الاقتباسُ هو ذائِقَتُنا، وليس نحن، هو ما يلمسُنا، وليس ما نعيشه!

نحن نستعذِبُ جملةً عن الحُب دون أن نكون مغرمين!

وعن العداوة دون أن يكون لدينا معارك!

وعن القلق ونحن في عزِّ الطمأنينة!

والعكس صحيح كذلك، نستعذبُ جملةً عن الثبات في أوج لحظات تأرجحنا، وعن الطاعة في لحظة ضعف ومعصية!

لا ترسمونا من خلال اقتباساتنا، نحن في وادٍ وما نقتبسه في واد!

ولكن تذكّروا وأنتم تقتبسون، أن الاقتباس مجرّد كلام، وكل كلام الدنيا لا يُجمِّلُ فعلاً قبيحاً واحداً، ما تفعلُ الماشطة بالوجه العَكِر؟!

وأنتم تقتبسون تذكروا أنه من قامَ يمدحُ نفسه بما ليس فيه فإنما قامَ يذُمُّ نفسه!

تذوَّقُوا اقتباساتكم أولاً، اجعلوها كالمرايا، وانظروا فيها، واسألوا أنفسكم: أهيَ تُشبهنا؟!

ارحموا ضحاياكم ولا تقتلوهم مرتين، مرَّةً بفعلكم ومرَّةً باقتباساتكم!

لا تقتبسُوا عن الوضوح ولكم روغان الثعالب!

لا تقتبسوا عن الوفاء وسكاكين أفعالكم ما زالت تقطرُ من دماء النّاس!

لا تقتبسوا عن الصّدق ومن تعاملتم معهم لا يعرفون حتى اللحظة أيُّها كانت وجوهكم، وأيُّها كانت أقنعتكم!

لا تقتبسوا عن الحُب وقد لوثتموه.

لا تقتبسوا عن الأمانة وقد اِئتمنكم النّاسُ على قلبوهم فنزعتم منها طمأنينتها!

لا تقتبسوا عن الترتيب وقد عِثتم في حياة النّاس فساداً!

حتى تلك الآيات التي لا تُشبهكم، لا تقتبسوها، لا تضعوا «واتقوا يوماً تُرجعون فيه إلى الله»، لأننا سنعتقدُ أنكم لن ترجِعُوا معنا!