على مدى الأربعين عاماً الماضية هيمنت «النيوليبرالية» بشكل كبير على العالم الرأسمالي الغربي، الأمر الذي نتج عنه تراكم ثروات غير متساوية لدى مجموعة من الأفراد والشركات العالمية، بينما يخضع بقية المجتمع لتحمل خطة التقشف وركود الدخول وانكماش رفاهية الدول. ولكن في الوقت الذي نعتقد فيه أن تناقضات الرأسمالية «النيوليبرالية» قد وصلت إلى المرحلة ما قبل الأخيرة، لتبلغ ذروتها في السخط الجماهيري ومعارضة «النيوليبرالية» العالمية، أثمرت الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016 عن وصول دونالد ترامب للسلطة، الذي يشترك في الاقتصاد الرأسمالي «النيوليبرالي» بينما يعارض البعد العالمي. لذا، فما هي النيوليبرالية؟ وما الذي ترمز إليه؟ وما الذي يجب أن نفعله إزاء التصريحات الاقتصادية لدونالد ترامب؟ هذا ما جاوب عنه البروفيسور الاقتصادي بجامعة كامبريدج البريطانية، «ها جون تشانغ» عبر حوار أجراه موقع «تروث أوت»، مؤكداً أنه على الرغم من دعوة ترامب للإنفاق على البنية التحتية ومعارضته لاتفاقات التجارة الحرة، فإنه يجب علينا إيلاء اهتمام أكثر لسياساته الاقتصادية ومدى تبنيه النيوليبرالية وولائه للأغنياء..
وكان نص الحوار كالتالي.
على مدى الأربعين عاماً الماضية، سادت سياسات رأسمالية السوق الحر في كثير من بلدان العالم الصناعي المتقدم. وحاليا، الكثير مما يتم تمريره كرأسمالية سوق حر يتم تصميمه والترويج له من قبل الدولة الرأسمالية بالنيابة عن الفئات المسيطرة على رأس المال.. فما الخرافات والأكاذيب الأخرى عن الرأسمالية القائمة فعليا التي تستحق الإشارة إليها؟
- لقد قال الكاتب الأميركي الشهير «غول فيدال» ذات يوم : «إن نظام الاقتصاد الأميركي هو مشاريع حرة للفقراء واشتراكية للأغنياء». أنا أعتقد أن هذه الجملة لخصت بشكل جيد ما حدث لرأسمالية السوق الحر في العقود القليلة الماضية وبشكل خاص ولكن ليس في الولايات المتحدة الأميركية فقط. ففي العقود القليلة الماضية، تم حماية الأغنياء من قوى السوق، بينما تعرض إليها الفقراء بشكل أكثر. فكبار المدراء وخاصة بالولايات المتحدة قد وقعوا على حزم أجور توفر لهم مئات الملايين من الدولارات. ويتم دعم الشركات على نطاق واسع بعدد قليل من الشروط، البعض منها مباشر والغالبية منها بشكل غير مباشر. وخلال العقد الماضي تم ضمان صمود الطبقات المالكة للأصول في الدول الغنية من خلال أسعار الفائدة المنخفضة. وبالنسبة للأساطير والأكاذيب حول الرأسمالية، فإن أهم شيء من وجهة نظري هي أكذوبة أن هناك نطاقا موضوعيا للاقتصاد، فالسوق لا تسيطر عليه الموضوعية، فقط بل هناك اعتبارات أخرى.
لقد أصبح التقشف العقيدة السائدة عبر أوروبا، وهي قمة أجندة الجمهوريين. فإذا كان التقشف قائما فعليا على الأكاذيب.. فما الهدف الفعلي؟
- الكثير ممن يتجهون للتقشف يتجهون إليه لأنهم يعتقدون أنه يؤتي ثماره، ولكن الأذكى منهم لا يتجهون للتقشف لأنهم يعرفون أنه وسيلة سهلة لانكماش الدولة وتغير طبيعة أنشطة الدولة إلى أن تصب في صالح الشركات. فالتقشف وسيلة جيدة للدفع من خلال أجندة سياسية رجعية دون أن يبدو أنه يفعل ذلك. ولذلك، حينما تتجه لخفض الانفاق لتحقيق التوازن وإعادة الأمور لنصابها، فإنك لا تدرك أنك بالفعل تشن هجوما على الطبقة العاملة والفقراء.
ما رأيك في الجدل الثائر حول مخاطر الدين العام؟ وكم من الدين العام يصبح كثيرا جدا؟
- لتحديد في ما إذا كان الدين العام جيدا أم سيئا، فإن ذلك الأمر يتوقف على التوقيت الذي يتم فيه اقتراض الأموال، (أفضل توقيت لذلك هو أثناء التباطؤ الاقتصادي)، والكيفية التي يتم استخدام الأموال من أجلها، (أفضل طريقة هي استخدام الأموال للاستثمار في البنية التحتية، البحث، التعليم، والصحة، أكثر من الانفاق على الجيش أو بناء نصب تذكارية عديمة الفائدة)، ويعتمد الأمر أيضا على من يحمل السندات، (الأفضل أن يحملها المواطنون لأنه سوف يقلل من المخاطر العائدة على الدولة).
يجادل العديد من خبراء الاقتصاد بأن عهد النمو الاقتصادي قد انتهى.. هل تتفق مع هذا الرأي؟
- الكثير من الناس يتحدث حاليا عن «الوضع الطبيعي الجديد» و«الكساد»، حيثما يؤدي ارتفاع عدم المساواة، الشيخوخة السكانية، وتخفيض الديون من قبل القطاع الخاص، إلى نمو اقتصادي منخفض مزمن، الذي يمكن تعزيزه بشكل مؤقت من خلال الفقاعات المالية التي لا يمكن تحملها على المدى الطويل. من السهل معالجة هذه الأسباب من خلال تدابير السياسة العامة، فالركود العالمي ليس أمرا حتميا. والشيخوخة يمكن مواجهتها من خلال تغيرات في السياسة تجعل العمل وتربية الأطفال أكثر توافقا ومن خلال زيادة الهجرة. ويمكن مواجهة عدم المساواة بسياسة ضريبة ونقل أكثر صرامة وبتوفير حماية أفضل للضعفاء. وتخفيض الديون من قبل القطاع الخاص يمكن مواجهته من خلال زيادة الانفاق الحكومي.
ما رأيك في السياسات الاقتصادية لترامب التي تشمل النيوليبرالية وجميع أنواع الخدع للأغنياء ومعارضته اتفاقات التجارة الحرة العالمية؟
- خطة ترامب لإنعاش الاقتصاد الأميركي لاتزال غامضة. ولكنني أرى أنها تتضمن بندين: دفع الشركات الأميركية لتوفير فرص عمل وزيادة استثمارات البنية التحتية. يبدو البند الأول خياليا إلى حد ما. فهو يقول إنه سيفعل ذلك من خلال الانخراط في مزيد من الحماية. ولكنه لن ينجح لسببين: الأول أن الولايات المتحدة مقيدة بجميع أنواع الاتفاقات التجارية الدولية. والثاني أنه إذا كان من الممكن فرض رسوم إضافية كبرى ضد الاتفاقات الدولية، فإن هيكل الاقتصاد الأميركي حاليا يشير إلى أنه ستكون هناك مقاومة كبيرة ضد تلك التدابير الحمائية داخل الولايات المتحدة.
وكان نص الحوار كالتالي.
على مدى الأربعين عاماً الماضية، سادت سياسات رأسمالية السوق الحر في كثير من بلدان العالم الصناعي المتقدم. وحاليا، الكثير مما يتم تمريره كرأسمالية سوق حر يتم تصميمه والترويج له من قبل الدولة الرأسمالية بالنيابة عن الفئات المسيطرة على رأس المال.. فما الخرافات والأكاذيب الأخرى عن الرأسمالية القائمة فعليا التي تستحق الإشارة إليها؟
- لقد قال الكاتب الأميركي الشهير «غول فيدال» ذات يوم : «إن نظام الاقتصاد الأميركي هو مشاريع حرة للفقراء واشتراكية للأغنياء». أنا أعتقد أن هذه الجملة لخصت بشكل جيد ما حدث لرأسمالية السوق الحر في العقود القليلة الماضية وبشكل خاص ولكن ليس في الولايات المتحدة الأميركية فقط. ففي العقود القليلة الماضية، تم حماية الأغنياء من قوى السوق، بينما تعرض إليها الفقراء بشكل أكثر. فكبار المدراء وخاصة بالولايات المتحدة قد وقعوا على حزم أجور توفر لهم مئات الملايين من الدولارات. ويتم دعم الشركات على نطاق واسع بعدد قليل من الشروط، البعض منها مباشر والغالبية منها بشكل غير مباشر. وخلال العقد الماضي تم ضمان صمود الطبقات المالكة للأصول في الدول الغنية من خلال أسعار الفائدة المنخفضة. وبالنسبة للأساطير والأكاذيب حول الرأسمالية، فإن أهم شيء من وجهة نظري هي أكذوبة أن هناك نطاقا موضوعيا للاقتصاد، فالسوق لا تسيطر عليه الموضوعية، فقط بل هناك اعتبارات أخرى.
لقد أصبح التقشف العقيدة السائدة عبر أوروبا، وهي قمة أجندة الجمهوريين. فإذا كان التقشف قائما فعليا على الأكاذيب.. فما الهدف الفعلي؟
- الكثير ممن يتجهون للتقشف يتجهون إليه لأنهم يعتقدون أنه يؤتي ثماره، ولكن الأذكى منهم لا يتجهون للتقشف لأنهم يعرفون أنه وسيلة سهلة لانكماش الدولة وتغير طبيعة أنشطة الدولة إلى أن تصب في صالح الشركات. فالتقشف وسيلة جيدة للدفع من خلال أجندة سياسية رجعية دون أن يبدو أنه يفعل ذلك. ولذلك، حينما تتجه لخفض الانفاق لتحقيق التوازن وإعادة الأمور لنصابها، فإنك لا تدرك أنك بالفعل تشن هجوما على الطبقة العاملة والفقراء.
ما رأيك في الجدل الثائر حول مخاطر الدين العام؟ وكم من الدين العام يصبح كثيرا جدا؟
- لتحديد في ما إذا كان الدين العام جيدا أم سيئا، فإن ذلك الأمر يتوقف على التوقيت الذي يتم فيه اقتراض الأموال، (أفضل توقيت لذلك هو أثناء التباطؤ الاقتصادي)، والكيفية التي يتم استخدام الأموال من أجلها، (أفضل طريقة هي استخدام الأموال للاستثمار في البنية التحتية، البحث، التعليم، والصحة، أكثر من الانفاق على الجيش أو بناء نصب تذكارية عديمة الفائدة)، ويعتمد الأمر أيضا على من يحمل السندات، (الأفضل أن يحملها المواطنون لأنه سوف يقلل من المخاطر العائدة على الدولة).
يجادل العديد من خبراء الاقتصاد بأن عهد النمو الاقتصادي قد انتهى.. هل تتفق مع هذا الرأي؟
- الكثير من الناس يتحدث حاليا عن «الوضع الطبيعي الجديد» و«الكساد»، حيثما يؤدي ارتفاع عدم المساواة، الشيخوخة السكانية، وتخفيض الديون من قبل القطاع الخاص، إلى نمو اقتصادي منخفض مزمن، الذي يمكن تعزيزه بشكل مؤقت من خلال الفقاعات المالية التي لا يمكن تحملها على المدى الطويل. من السهل معالجة هذه الأسباب من خلال تدابير السياسة العامة، فالركود العالمي ليس أمرا حتميا. والشيخوخة يمكن مواجهتها من خلال تغيرات في السياسة تجعل العمل وتربية الأطفال أكثر توافقا ومن خلال زيادة الهجرة. ويمكن مواجهة عدم المساواة بسياسة ضريبة ونقل أكثر صرامة وبتوفير حماية أفضل للضعفاء. وتخفيض الديون من قبل القطاع الخاص يمكن مواجهته من خلال زيادة الانفاق الحكومي.
ما رأيك في السياسات الاقتصادية لترامب التي تشمل النيوليبرالية وجميع أنواع الخدع للأغنياء ومعارضته اتفاقات التجارة الحرة العالمية؟
- خطة ترامب لإنعاش الاقتصاد الأميركي لاتزال غامضة. ولكنني أرى أنها تتضمن بندين: دفع الشركات الأميركية لتوفير فرص عمل وزيادة استثمارات البنية التحتية. يبدو البند الأول خياليا إلى حد ما. فهو يقول إنه سيفعل ذلك من خلال الانخراط في مزيد من الحماية. ولكنه لن ينجح لسببين: الأول أن الولايات المتحدة مقيدة بجميع أنواع الاتفاقات التجارية الدولية. والثاني أنه إذا كان من الممكن فرض رسوم إضافية كبرى ضد الاتفاقات الدولية، فإن هيكل الاقتصاد الأميركي حاليا يشير إلى أنه ستكون هناك مقاومة كبيرة ضد تلك التدابير الحمائية داخل الولايات المتحدة.