+ A
A -

من العاداتِ الجميلةِ التي أدخلها العثمانيون إلى بلادنا هي «حق الملح»!

‏حيثُ يرجع الزوج من صلاة عيد الفطر، وتكون الزوجة قد نظفت البيت، ولبست أجمل ثيابها، وتُقدم له فنجان قهوة.

‏يشربُ الزَّوجُ القهوةَ ولا يعيدُ الفنجان فارغاً، وإنما يضع فيه خاتماً ذهبياً أو سواراً، ‏ويعيده إليها، اعترافاً بجهدها في شهر رمضان!

شخصياً، راقتْ لي هذه العادة جداً، ومُذ سمعتُ بها وأنا مداومٌ عليها، ولكن دون مراسيم فنجان القهوة، ووضع الهدية داخله، وإنما أشتري لزوجتي الهدية، وأُقبِّلُ جبينها، وأقولُ لها هذا «حقُّ الملح»، وأحياناً أقول لها: اذهبي إلى السوق واشتري هديتكِ بنفسك!

والموضوع بالنسبة لي ليس له علاقة بالتقليد الأعمى للآخرين، رغم أنه لا ضير أن يكون المرءُ مُقلِّداً في النُّبل! وإنما لأني أعرفُ ما الذي يعني للآخرين أن تُبدي لهم تقديرك بجهودهم، وعرفاناً بتضحياتهم!

الزّوج يُقدّر جهد زوجته في رعاية البيت، والزوجة تُقدّر تحصيل زوجها للرزق خارجه، وإلا فمن أين تأتي السَّكينة، وكيف نتظلل غمام المودّة والرحمة!

ولا يضرُّ الزوج شيئاً لو أبدى شكره بعد كل وجبةٍ يأكلها من يد زوجته، الكلمات اللطيفة أحياناً تكفي، ليس كل اللطف هدايا، اللطف وحده هديّة!

ولكن عذوبة اللسان، وحُسن الخُلق، لو تُوِّجا بهدية - بغض النظر عن ماهيتها، أو ثمنها - فهذا نورٌ على نور!

البيوت بحاجةٍ أن تمتلئ بالحُب أكثر من حاجتها أن تمتلئ بالأثاث!

والبرد في القلب لا تُدفئه مواقد الدنيا كلها، ولكن الأحضان الدافئة، الكلام الجميل، الرحمة المتبادلة، التفهم، التغاضي، كل هذه تُحيل البيوت من كومة ركام إلى قطعة من الجنّة!

copy short url   نسخ
18/04/2023
355