+ A
A -
بيني وبين الأماكن علاقة الإنسان بالإنسان، وكل الأماكن لا تخلو من هذا الإنسان، الذي تجده جارا في مكان سكنك، أو زميلا في مكان عملك، أو جامعتك أو.. مدرستك.
وعلى مدى العمر.. تتعدد الأماكن، فمن بيتك الذي ولدت فيه وأصبح أثر عين أو أطلالا.. تمر عنه وكأنك لا تعرفه فتدمع عيناك، إلى مدرستك الأولى وجامعتك.. إلى عملك الأول، منزل الغربة الأول، منزل الحبيبة الأول، منزل الزوجية الأول، إلى إلى..
أمس.. بعد إنهاء الحوار مع الأستاذ جبر بن عبدالله العطية في مكتبه بمنطقة روضة الخيل بالمنتزه، وهو المكان الذي سكنته مع أسرتي لأكثر من عشر سنوات فعطفت إلى مكان السكن.. حيث الفلل الخمس وقفت أمام أول فيلا كنت أقيم فيها مع أسرتي المكونة من ولدين وثلاث بنات.. وصورتهم الطفولية تأتي من الشرفة ووجوههم البريئة تنتظرني من خلف الشبابيك.. كدت أنادي عليهم.. وقلبي يقطر حزنا على الفلل المهجورة أيضا، فقد توفيت صاحبتها وتولاها الورثة وأخرجوا سكانها لتحويلها إلى أبراج ثم توقف المشروع، فبات خرابا يبعث في نفس من سكنه الحزن وهم من عمروه وقد سهروا في حديقة السكن وسبحوا في مسابحه واستقبلوا الضيوف والأحباب.. تجولت في المنتزه كدت لا أعرفها فالشاهين قد أزيل والعمارات هدمت ولم يبق من المكان إلا مكتبة، فالمركز الصحي رحل، والمدرسة أغلقت والفلل والصحب رحلوا.. تسأل بعض من بقي فيأتيك الخبر، أبو إياد انتقل إلى رحمة الله، الدكتور أبو نبعة رحل إلى السعودية، الدكتور فلانة والدكتور فلان رحلوا إلى السويد وقدموا طلبات لجوء بعد انهيار سوريا ولم يتمكنوا من العودة إليها..
هذا حي صغير من أحياء قطر فيه أناس عمروا المكان وانتقلوا ليعمروا أماكن أخرى في المعمورة.. والسؤال.. كيف نحافظ على الإنسان في نفس المكان..
حديقة المنتزه ما زالت مغلقة منذ غادرنا المنطقة قبل عشر سنين.. تسأل لماذا.. هناك إعادة ترميم.. قد تطول..
نبضة أخيرة
صوتها من خلف البحار همسة حنين تعيد جمال اللحظة عبر السنين.
بقلم : سمير البرغوثي
وعلى مدى العمر.. تتعدد الأماكن، فمن بيتك الذي ولدت فيه وأصبح أثر عين أو أطلالا.. تمر عنه وكأنك لا تعرفه فتدمع عيناك، إلى مدرستك الأولى وجامعتك.. إلى عملك الأول، منزل الغربة الأول، منزل الحبيبة الأول، منزل الزوجية الأول، إلى إلى..
أمس.. بعد إنهاء الحوار مع الأستاذ جبر بن عبدالله العطية في مكتبه بمنطقة روضة الخيل بالمنتزه، وهو المكان الذي سكنته مع أسرتي لأكثر من عشر سنوات فعطفت إلى مكان السكن.. حيث الفلل الخمس وقفت أمام أول فيلا كنت أقيم فيها مع أسرتي المكونة من ولدين وثلاث بنات.. وصورتهم الطفولية تأتي من الشرفة ووجوههم البريئة تنتظرني من خلف الشبابيك.. كدت أنادي عليهم.. وقلبي يقطر حزنا على الفلل المهجورة أيضا، فقد توفيت صاحبتها وتولاها الورثة وأخرجوا سكانها لتحويلها إلى أبراج ثم توقف المشروع، فبات خرابا يبعث في نفس من سكنه الحزن وهم من عمروه وقد سهروا في حديقة السكن وسبحوا في مسابحه واستقبلوا الضيوف والأحباب.. تجولت في المنتزه كدت لا أعرفها فالشاهين قد أزيل والعمارات هدمت ولم يبق من المكان إلا مكتبة، فالمركز الصحي رحل، والمدرسة أغلقت والفلل والصحب رحلوا.. تسأل بعض من بقي فيأتيك الخبر، أبو إياد انتقل إلى رحمة الله، الدكتور أبو نبعة رحل إلى السعودية، الدكتور فلانة والدكتور فلان رحلوا إلى السويد وقدموا طلبات لجوء بعد انهيار سوريا ولم يتمكنوا من العودة إليها..
هذا حي صغير من أحياء قطر فيه أناس عمروا المكان وانتقلوا ليعمروا أماكن أخرى في المعمورة.. والسؤال.. كيف نحافظ على الإنسان في نفس المكان..
حديقة المنتزه ما زالت مغلقة منذ غادرنا المنطقة قبل عشر سنين.. تسأل لماذا.. هناك إعادة ترميم.. قد تطول..
نبضة أخيرة
صوتها من خلف البحار همسة حنين تعيد جمال اللحظة عبر السنين.
بقلم : سمير البرغوثي