مات آرثر بلفور أعزب، فمن أحبها قضت نحبها قبل أن يتزوجها.. وكان موتها بعد أن أصدر وعده لمنح فلسطين وطنا قوميا لليهود.. ومنذ قرن وكل فلسطيني وكل عربي شريف يلعن هذا البلفور البريطاني.. الأسكتلندي.. الذي كان معجبا بشخصية الصهيوني هيرتزل وأعطاه ما أراد.. لنعاني نحن الفلسطينيين منذ قرن أشد معاناة شهدنا خلالها تعليق رؤوس على أعواد المشانق.. وهدم بيوت لرجال قاوموا التهويد.. ونفي مواطنين من الشمال إلى الجنوب وبالعكس.
حين التقيت خبير مناهج بريطانيا وقال لي انا دنيس بلفور.. لم أتمالك نفسي فصفعته بلا شعور.. فتم إنهاء خدمتي من ذلك المشروع الذي كان أول عمل لي في حياتي.. ولكن بلفور الخبير صفح عني وجاء لزيارتي.. ليسألني: لماذا؟ سألته:
هل تعرف آرثر جيمس بلفور؟ قال: لا.. عائلتي كبيرة ونحن موزعون بين اسكتلندا ولندن وويلز قلت له سبب نكبة أمتي هذا البلفور.. وأنا آسف.. بريطانيا حملت رجلا اسكتلنديا مسؤولية إعطاء الوعد،، مضت السنون وأمس وأنا أتابع موضوع انفصال اسكتلندا سألت الله.. أن يتم الاستفتاء على انفصال اسكتلندا.. وتقوم دولة مستقلة لعلها تعتذر للأمة العربية عامة ولفلسطين خاصة عن وعد أصدره سياسي اسكتلندي بريطاني تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا عام 1902 إلى 5 ديسمبر 1905. وعمل أيضاً وزيراً للخارجية من 1916 إلى 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج. وفي هذه الفترة أصدر وعده الذي نص على دعم بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. سوف نزور ويتنغهام التي تعرف اليوم باسم لوثيان وتقع في اسكتلندا والتي ولد فيها بلفور، وقد نسأل عن قبره لكي نلقي عليه وردة لنقول له ظلمتنا.. عيك من الله ما تستحق..
لن يغفر لبلفور أنه كان يريد إبعاد اليهود عن بريطانيا، فقد كان يعارض الهجرة اليهودية إلى شرق أوروبا خوفاً من انتقالها إلى بريطانيا، وكان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعم بريطانيا من خارج أوروبا. فقد سبب ذلك معاناة لخمسة عشر مليون فلسطيني سبب لهم القهر والتهجير والقتل والتنكيل والمعاداة حتى من بني قومهم..
هل تعتذر اسكتلندا عن جريمة ابنها حين كان بريطانيا؟ أم يبقى الأمر مسؤولية لندن التي ارتكبت جريمتها في زمن قوتها..

بقلم : سمير البرغوثي