+ A
A -
كلمة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أمام منتدى الدوحة في دورته السابعة عشرة، شكلت بحق خريطة طريق واضحة، وافية، لقضية الساعة التي تشغل العالم بأسره، وهي قضية اللجوء واللاجئين.
لقد تم تناول هذه القضية، عبر مؤتمرات ومنتديات دولية عدة، وكانت مادة أساسية في وسائل الإعلام العالمية، ومع ذلك فإنه قلما سمعنا شيئا وافيا يمكن البناء عليه، كما جاء في كلمة سمو الأمير، حفظه الله.
لقد تعامل العالم مع هذه القضية وفق رؤيتين: فهي إما قضية إنسانية اقتصر التعاطي معها على الدعوة لتقديم مساعدات، أو أنه تم تسييسها لمصالح مختلفة، وفي كلمة سمو الأمير تم تقديم رؤية أوسع وأكثر شمولا، عبر الإشارة بوضوح إلى أسبابها ونتائجها وطرق معالجتها.
فهي أولا قضية قديمة قدم نشوء المجتمعات البشرية، كان من بعض نتائجها نشوء دول وحضارات، لكنها اليوم أخذت أبعادا مختلفة تماما، وهو ما أشار إليه سمو الأمير، حيث نتجت عن فعل سياسي، سواء أكان حروبا أم عمليات اقتلاع وتهجير قسري، على خلفيات عنصرية عرقية أو طائفية أو غيرها، والتعامل معها لابد وأن يقوم على معالجة أسبابها، وليس التوقف عند نتائجها فقط.
لقد أشار سمو الأمير إلى الأمثلة الأكثر وضوحا لهذه المسألة الإنسانية الملحة، عبر استعراض أقسى عمليات اللجوء، وأكثرها تأثيرا على مصائر الشعوب، ومن ذلك لجوء الشعب الفلسطيني عام «1948»، وهي المأساة التي تصادف ذكراها هذه الأيام، بالإضافة إلى المأساة الإنسانية المروعة التي يعيشها الشعب السوري، والتي باتت تعتبر قضية اللجوء الأكثر سوءا منذ الحرب العالمية الثانية.
كنت أستمع إلى كلمة صاحب السمو، وأتخيل صور السوريين الغرقى في البحار، ومشاهد الشقاء في مخيمات البؤس والمعاناة.. كانت صور الأطفال الباحثين عن لقمة عيش تتراءى أمامي، وسمو الأمير يتحدث عن تلك المأساة الإنسانية الصعبة التي يكابدها الشعب السوري، بسبب القمع والوحشية والممارسات الإجرامية للميليشيات الطائفية، والتدخلات الخارجية، التي عملت قتلا وترويعا بحق شعب أعزل، مطلبه الحرية والكرامة، وعوضا عن معالجة هذه المطالب المحقة، رأينا النظام السوري يلجأ إلى الحل الأمني والعسكري، ويلجأ بكل قسوة وجبروت نحو تشريد شعبه وتغيير بنيته الديموغرافية بدلا من تغيير نفسه.
بينما كان صاحب السمو يلقي كلمته، كانت بعض أحياء دمشق وضواحيها: برزة والقابون وحي تشرين، تشهد عمليات تهجير قسرية جديدة، تضاف إلى عمليات التهجير التي شهدناها على مدى السنوات الماضية، وهدفها جميعا تغيير التركيبة السكانية على أسس طائفية محضة، من المؤسف أن المجتمع الدولي لم يتعامل معها بالحزم الكافي، واكتفى في الغالب الأعم بالتعاطي مع تداعياتها، عبر التركيز على المساعدات وحدها، حتى أنه لم ينجح في ذلك أيضا.
وكما أوضح صاحب السمو، فقد لجأ الناس إلى مناطق أو دول أخرى لحماية أبنائهم من قصف طائرات النظام العشوائي والعقوبات الجماعية وعمليات الانتقام التي ترتكبها قواته والميليشيات المتحالفة معها، ومن السلوكيات القمعية لبعض الحركات المتطرفة التي فرضت نفسها على ثورة الشعب السوري العادلة بمطالبها المشروعة، والآن فإن كل ما يحدث هو تهجير المزيد من السكان، تحت سمع العالم وبصره، دون أن يحرك ساكنا.
لقد دأبت قطر على تقديم كل أشكال الدعم الإنساني للاجئين، سواء داخل الأراضي السورية أم في مخيمات اللجوء، وكانت تتم بالتوازي مع تحركات سياسية واسعة من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذه القضية، على اعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لوضع حد لهذه المأساة، وهذا ما أشار إليه صاحب السمو بوضوح في كلمته أمام منتدى الدوحة، عندما أكد ضرورة العمل من أجل تحقيق السلام العالمي، والعدالة حيث يسود الطغيان، وحيث تشن أنظمة حروبا على شعوبها، وبغير ذلك فإن المشكلة سوف تتجه إلى المزيد من التفاقم.
كلمة صاحب السمو خطة عمل واضحة وشاملة، وأحسب أنها يجب أن تكون في صلب التحركات الرامية إلى إيجاد حل للمسألة السورية تحديدا، بعيدا عن الخلافات السياسية، التي أدت إلى استفحال هذه الكارثة ووصولها إلى ما نشهده اليوم، وهو مؤلم.
بقلم : محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
لقد تم تناول هذه القضية، عبر مؤتمرات ومنتديات دولية عدة، وكانت مادة أساسية في وسائل الإعلام العالمية، ومع ذلك فإنه قلما سمعنا شيئا وافيا يمكن البناء عليه، كما جاء في كلمة سمو الأمير، حفظه الله.
لقد تعامل العالم مع هذه القضية وفق رؤيتين: فهي إما قضية إنسانية اقتصر التعاطي معها على الدعوة لتقديم مساعدات، أو أنه تم تسييسها لمصالح مختلفة، وفي كلمة سمو الأمير تم تقديم رؤية أوسع وأكثر شمولا، عبر الإشارة بوضوح إلى أسبابها ونتائجها وطرق معالجتها.
فهي أولا قضية قديمة قدم نشوء المجتمعات البشرية، كان من بعض نتائجها نشوء دول وحضارات، لكنها اليوم أخذت أبعادا مختلفة تماما، وهو ما أشار إليه سمو الأمير، حيث نتجت عن فعل سياسي، سواء أكان حروبا أم عمليات اقتلاع وتهجير قسري، على خلفيات عنصرية عرقية أو طائفية أو غيرها، والتعامل معها لابد وأن يقوم على معالجة أسبابها، وليس التوقف عند نتائجها فقط.
لقد أشار سمو الأمير إلى الأمثلة الأكثر وضوحا لهذه المسألة الإنسانية الملحة، عبر استعراض أقسى عمليات اللجوء، وأكثرها تأثيرا على مصائر الشعوب، ومن ذلك لجوء الشعب الفلسطيني عام «1948»، وهي المأساة التي تصادف ذكراها هذه الأيام، بالإضافة إلى المأساة الإنسانية المروعة التي يعيشها الشعب السوري، والتي باتت تعتبر قضية اللجوء الأكثر سوءا منذ الحرب العالمية الثانية.
كنت أستمع إلى كلمة صاحب السمو، وأتخيل صور السوريين الغرقى في البحار، ومشاهد الشقاء في مخيمات البؤس والمعاناة.. كانت صور الأطفال الباحثين عن لقمة عيش تتراءى أمامي، وسمو الأمير يتحدث عن تلك المأساة الإنسانية الصعبة التي يكابدها الشعب السوري، بسبب القمع والوحشية والممارسات الإجرامية للميليشيات الطائفية، والتدخلات الخارجية، التي عملت قتلا وترويعا بحق شعب أعزل، مطلبه الحرية والكرامة، وعوضا عن معالجة هذه المطالب المحقة، رأينا النظام السوري يلجأ إلى الحل الأمني والعسكري، ويلجأ بكل قسوة وجبروت نحو تشريد شعبه وتغيير بنيته الديموغرافية بدلا من تغيير نفسه.
بينما كان صاحب السمو يلقي كلمته، كانت بعض أحياء دمشق وضواحيها: برزة والقابون وحي تشرين، تشهد عمليات تهجير قسرية جديدة، تضاف إلى عمليات التهجير التي شهدناها على مدى السنوات الماضية، وهدفها جميعا تغيير التركيبة السكانية على أسس طائفية محضة، من المؤسف أن المجتمع الدولي لم يتعامل معها بالحزم الكافي، واكتفى في الغالب الأعم بالتعاطي مع تداعياتها، عبر التركيز على المساعدات وحدها، حتى أنه لم ينجح في ذلك أيضا.
وكما أوضح صاحب السمو، فقد لجأ الناس إلى مناطق أو دول أخرى لحماية أبنائهم من قصف طائرات النظام العشوائي والعقوبات الجماعية وعمليات الانتقام التي ترتكبها قواته والميليشيات المتحالفة معها، ومن السلوكيات القمعية لبعض الحركات المتطرفة التي فرضت نفسها على ثورة الشعب السوري العادلة بمطالبها المشروعة، والآن فإن كل ما يحدث هو تهجير المزيد من السكان، تحت سمع العالم وبصره، دون أن يحرك ساكنا.
لقد دأبت قطر على تقديم كل أشكال الدعم الإنساني للاجئين، سواء داخل الأراضي السورية أم في مخيمات اللجوء، وكانت تتم بالتوازي مع تحركات سياسية واسعة من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذه القضية، على اعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لوضع حد لهذه المأساة، وهذا ما أشار إليه صاحب السمو بوضوح في كلمته أمام منتدى الدوحة، عندما أكد ضرورة العمل من أجل تحقيق السلام العالمي، والعدالة حيث يسود الطغيان، وحيث تشن أنظمة حروبا على شعوبها، وبغير ذلك فإن المشكلة سوف تتجه إلى المزيد من التفاقم.
كلمة صاحب السمو خطة عمل واضحة وشاملة، وأحسب أنها يجب أن تكون في صلب التحركات الرامية إلى إيجاد حل للمسألة السورية تحديدا، بعيدا عن الخلافات السياسية، التي أدت إلى استفحال هذه الكارثة ووصولها إلى ما نشهده اليوم، وهو مؤلم.
بقلم : محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول