حملني الإسعاف إلى مؤسسة حمد الطبية مرتين - على مدى ربع قرن من حياتي في قطر التي ابتدأت في الثاني من أغسطس 1995-.. فأنا أخاف الذهاب بنفسي إلى مشرط الجراح وأبقى حتى آخر لحظة من الصبر ثم أحمل بالإسعاف.. وقد تهربت من أخطر عملية للقلب لمدة عامين إلى ان وقعت تحت حكمة البروفيسورة كورنيللا، التي أصرت أن أشهد اختبار «الايكو» الخاص بالقلب بعيني لأرى حجم الدمار الذي سببته جلطة قاتلة تم إيقافها بعناية من الله، وانه لم يبق غير شريان واحد يمدني بالحياة التي أعيشها بصعوبة.. ومن الايكو إلى غرفة العمليات ثم عملية قلب مفتوح، سلبت مني الكثير مما كنت أتمتع به..
ومنذ أسبوعين عادت الإسعاف لتحملني على جناح السرعة ولا ادري ماذا بي، فالقلب بخير وعضلته قوية..
وليكتشف المسعفون ان العلة خطيرة.. العلة في الرئة التي لم تعد قادرة على التخلص من ثاني اكسيد الكربون الذي يتسيد أجواءها..
فازداد الماء... حالة لم يشخصها طبيب الرعاية الصحية في مركز عمر بن الخطاب الذي ذهبت اليه في حالة طارئة حيث اعتذر لي انه يستقبل الحالات الطارئة.. لكنه لم يستطع ان يشخص حالتي انها طارئة وصرف لي دواء للكحة.. والالتهاب.. عدت للبيت أشكو الحالة.. الصورة أمام عيني أشكال مختلفة حتى بدأت أرى جسدى مسجى وأحبتي يلقون نظرة الوداع فيما غير القادرين على رؤيتي تأتي أرواحهم تودع الجسد..
أفقت مسرعا اتصلت بالطوارئ، خلال خمس دقائق كانوا يحملونني إلى طوارئ مؤسسة حمد والتشخيص «التهاب رئوي وتسرب مياه للرئة، وازدياد نسبة ثاني الكربون».. وبدأت مرحلة علاج أستطيع ان أصفها بالعالمية.. تجسد رؤية قطر 2030. بأعلى جودة خدمات صحية تقدم في المنطقة.
وسألني صديق تركي ونحن نعبر مربع مؤسسة حمد الطبية: ما هذه المباني على الجانبين؟ فكانت إجابتي: هذه «دولة حمد الطبية» نعم انها دولة بمساحتها ومؤسساتها ومشافيها وحجم عمالتها من قياديين واداريين.. وفنيين.. وهيئات طبية وتمريضية.
سلمتني الطوارئ إلى الدور الخامس..
في هذا الزمن الذي تتمتع به الخدمات الصحية بأعلى موازنة منذ تاريخها تجاوزت الـ 25 مليار ريال.. لأرى الرفاهية التي يتمتع بها المرضى من مختلف الحنسيات رفاهية لن تجدها في أي بلد عربي وحتى في أي بلد غربي أو آسيوي.. هنا العمل الانساني بكل معانيه.. وكل من يعملون فيه يستحقون شهادة تقدير بامتياز...
العمل على مدار الساعة..
منذ الفجر يأتي الفريق الاستشاري برئاسة طبيب زاده الشيب وقارا يرافقه اختصاصيو الحالة (السكري الصدري.. المعدة الكبد الكلى يرافقهم المتدربون من جامعة قطر، يضعون ملاحظاتهم يسجلون حالة المريض ليعودوا ويضعوا خطط العلاج..
وما ان يغادر الاستشاري يبدأ العلاج قياسات فحوصات وبشكل يومي ترسل للمختبرات بأنواعها لتأتي النتائج فورا ليلا ونهارا.. فهناك ساهرون في كل إدارات الطب ومختبراتها.. من أجل ان تخرج مشافى معافي.. التعامل معك كعامل أو مدير واحدة.. وتتجلى الإنسانية مع الحالات التي تحتاج إلى رعاية مميزة من تغيير ملابس وتشطيف وعناية فائقة تقوم بها ممرضات وممرضون وهبوا انفسهم لخدمة الإنسانية..تراهم بكل همة ونشاط منذ بدء الدوام إلى انتهاء الوقت وتسليم العمل للزميل التالي..
عدت للمنزل بعد اسبوع من العناية والرعاية والعلاج شاكرا ممتنا لهذه المؤسسة التي تجاوزت الصعاب.. خرجت منها ووصية لها اكرمي من يحمل مشعل البناء والتطوير خاصة من تميزوا في الأداء من خريجي جامعات قطر الاوفياء..
وبعد من لا يشكر الناس لا يشكر الله.. فالشكر والتقدير لكل من واساني في مرضي زيارة أو اتصالا أو عبر أي وسيلة من وسائل التواصل.