في العام 1983 أُدينَ «موريس هاستينغر» بتهمة القتل، والسرقة، والاغتصاب. وحُكمَ عليه بالسجن المؤبد دون إطلاق سراحٍ مشروط!
الشَّهر الماضي أتمَّ موريس أربعين سنةً في سجنه، كان على مدى هذه السنوات يُقدِّم طلباً إلى كل من يمتُّ إلى العدالة بصِلَةٍ بإجراء اختبار الحمض النووي، وإعادة محاكمته، وكان كل مرَّةٍ يُقابل طلبه بالرَّفض، ولكنهم أخيراً قرروا الاستجابة لطلبه، وبعد إجراء اختبار الحمض النووي تبيَّن لهم أنه بريء، فأطلقوا سراحه قائلين: نحن آسفون، يمكنك العودة إلى منزلكَ!
الكثير من الاعتذارات في الحياة تافهة جداً تماماً كتفاهة اعتذار وزارة العدل الأميركية من موريس بعد أن دمَّروا حياته، وأفنوا عمره خلف القضبان!
ثمة اعتذارات لا تصلحها كلمة آسف، وعلى المخطئ أن ينقلع من حياة الآخرين انقلاعاً لا لقاء بعده، فأحياناً يكون أجمل اعتذاراتك أن لا تُريَ الناسَ وجهكَ، وهذا من هدي النُّبوة، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لوحشيِّ قاتل عمه حمزة بعد أن جاء معتذراً: فهل تستطيع أن تُغيِّبَ وجهكَ عني؟!
كلمة آسف لا تعيدُ إلى الناس أعمارهم التي أهدرتها لهم!
كلمة آسف تقولها عندما تدوس قدمَ أحدهم لا عندما تدوس على قلبه!
كلمة آسف تقولها عندما تكسِرُ لأحدهم قلماً لا عندما تكسِرُ خاطره!
كلمة آسف تقولها إذا تأخرتَ في الحضور عن موعدٍ لا عندما تأخذ إنساناً من قلبه بعيداً ثم تتركه فلا هو يستطيع المُضي معكَ، ولا هو يستطيعُ العودة إلى نفسه!
كلمة آسف تقولها في خدش شاشة هاتف لا في جرح كرامة!
كلمة آسف تقولها إذا أوقعتَ أحدهم دون قصدٍ لا عندما تطعنه في ظهره وأنتَ واعٍ لما تفعل!
ثمة اعتذارات يجب أن لا تُقال احتراماً لفداحة الجروح، وإجلالاً لحثاثة النزيف!
ثمة اعتذارات يجب أن لا تُكتب حتى، وإذا ما كتبتها في ورقة، لُفَّها وضعها في مكانٍ ما، ما حاجة الناس إلى اعتذاراتك وسكينك ما زالت تقطر من دمائهم؟!