بكل الكفاءات، لأننا ببساطة لا نقدر على زعل فلان! وما دام الأمر كذلك فسيبقى النسر في قُن الدجاج دون أن يعرف أن جناحيه ينتميان للأعالي!