الحياة سلسلة من المواقف والاختبارات التي تستوجب منا الاستعداد والتخطيط، وإلا وقعنا في دائرة العشوائية وما يترتب عليها من تبعات سلبية نتيجة عدم تهيئنا للأحداث القادمة والمفاجآت التي يمكن أن تقلب وجودنا رأساً على عقب، إن نحن لم نكن متأهبين لاستقبالها والتغلب على تحدياتها.فهل تعيش حياتك بشكل عشوائي تلقائي؟ أم ترسم مخططات واضحة لأهدافك المستقبلية وأحلامك، وتحدد الوجهة التي ستسلكها وصولاً إلى حيث تطمح؟ تشير الدراسات المختلفة إلى أن غالبية الناس حول العالم لا يخططون لأي شيء في حياتهم، بل يتركون الأشياء تحدث دون تدخل منهم، الأمر الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء فشلهم المتكرر وعدم حصولهم على الأشياء التي يتوقون إليها منذ الصغر. كما تبين أن عدم التخطيط لا يقتصر على مسألة تنظيم الحياة الشخصية والمهنية، ووضع الأهداف وطرق تحقيقها، بل يمتد ليشمل مجالات أكثر مثل الكلام، حيث يلاحظ أن معظمنا يتكلمون قبل أن يفكروا فيما سينطقون به فيقعون في دائرة الخطأ المتكرر والتفوه بأمور تؤذيهم. يقول المثل الشهير: «لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك»، لكن يبدو أن هذه الحكمة أبعد ما تكون عن التطبيق العملي في حياة أغلبنا، حيث يميل الناس إلى التعبير عن أنفسهم دون حساب للعواقب أو التبعات، ويصرحون بما يفكرون فيه أو يشعرون به دون انتباه لما قد يجلبه ذلك من آثار مدمرة عليهم وعلى الآخرين من حولهم.إذا عرضت عليك مليون دولار للقفز من إحدى الطائرات دون مظلة، فهل ستفعل ذلك؟ حسناً، ماذا لو قلت لك إن الطائرة موجودة على الأرض؟ العبرة من هذين السؤالين هي أنه يتوجب عليك معرفة الحقائق كاملة قبل أن تبدأ بالكلام أو تبادر إلى اتخاذ أي قرار أو الإتيان بأي ردة فعل. أحد الفروق المميزة بين الناجح والفاشل، أن الفاشل يترك حياته للصدف، فلا يعدّ العدة لشيء ولا يخطط لأي أمر، بل يعيش بشكل عفوي ليتخبط يميناً وشمالاً على طول الطريق، ويجد نفسه في نهاية المطاف بعيداً عن أهدافه وأحلامه. وإذا تحدث فإنه يجرح الآخرين، ويقول أشياء يندم عليها بعد حين، ويرمي الكلام جزافاً في كل مناسبة ومحفل فيوقع نفسه في مشكلات ليس لها أول من آخر.أما الناجح فهو الشخص الذي يخطط ليومه قبل أن يبدأ، ويضع خططاً مدروسة لكل هدف من أهدافه، ويعد العدة اللازمة بهدف الوصول إلى حيث يريد. إنه لا يترك حياته للصدفة أبداً، لأنه يعلم أن تحقيق ما يصبو إليه مرهون بمدى قدرته على التخطيط الجيد. وإذا تكلم فإنه ينطق عن علم وبعد تفكير، ويجمع الحقائق والمعلومات قبل أن يدلي برأيه أو وجهة نظره، ولا يقول كلمة إلا ويعرف بالضبط لماذا قالها وما الهدف من ورائها، كما يحرص على مشاعر الغير، فلا يخاطبهم إلا بعد انتقاء العبارات التي تناسب كل واحد منهم حسب شخصيته ونمط تفكيره.جرب أن تقضي يوماً دون تخطيط لما عليك القيام به، في مقابل يوم آخر تخطط له بدقة، وانظر بنفسك كيف أن عملية التخطيط لن تأخذ منك سوى دقائق معدودات، لكنها ستجعلك تستثمر وقتك بشكل أفضل مما لو قضيت يومك دون مخطط مسبق. وجرب أيضاً ألا تنطق بكلمة قبل أن تفكر فيما ستقوله ولمن ستقوله. اعرف الشخص الذي أمامك، ثم تحدث. ادرس المشكلة القائمة أو الوضع الراهن بدقة، واجمع المعلومات حول الواقعة أو الحدث الذي تريد التحدث عنه ثم ابدأ في الكلام. لا تقل كلاماً تذروه الرياح، كلاماً لا يسمن ولا يغني من جوع، كلاماً يسيء أكثر مما ينفع لأنه خرج في الوقت غير المناسب. هكذا يكون الإنسان الناجح، مخططا بارعا لأي شيء يقوم به، وهكذا يجب أن نكون جميعاً.
آراء و قضايا
اعرف مكان الطائرة
حمد حسن التميمي
Jun 22, 2022
شارك