+ A
A -

قرأتُ البارحة خبراً عن امرأةٍ من «بنغلادش» تعرَّفَتْ على رجلٍ من الهند في «الفيسبوك» وأحبَّته، فقررا الزَّواج، ولكنها لم تكن تملكُ جواز سفرٍ! فقررتْ أن تذهبَ إليه بالطريقة التي كان البشر يذهبون فيها إلى بعضهم قبل أن يكون هناكَ جوازات سفرٍ، وحدود بين الدول!

سبحت في الماء أكثر من ساعة عابرةً النهر، واجتازتْ أراضي موحلة فيها تماسيح، وعبرتْ أدغالاً فيها نمور، وعلى قدميها تخطتْ مستنقعاتٍ بين الدَّولتين، وعبرت الحدود، ووصلت إليه، فتزوجا!

بغض النظر أني لا أؤمن بالحُبِّ الإلكتروني، بالكاد يكتشفُ الإنسان وجوه الآخرين من أقنعتهم، وهو يعرفهم وجهاً لوجه، فكيف لو حالتْ بينهما شاشة؟!

وبغض النَّظر عن أنَّ المرأة تُطلبُ ولا تَطْلُبُ، ويُسْعَى إليها ولا تسعى، وكان جديراً بالرجل أن يقوم هو بهذه المغامرة، إلا أن هذه المرأة شجاعة وصادقة جداً، والحمدُ لله أنها لم تجده متزوجاً وله قبيلة من الأولاد!

في الحُبِّ إن لم تكُنْ صادقاً فلا تعِدْ، أعمار الناس ليست لُعبة، والبشر يبنون أحلاماً على كذبكَ، وكسر قلب إنسان أقسى من كسر عظمه، لنا عظام كثيرة ولكن للأسف ليس لنا إلا قلب واحد!

سيسألُكَ اللهُ عن أعمار الناس التي أهدرتها لأنك كنتَ تريدُ أن تتسلى، أو تشعرَ أنكَ مرغوب، وعندكَ أكثر من حبيب!

سيسألكَ عن كلمة «أحبكَ» حين قلتها باردةً من لسانكَ، وقد ظنَّ الآخرُ أنكَ قلتها دافئة من قلبكَ!

سيسألكَ عن الرِّحلة التي مشيتها مع أحدهم دون نية صادقةٍ في الوصول إليه!

سيسألُكَ عن تلك اللحظات التي كنتَ فيها متاحاً هنا وهناكَ، دون أن يرِفَّ لكَ جفنٌ، وتشعرَ بالقرفِ من نفسِكَ!

وتذكَّرْ دوماً، العبادات تُكفِّرُ أخطاءكَ بحقِّ نفسِكَ، أما أخطاؤكَ بحق الناس فمرهونة بعفوهم!

copy short url   نسخ
28/02/2023
640