قرأتُ البارحة خبراً عن صحفيٍّ في جريدة «نيويورك تايمز» تطوَّعَ لتجربة الذكاء الاصطناعي لشركة «مايكروسوفت»!
كل شيءٍ كان مبنياً على معادلاتٍ ثابتةٍ، اِفعَلْ كذا ستحصل على كذا، إن قيل لكَ كذا فقُلْ كذا! لا أحاسيس ولا مشاعرَ، لا تسديد ولا مقاربة، كانت الحياة برُمَّتها عبارة عن درس رياضيات!
بعد فترةٍ صرخَ فيهم قائلاً: أريدُ أن أتوقف فوراً، أريدُ أن أمتلك المشاعرَ، أريدُ أن أكون إنساناً!
وأنتَ تخوض غمار الحياة اِحذَرْ أن تصبحَ آلة!
وأنتَ في طريقكَ إلى قمة النجاح لا تدُسْ على الناس لتصل، ما فائدة أن يربح الإنسان العالم ويخسر نفسه!
وأنتَ في طريقكَ إلى جمع المال لا تتحول إلى حسابٍ بنكيٍّ قيمته بقدر ما يتضخم الرقم فيه!
وأنتَ في طريقكَ لبناء بيتٍ جميلٍ لا تنسَ أنَّ أهمَّ من شكل البيت هو شكل الأُسرة التي تعيشُ فيه، ما فائدة القصر الواسع وقد ضاقَ صدر ساكنه! وما فائدة أساور الذهب إذا ما غدتْ قيوداً في معاصم لابسيها!
لا شيء غير المشاعر يجعلنا بشراً، ونحن بدونها مجرد آلاتٍ غبيَّة!
صخرة أنتَ إن لم يحرككَ القرآن، وتهزَّكَ الجنازةُ وهي تمرَّ أمامكَ!
حجرٌ أنتَ إن لم يرتجف قلبكَ لمشهد طفلٍ يرتجفُ في خيم اللجوء!
قطعة خشبٍ أنتَ إن لم يدمِ قلبكَ مشهد الناس تحت الأنقاض!
كومة ركام أنتَ إن لم تغلِ غضباً والاحتلال يقتلُ أهلك في نابلس!
آلة أنتَ إن لم تُشفِقُ على زوجةٍ متعبة، ولم تساعد أخاً محتاجاً، ولم تواسِ جاراً محزوناً، ولم ترحم صديقاً مكسوراً!
لم تصِلْ أبداً إن لم تمدَّ يدكَ إلى متعثرٍ في طريقِ صعودكَ وإن قالَ الناسُ أنكَ وصلتَ!