يتفق المراقبون على أن دور المجلس الرئاسي الليبي محدود جدا في ظل الصلاحيات التنفيذية الواسعة للحكومة، لهذا كان المجلس الرئاسي على هامش الأحداث وكانت حكومة الوحدة الوطنية هي من يملأ الفراغ ويدير الدولة ومؤساستها ويتحرك بمهام كثيرة حتى التي تقع ضمن صلاحيات المجلس الرئاسي وهي القوى العسكرية، كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، واقتصر الدور الحيوي للرئاسي على ملف المصالحة الوطنية.

التغير في أوزان الفعل نسبيا وقع بعد سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية من قبل مجلس النواب والدخول في نفق التأزيم من جديد، فقد وجد الرئاسي مساحة يتحرك فيها، ويبدو أن أطراف دولية أسهمت في تنشيط الرئاسي، فدخل على خط الأزمة وتقدم بمبادرة لحلها.

المبادرة التي دعا من خلالها الرئاسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للاجتماع والاتفاق على تسوية خلافاتهما لقيت صدودا منهما، ويرجع ذلك إلى رفضهما أن يكون الرئاسي طرفا في التسوية وهو غير معني بها حسب الاتفاق السياسي الذي حدد الأجسام المعنية بالعملية السياسية، وهما مجلس النواب والأعلى للدولة.

غير أن رفض تدخل الرئاسي في العملية السياسية لا يعني عدم قبوله كوسيط، ذلك أن الجبهة الشرقية تتعامل مع المجلس الرئاسي وتعترف بسلطته ولا تعترف بسلطة حكومة الوحدة الوطنية، وهذا التمييز المتناقض، يمنح جبهة طبرق ـ الرجمة فسحة في التعاطي مع السلطة التنفيذية في المنطقة الغربية.

المجلس الرئاسي، ممثلا في رئيسه محمد المنفي، يبدو أنه يتماهى مع الأفكار الدولية فيما يتعلق بمنحه دورا في الترتيب للانتخابات وإنجاز متطلبات إجرائها من قاعدة دستورية وقوانين انتخابية، وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات المنفي قبل وبعد إصدار التعديل الدستوري الثالث عشر.