كثيرة هي القراءات التي تطرح اليوم لوصف الحالة التي عليها المنطقة بشكل عام لكن الجميع يُجمع على أن العنف والفوضى هي السمات التي تميز الأرض العربية بعد ثورات الربيع. هذا العنف والعنف المضاد يتجلى أوضح ما يتجلى في سوريا وفي ليبيا اليوم حيث لا تزال تداعيات الثورات تُلقي بظلالها على المشهد العام هناك.
لكن المشهد الدامي في سوريا خاصة لا يحجب أماكن أخرى لا تكاد تتخلص من هذا الورم الذي تحول إلى أكبر وأخطر مهدد لاستقرار البلاد العربية ولاستقرار شعوبها. الإرهاب والانقلابات والحروب الأهلية وتمدد المشاريع الامبراطورية وأشكال التدخل الخارجي كلها عناوين من عناوين انتشار العنف وتمدده في المنطقة. لكن السؤال الذي يطرح بعد اليوم هو كيف نشأ هذا العنف وماهي المصادر الحقيقية التي خرج منها؟
لا تُمكن الاجابة عن هذا السؤال دون العودة إلى نشأة الثورات نفسها بما هي الحدث الذي نشأ داخله هذا العنف. ففي تونس أو في مصر أو في سوريا أو ليبيا لم تكن الجماهير التي خرجت مسلحة بل كانت كل الدعوات التي رُفعت دعوات للتغيير تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بشكل سلمي صريح وواضح.
في تونس لم يرفع المتظاهرون غير شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية وبالتشغيل وبمحاسبة الفاسدين أما في مصر فكانت شعارات ميدان التحرير تطالب برفع سيطرة الفاسدين عن الوطن ومحاسبة جرائم التعذيب والقتل والاختفاء القسري أما سوريا فكانت مطالب الحرية أهم مطالب المتظاهرين الذين تظاهروا بشكل سلمي مدة ستة أشهر تقريبا رغم قناصة النظام.
الثورات العربية لم تكن ثورات مسلحة ولا دامية في منطلقها ولم تنزع الجماهير نحو العنف إلا عندما فرض النظام القمعي العربي الحل العسكري المسلح وفرض على الثوار والمتظاهرين الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم أمام فرق الموت النظامية ومليشياتها. بل يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك عندما نعود إلى المصدر الأول للثورات العربية في تونس عندما أحرق الشاب العاطل عن العمل محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على إهانة الأمن له وعلى وضعه الاجتماعي البائس.
محمد البوعزيزي في رمزيته الثورية لم يلتحق بالجماعات المسلحة ولا اعتدى على أحد من قوات البوليس ولا ركن إلى أي شكل من أشكال العنف بل عبّر في لحظة من لحظات اليأس عن رغبته في الانتحار حرقا.
صحيح أن ما أقدم علية البوعزيزي يعتبر عملا انتحاريا لا تقره الأعراف ولا الأديان ولا النواميس لكنه رغم كل بشاعته لا يمثل شكلا من أشكال العدوان على الآخرين ولا شكلا من أشكال الإرهاب.
بقلم : محمد هنيد
لكن المشهد الدامي في سوريا خاصة لا يحجب أماكن أخرى لا تكاد تتخلص من هذا الورم الذي تحول إلى أكبر وأخطر مهدد لاستقرار البلاد العربية ولاستقرار شعوبها. الإرهاب والانقلابات والحروب الأهلية وتمدد المشاريع الامبراطورية وأشكال التدخل الخارجي كلها عناوين من عناوين انتشار العنف وتمدده في المنطقة. لكن السؤال الذي يطرح بعد اليوم هو كيف نشأ هذا العنف وماهي المصادر الحقيقية التي خرج منها؟
لا تُمكن الاجابة عن هذا السؤال دون العودة إلى نشأة الثورات نفسها بما هي الحدث الذي نشأ داخله هذا العنف. ففي تونس أو في مصر أو في سوريا أو ليبيا لم تكن الجماهير التي خرجت مسلحة بل كانت كل الدعوات التي رُفعت دعوات للتغيير تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بشكل سلمي صريح وواضح.
في تونس لم يرفع المتظاهرون غير شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية وبالتشغيل وبمحاسبة الفاسدين أما في مصر فكانت شعارات ميدان التحرير تطالب برفع سيطرة الفاسدين عن الوطن ومحاسبة جرائم التعذيب والقتل والاختفاء القسري أما سوريا فكانت مطالب الحرية أهم مطالب المتظاهرين الذين تظاهروا بشكل سلمي مدة ستة أشهر تقريبا رغم قناصة النظام.
الثورات العربية لم تكن ثورات مسلحة ولا دامية في منطلقها ولم تنزع الجماهير نحو العنف إلا عندما فرض النظام القمعي العربي الحل العسكري المسلح وفرض على الثوار والمتظاهرين الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم أمام فرق الموت النظامية ومليشياتها. بل يمكن أن نذهب إلى أبعد من ذلك عندما نعود إلى المصدر الأول للثورات العربية في تونس عندما أحرق الشاب العاطل عن العمل محمد البوعزيزي نفسه احتجاجا على إهانة الأمن له وعلى وضعه الاجتماعي البائس.
محمد البوعزيزي في رمزيته الثورية لم يلتحق بالجماعات المسلحة ولا اعتدى على أحد من قوات البوليس ولا ركن إلى أي شكل من أشكال العنف بل عبّر في لحظة من لحظات اليأس عن رغبته في الانتحار حرقا.
صحيح أن ما أقدم علية البوعزيزي يعتبر عملا انتحاريا لا تقره الأعراف ولا الأديان ولا النواميس لكنه رغم كل بشاعته لا يمثل شكلا من أشكال العدوان على الآخرين ولا شكلا من أشكال الإرهاب.
بقلم : محمد هنيد