مع تحول موجة الإسلاموفوبيا في العديد من الدول الأوروبية إلى ما يشبه «التسونامي» المدمرة، اتخذت منظمة التعاون الإسلامي مبادرة من نوع جديد.
لم يعد يكفي القول ان الإرهاب ليس من الإسلام في شيء، وان الجرائم الجماعية التي ترتكب في الشرق وفي الغرب على حد سواء، باسم الإسلام، تسيء إلى الإسلام أكثر مما تسيء إلى الضحايا المباشرين لهذه الجرائم.
لقد قامت احزاب سياسية جديدة في اوروبة على فكرة الإسلاموفوبيا. وبدأت هذه الأحزاب تستقطب مؤيدين وأنصاراً لها في ألمانيا وهولندة وفرنسا وبلجيكا والنمسا، وحتى في المملكة المتحدة. وتأخذ هذه الظاهرة السلبية بعداً اشد خطورة في دول أوروبة الشرقية. ففي براغ – عاصمة تشيكيا، مثلاً، تعرضت امرأة إلى الضرب والرفس في القطار لمجرد انها كانت تتحدث باللغة العربية. اما الاعتداءات التي تطاول النساء المحجبات، فحدث ولا حرج. كذلك تتعرض المساجد والمصليات إلى الاعتداء بإلقاء متفجرات عليها، أو بتدنيسها بالأوساخ.. وبقايا الخنازير.
فتشيكيا التي ولدت من رحم الامبراطورية النمساوية – الهنغارية، عانت كثيراً وطويلاً. فقد احتلها هتلر في عام 1938، ثم احتلها السوفيات في عام 1968. ولم تتحرر الا بعد ثورة شعبية تعرف بالثورة البنفسجية، في عام 1989. ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، انقسمت على نفسها إلى دولتي التشيك وسلوفاكيا في عام 1993.
ومن خلال هذه المسيرة الطويلة من المعاناة، فان ثمة شعوراً متحفظاً – أو رافضاً – للغرباء، وبصورة خاصة للمهاجرين المسلمين.
ولمواجهة هذه الظاهرة كان لا بد من القيام بمبادرة ما. والمبادرة الجديدة قام بها سفراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المعتمدين في تشيكيا. فبعد سنتين من المحاولات مع السلطات الرسمية في وزارة الخارجية، تم الاتفاق على عقد ندوة حول مكافحة التطرف والإرهاب في العاصة براغ.
وقد عقدت الندوة مؤخراً فعلاً في مبنى الأكاديمية العلمية في العاصمة التشيكية. وافتتحها وزير الخارجية «زورالك» نفسه، بحضور عدد من الأكاديميين والاعلاميين ورجال الدين التشيك. اما على الصعيد الدبلوماسي، فقد اقتصر الحضور على سفراء دول منظمة التعاون الإسلامي وسفراء الدول الأوروبية. ومن خلال هذه الصيغة، تم استبعاد دعوة سفير إسرائيل باعتبار انه لا ينتمي إلى أي من المجموعتين!!
وفي الندوة التي استمرت يومين، جرى طرح العديد من القضايا الاشكالية التي تتعلق بالعلاقات بين الشرق والغرب، وبين الإسلام والمسيحية.
ورغم ان عدد الكنائس والكاتدرائيات الكبيرة في العاصمة التشيكية وحدها يزيد على الثلاثماية، فان اربعة بالمائة فقط من التشيكيين يترددون يوم الأحد إلى الكنائس. الا ان نسبة مرتفعة من التشيكيين تعبّر عن رفض للمسلمين بينهم.
والذين ينظرون إلى المهاجرين المسلمين إلى بلادهم على انهم يشكلون خطراً على الهوية الوطنية ليسوا من رواد الكنائس حصراً، ولكنهم في أكثريتهم من العلمانيين الرافضين للدين، والذين يجدون في الإسلام خطراً على هويتهم وثقافتهم، سيما من خلال ربط الدين بالتطرف والإرهاب.
من خلال ذلك بدا واضحاً ان ثمة مجموعة كبيرة من الصور النمطية السلبية التي تشوه صورة الآخر في الثقافة العامة. وقد عززت من هذه الصور الاضطرابات الدموية التي تتوالى فصولاً في بعض الدول العربية ( العراق وسوريا تحديداً)، كما عززها سلوك بعض الجماعات المهاجرة إلى الدول الغربية (وخاصة إلى ألمانيا).
وقد ربط الكثيرون من الاعلاميين والسياسيين الحزبيين في الغرب بين هذه المظاهر السلبية والإسلام، مما ادى إلى ترسيخ ثقافة الإسلاموفوبيا وتعزيزها على نطاق واسع.
بقلم : محمد السماك
لم يعد يكفي القول ان الإرهاب ليس من الإسلام في شيء، وان الجرائم الجماعية التي ترتكب في الشرق وفي الغرب على حد سواء، باسم الإسلام، تسيء إلى الإسلام أكثر مما تسيء إلى الضحايا المباشرين لهذه الجرائم.
لقد قامت احزاب سياسية جديدة في اوروبة على فكرة الإسلاموفوبيا. وبدأت هذه الأحزاب تستقطب مؤيدين وأنصاراً لها في ألمانيا وهولندة وفرنسا وبلجيكا والنمسا، وحتى في المملكة المتحدة. وتأخذ هذه الظاهرة السلبية بعداً اشد خطورة في دول أوروبة الشرقية. ففي براغ – عاصمة تشيكيا، مثلاً، تعرضت امرأة إلى الضرب والرفس في القطار لمجرد انها كانت تتحدث باللغة العربية. اما الاعتداءات التي تطاول النساء المحجبات، فحدث ولا حرج. كذلك تتعرض المساجد والمصليات إلى الاعتداء بإلقاء متفجرات عليها، أو بتدنيسها بالأوساخ.. وبقايا الخنازير.
فتشيكيا التي ولدت من رحم الامبراطورية النمساوية – الهنغارية، عانت كثيراً وطويلاً. فقد احتلها هتلر في عام 1938، ثم احتلها السوفيات في عام 1968. ولم تتحرر الا بعد ثورة شعبية تعرف بالثورة البنفسجية، في عام 1989. ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، انقسمت على نفسها إلى دولتي التشيك وسلوفاكيا في عام 1993.
ومن خلال هذه المسيرة الطويلة من المعاناة، فان ثمة شعوراً متحفظاً – أو رافضاً – للغرباء، وبصورة خاصة للمهاجرين المسلمين.
ولمواجهة هذه الظاهرة كان لا بد من القيام بمبادرة ما. والمبادرة الجديدة قام بها سفراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المعتمدين في تشيكيا. فبعد سنتين من المحاولات مع السلطات الرسمية في وزارة الخارجية، تم الاتفاق على عقد ندوة حول مكافحة التطرف والإرهاب في العاصة براغ.
وقد عقدت الندوة مؤخراً فعلاً في مبنى الأكاديمية العلمية في العاصمة التشيكية. وافتتحها وزير الخارجية «زورالك» نفسه، بحضور عدد من الأكاديميين والاعلاميين ورجال الدين التشيك. اما على الصعيد الدبلوماسي، فقد اقتصر الحضور على سفراء دول منظمة التعاون الإسلامي وسفراء الدول الأوروبية. ومن خلال هذه الصيغة، تم استبعاد دعوة سفير إسرائيل باعتبار انه لا ينتمي إلى أي من المجموعتين!!
وفي الندوة التي استمرت يومين، جرى طرح العديد من القضايا الاشكالية التي تتعلق بالعلاقات بين الشرق والغرب، وبين الإسلام والمسيحية.
ورغم ان عدد الكنائس والكاتدرائيات الكبيرة في العاصمة التشيكية وحدها يزيد على الثلاثماية، فان اربعة بالمائة فقط من التشيكيين يترددون يوم الأحد إلى الكنائس. الا ان نسبة مرتفعة من التشيكيين تعبّر عن رفض للمسلمين بينهم.
والذين ينظرون إلى المهاجرين المسلمين إلى بلادهم على انهم يشكلون خطراً على الهوية الوطنية ليسوا من رواد الكنائس حصراً، ولكنهم في أكثريتهم من العلمانيين الرافضين للدين، والذين يجدون في الإسلام خطراً على هويتهم وثقافتهم، سيما من خلال ربط الدين بالتطرف والإرهاب.
من خلال ذلك بدا واضحاً ان ثمة مجموعة كبيرة من الصور النمطية السلبية التي تشوه صورة الآخر في الثقافة العامة. وقد عززت من هذه الصور الاضطرابات الدموية التي تتوالى فصولاً في بعض الدول العربية ( العراق وسوريا تحديداً)، كما عززها سلوك بعض الجماعات المهاجرة إلى الدول الغربية (وخاصة إلى ألمانيا).
وقد ربط الكثيرون من الاعلاميين والسياسيين الحزبيين في الغرب بين هذه المظاهر السلبية والإسلام، مما ادى إلى ترسيخ ثقافة الإسلاموفوبيا وتعزيزها على نطاق واسع.
بقلم : محمد السماك