+ A
A -
العالم قارات.. والقارات خمس، ومن القارات آسيا، وفي آسيا تقع فلسطين، وفي فلسطين رام الله وفي رام الله جبال ووديان.. وفيها واد اسمه «صريدا» محاط بالجبال وبين الجبال وديان تجري طوال الشتاء لتصب في البحر الأبيض المتوسط..
كانت لنا في الوادي أرض.. وعلى تلك الأرض كانت هناك مزرعة، والمزرعة على ربوة جبل اسمه «بلاطة».. اليهود احتلوا ظهر الجبل وأقاموا عليه مستعمرة.. وباتت كل الأرض مهددة بالاغتصاب..
قبل أن يحتل اليهود الضفة الغربية بمؤامرة عربية- كل العواصم تعرفها- كانت تلك الأرض مرابع طفولتنا ومنها نستقي الحكمة..
حين يجن الليل يحلو لنا أن نبدأ بالنداء.. فيرتد لنا صدى الصوت من الجبال حسب قربها أو بعدها عنا.. فتأتيك الأصوات متتالية..
وذات مساء وقف والدي معنا فقال لي اهتف بأعلى صوتك وقل «أحبك» فعاد الصدى «أحبك أحبك أحبك أحبك» من أربع جهات.. ثم قال لي اصرخ «أكرهك..أكرهك.. أكرهك أكرهك» فجاء الصدى أكرهك من أربع جهات.. فقال رحمه الله حكمة «هذا الصدى هو الناس إذا أحببتموهم أحبوكم، وإذا كرهتموهم كرهوكم.. وبمثل ما تعطي تأخذ».
قال لي حفيدي: وأنا أشرح له نظرية الصدى علمياً بأنه ظاهرة مرتبطة بارتداد موجة صوتية على سطح حاجز (من الأسطح الصلبة) يسبب انعكاسها وعودتها إلى نقطة انطلاقها. وتسمع أذن الإنسان الصدى إذا كانت المدة التي تفصل بين الموجة الصوتية المباشرة وانعكاسها على سطح الحاجز تفوق 0.1 ثانية، أي على مسافة أكبر من17 مترا ومعروف أن سرعة الصوت تقارب 340 مترا في الثانية. وإذا كانت مساحة الحاجز أكبر، أو على مسافات أطول، يمكن أن يُسمع تردد الصوت بشكل متكرر ومتوالٍ؛ وكذلك إذا تعددت الحواجز التي ترتطم بها الموجات يكون الصدى مضاعفا، كما في حالة «صريدا»
رافقت حفيدي إلى قبة في «الفيلاجيو» قبل أن تمتلئ بالمحلات.. وقلت له نادي أحبك.. فارتد الصدى.. أحبك.. قلت ردد أكرهك.. فارتد الصدى.. أكرهك.. فقلت لهما ما قاله والدي لي في طفولتي
»أحب الناس يحبوك.. أكرههم يكرهوك»
نبضة أخيرة
الفوقية والتعالي على أبناء المهنة هو إخلال بميثاق شرف المهنة.. ومن يخترقها لا علاقة له بالمهنة.. ويكن متطفلا عليها..
بقلم : سمير البرغوثي
كانت لنا في الوادي أرض.. وعلى تلك الأرض كانت هناك مزرعة، والمزرعة على ربوة جبل اسمه «بلاطة».. اليهود احتلوا ظهر الجبل وأقاموا عليه مستعمرة.. وباتت كل الأرض مهددة بالاغتصاب..
قبل أن يحتل اليهود الضفة الغربية بمؤامرة عربية- كل العواصم تعرفها- كانت تلك الأرض مرابع طفولتنا ومنها نستقي الحكمة..
حين يجن الليل يحلو لنا أن نبدأ بالنداء.. فيرتد لنا صدى الصوت من الجبال حسب قربها أو بعدها عنا.. فتأتيك الأصوات متتالية..
وذات مساء وقف والدي معنا فقال لي اهتف بأعلى صوتك وقل «أحبك» فعاد الصدى «أحبك أحبك أحبك أحبك» من أربع جهات.. ثم قال لي اصرخ «أكرهك..أكرهك.. أكرهك أكرهك» فجاء الصدى أكرهك من أربع جهات.. فقال رحمه الله حكمة «هذا الصدى هو الناس إذا أحببتموهم أحبوكم، وإذا كرهتموهم كرهوكم.. وبمثل ما تعطي تأخذ».
قال لي حفيدي: وأنا أشرح له نظرية الصدى علمياً بأنه ظاهرة مرتبطة بارتداد موجة صوتية على سطح حاجز (من الأسطح الصلبة) يسبب انعكاسها وعودتها إلى نقطة انطلاقها. وتسمع أذن الإنسان الصدى إذا كانت المدة التي تفصل بين الموجة الصوتية المباشرة وانعكاسها على سطح الحاجز تفوق 0.1 ثانية، أي على مسافة أكبر من17 مترا ومعروف أن سرعة الصوت تقارب 340 مترا في الثانية. وإذا كانت مساحة الحاجز أكبر، أو على مسافات أطول، يمكن أن يُسمع تردد الصوت بشكل متكرر ومتوالٍ؛ وكذلك إذا تعددت الحواجز التي ترتطم بها الموجات يكون الصدى مضاعفا، كما في حالة «صريدا»
رافقت حفيدي إلى قبة في «الفيلاجيو» قبل أن تمتلئ بالمحلات.. وقلت له نادي أحبك.. فارتد الصدى.. أحبك.. قلت ردد أكرهك.. فارتد الصدى.. أكرهك.. فقلت لهما ما قاله والدي لي في طفولتي
»أحب الناس يحبوك.. أكرههم يكرهوك»
نبضة أخيرة
الفوقية والتعالي على أبناء المهنة هو إخلال بميثاق شرف المهنة.. ومن يخترقها لا علاقة له بالمهنة.. ويكن متطفلا عليها..
بقلم : سمير البرغوثي