أحلامنا لا سقف لها ولا حدود. فذاك يحلم بأن يصير من أثرى أثرياء العالم ويتمتع بحياة رغيدة لا تقارن، وآخر يرنو إلى أن يصبح بطل المجرة بلا منازع في لعبة من الألعاب، وثالث يشكل أغلبية ساحقة من البشر، يريد تحقيق عشرات الإنجازات غير المسبوقة في جوانب متنوعة ومجالات عديدة لا حصر لها، كأنما سيعيش 1000 سنة!
نحلم ونتخيل ونسرح بمخيلاتنا كل يوم، حيث تتراءى الصور مشاهد تقارب الواقع، غير أن الواقع شيء آخر! إنه الصدمة الأولى والكبرى التي تباغت ما رسمناه في رؤوسنا من تصورات لشكل الحياة التي نتخيلها لأنفسنا!
الواقع يخبرك المرة تلو الأخرى، أن لا شيء يتحقق بالتمني، وأن السبيل إلى حيث تنظر محفوف بالمخاطر والصعوبات، ويتطلب جهداً كبيراً واستمرارية غير منقطعة. هكذا هي الحياة، لا ينال المجد والرفاهية والفوز فيها سوى المناضلون الذين يغادرون بيوتهم كل يوم لينغمسوا في الأعمال اللازمة لبلوغ أهدافهم، مهما كلفهم ذلك من ثمن.
إنهم يؤثرون السعي خلف طموحاتهم، ومطاردة أحلامهم بلا هوادة، على الركون إلى الراحة والكسل. مدركين أن ما يريدونه في هذه الحياة يستوجب التخلي عن الكسل والدافع الفطري إلى عدم فعل شيء؛ لذلك فقد عقدوا اتفاقاً مع الكون بأنهم سيعطون كل ما في جعبتهم ليحصلوا في نهاية المطاف على ما يستحقونه لقاء إصرارهم وجهودهم العظيمة المبذولة في سبيل ما يطمحون إليه.
يقول المثل: «طريق الألف ميل يبدأ خطوة». وهذا خير توصيف لرحلة النجاح التي تبدأ بخطوة صغيرة، تليها خطوة، ثم أخرى، إلى أن تفصل بيننا وبين نقطة البداية مسافة شاسعة ونتقرب أكثر فأكثر من المكان الذي نصبو إليه.
الناجح يدرك أن طريقه طويل إلى حيث يريد، وأن الحياة كفاح مستمر لا يقف عند حد؛ فيتحمل مسؤولية حياتهم وأهدافه ويسعى قدماً في سبيل تحقيقها، مضحياً بالملذات العابرة ومستغنياً عن كثير من الأشياء التي يطلبها الإنسان العادي؛ لأنه يعلم يقيناً أنه إما أن يعمل بجد منقطع النظير من أجل ما يحلم به، أو يلتفت إلى مباهج الحياة الزائلة والأمور السطحية فيضل الطريق ويخلق بينه وبين أحلامه فجوة واسعة يصعب ردمها.
في هذا العالم، إما أن تكون أو لا تكون، أن تغرق في وحل اللذات الآنية وتضيع وقتك بلا طائل، وتبدد عمرك في اللاشيء، ثم تصحو ذات يوم والندم يأكلك، أو تستغل ساعات عمرك لتقرب المسافة بينك وبين القمة وتخوض الحروب الضروس من أجل أحلامك. الوسطية مطلوبة طبعاً لكن يجب أن تميل الكفة على الدوام لصالح الأحلام الشخصية الرائعة والأهداف السامية، لا إلى التراخي والتكاسل المميت، وصرف الوقت على تلبية رغبات النفس اللانهائية.
اخرج من منطقة راحتك الآن. انهض من فراشك الدافئ. غادر عاداتك المحببة الضارة التي تبعدك ألف ميل عن النجاح الذي تطمح إليه. انسحب من العلاقات الفاشلة والمناسبات غير المجدية. ضع حدّاً لكل من يريد إضاعة وقتك على التفاهات. ابتعد عن المسلسلات والأفلام إلا ما ندر. لا تضيع ساعات يومك في الدردشة الفارغة والجدال العقيم والأحاديث الجانبية التي لا تجلب لك نفعاً على الإطلاق. ابتعد عن كل شيء يسحبك إلى القاع ولا ينمي شخصيتك ويعيق تقدمك وسمو فكرك.
الحياة جميلة أكثر بالنجاح، بالتفوق، بتحقيق الأحلام رغم الجهد اللازم لذلك. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ولا تترك مهمة ذات أهمية قصوى إلا وتنجزها قبل الموعد المحدد. تحدَّ نفسك باستمرار، واخرج من منطقة الراحة إلى عالم التعلم والتطور المستمرين.