1 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ البعض يصنعهم الله على عينه، ففي سن مبكرة هيّأكَ الله لتكون فيما بعد أبا بكر! كنتَ صغيرًا عندما أوقفكَ أبوك أمام هُبل، وقال لكَ: هذا ربك! فقلتَ له: اسقني، أطعمني، اشفني! فلم يجبك، فقلتَ له: بئسَ الربُّ العاجز أنتَ! ومن يومها نشأتَ على غير دين قريش كصاحبك!
2 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الطيور على أشكالها تقع، وقعتَ على النبي صلى الله عليه وسلم ووقع عليكَ، ولأنه لم يكن هناك متسعٌ إلا لنبي واحد، ولأنّ النبوة لم تكن تليق إلا به، كنت أنتَ دون الأنبياء خطوة، وفوق الناس خطوات!
3 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ المرء حقًا على دين خليله، ولأنّ خليلك كان خير نبيٍّ بُعث، كان لا بد أن يكون له خير صاحب، وأن أصحاب الأنبياء إذ سبقوك زمانًا فقد سبقتهم فضلًا، وإن كان أصحاب نوح ركبوا سفينة الخشب، فقد كنت أول رجل ركب سفينة الحق، وإن كان أصحاب عيسى طلبوا مائدة لتطمئن قلوبهم، كان قلبك مطمئنًا دون أن ترى، ولمّا أخبروك أن صاحبك قد أُسري به، قلتَ: لو قال أنه عرج إلى السماء لصدقته! صدقته حتى قبل أن يخبرك!
4 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ المال أفضل خادم وأسوأ سيِّد، وأنه إذا وُضع فوق الرأس خفض وإذا وُضع تحت القدم رفعَ، وقد وضعتَ مالك تحت قدميك فارتفعتَ! تشتري بلالًا وتعتقه، ويوم العسرة جاء عمر بن الخطاب بنصف ماله ليسبقك، فإذا بكَ قد أتيت بكل مالك! فعلموا أنكَ لا تُسبق! ولما سألك صاحبك، ماذا تركتَ لأهلك يا أبا بكر! قلت له: تركتُ لهم الله ورسوله!
5 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ البعض لا تحلو بدونهم الطريق! كنتَ كل صباح تقول لصاحبك: ائذن لي بالهجرة! فيقول لكَ: انتظر لعل الله أن يجعل لكَ رفيقًا! كان يعرف أنه مهاجر لا محالة، فأراد أن يخبئك لنفسه بـِ«انتظر»! كان لا يطيق الدرب دونك، ولما طرق بابكَ ذات ليلٍ وقال: هلمّ بنا يا أبا بكر، لم تودع أهلكَ، لأن محمدًا كان كل أهلك!
6 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الأصدقاء روح واحدة في جسدين، تحضر لبنًا وتعطي صاحبكَ ليشرب، فيشرب هو وترتوي أنتَ!
7 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الدعوة أهم من الدعاة، وأن الإسلام لم ينتصر إلا لأنكم قدمتموه على أنفسكم، فعندما وصل الفرسان إلى الغار، كنتَ ترتعد خوفًا على صاحبك، وتقول له: إن أهلكَ فإنما أنا رجل، وإن تهلكَ فأنتَ الأمر كله، ولأن الجزاء من جنس العمل، صديقك الذي خفت عليه يطمئنك بصوته العذب: يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا، يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما! وشاء ربك ألا يبقى هذا الحب حبيس مغارة، فجعله قرآنًا يُتلى إلى قيام الساعة: «ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا»! يا لحظك يا أبا بكر، يا لحظك، يشهد القرآن أنك كنتَ صاحبه!
8 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ لا أحكم على الناس من مظهرهم، فالرجل الأسيف الذي ما كان يقوى على القرآن فتبكيه آية، ينهار الناس يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم، ويثبت قائلًا: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت!
9 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ في داخل كل إنسانٍ، إنسانا آخر! يرتد العرب، فتشهر سيفك لتعيدهم إلى حضن الإسلام، يناقشك عمر الصّلب، ويتريث خالد المقدام، وينتظر أبو عبيدة الفارس، ويُقلّب الأمر سعد بن أبي وقاص الرامي، وحدك الرقيق العذب وقفتَ كالأسد الهصور، قائلًا: والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه! ولما راجعكَ عمر، أخذتَ بتلابيب ثوبه وقلت له: أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا ابن الخطاب؟!
10 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ القانون فوق الجميع وأن الناس سواسية فيه، ولأن صاحبك قال: نحن معاشر الأنبياء لا نرثُ ولا نورِّثُ ما تركناه صدقة، لم تدفع لفاطمة أرض فدك، وما كان لكَ أن تمنع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إرثًا ليس لها، وتعطي ابنتك إرثًا ليس لها، فلم تعطِ عائشة لذاتِ السبب الذي لم تعطِ لأجله فاطمة!
11 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ ما يفعل الاقتداء برسول الله، وإنك ما سبقت الجميع إلا لفرط اتباعك له، يجد الصحابة في صدورهم شيئًا يوم الحديبية، وقد غضبوا لله وحقّ لهم، وحدك كنت تقول: إن الرجل نبي فالزموا غرسه! وعندما أشاروا عليكَ أن لا تنفذ بعث أسامة خوفًا أن تغدر بكم الروم، قلتَ: واللهِ لا أحلُّ لواءً عقده رسول الله ولو علمتُ أن السباع ستأكلني.
12 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ النبلاء يتواضعون في مواضع الفخر، كان أول كلامك بعد البيعة: أيها الناس، إني قد وُليتُ عليكم ولستُ بخيركم! يا لفرط التواضع يا أبا بكر، والله إنك لخيرنا، وواللهِ لو جُمعنا في كفٍ وكنتَ في كفٍ وحدك لرجحت بنا.
13 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الدولة العادلة صديق الضعيف حتى لا يخاف، وعدو القوي حتى لا يعتدي، وما أجملكَ إذ تقول: الضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع له حقه، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه!
14 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الحاكم العادل يبحث عن رعية لا عن عبيد، فمنذ اليوم الأول لك في الحكم قلتَ للناس: أطيعوني ما أطعتُ الله ورسوله فيكم، فإن عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم
15 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ السلطة لا تُفسد الناس بل تظهرهم على حقيقتهم، لا تشغلك السياسة أن تأتي عجوزًا وحيدة لتكنس دارها وتطبخ طعامها، وتمشي في الطريق فيأخذ أولاد المسلمين بثوبكَ ويقولون: يا أبتاه، يا أبتاه!
بقلم : أدهم شرقاوي
2 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الطيور على أشكالها تقع، وقعتَ على النبي صلى الله عليه وسلم ووقع عليكَ، ولأنه لم يكن هناك متسعٌ إلا لنبي واحد، ولأنّ النبوة لم تكن تليق إلا به، كنت أنتَ دون الأنبياء خطوة، وفوق الناس خطوات!
3 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ المرء حقًا على دين خليله، ولأنّ خليلك كان خير نبيٍّ بُعث، كان لا بد أن يكون له خير صاحب، وأن أصحاب الأنبياء إذ سبقوك زمانًا فقد سبقتهم فضلًا، وإن كان أصحاب نوح ركبوا سفينة الخشب، فقد كنت أول رجل ركب سفينة الحق، وإن كان أصحاب عيسى طلبوا مائدة لتطمئن قلوبهم، كان قلبك مطمئنًا دون أن ترى، ولمّا أخبروك أن صاحبك قد أُسري به، قلتَ: لو قال أنه عرج إلى السماء لصدقته! صدقته حتى قبل أن يخبرك!
4 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ المال أفضل خادم وأسوأ سيِّد، وأنه إذا وُضع فوق الرأس خفض وإذا وُضع تحت القدم رفعَ، وقد وضعتَ مالك تحت قدميك فارتفعتَ! تشتري بلالًا وتعتقه، ويوم العسرة جاء عمر بن الخطاب بنصف ماله ليسبقك، فإذا بكَ قد أتيت بكل مالك! فعلموا أنكَ لا تُسبق! ولما سألك صاحبك، ماذا تركتَ لأهلك يا أبا بكر! قلت له: تركتُ لهم الله ورسوله!
5 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ البعض لا تحلو بدونهم الطريق! كنتَ كل صباح تقول لصاحبك: ائذن لي بالهجرة! فيقول لكَ: انتظر لعل الله أن يجعل لكَ رفيقًا! كان يعرف أنه مهاجر لا محالة، فأراد أن يخبئك لنفسه بـِ«انتظر»! كان لا يطيق الدرب دونك، ولما طرق بابكَ ذات ليلٍ وقال: هلمّ بنا يا أبا بكر، لم تودع أهلكَ، لأن محمدًا كان كل أهلك!
6 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الأصدقاء روح واحدة في جسدين، تحضر لبنًا وتعطي صاحبكَ ليشرب، فيشرب هو وترتوي أنتَ!
7 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الدعوة أهم من الدعاة، وأن الإسلام لم ينتصر إلا لأنكم قدمتموه على أنفسكم، فعندما وصل الفرسان إلى الغار، كنتَ ترتعد خوفًا على صاحبك، وتقول له: إن أهلكَ فإنما أنا رجل، وإن تهلكَ فأنتَ الأمر كله، ولأن الجزاء من جنس العمل، صديقك الذي خفت عليه يطمئنك بصوته العذب: يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا، يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما! وشاء ربك ألا يبقى هذا الحب حبيس مغارة، فجعله قرآنًا يُتلى إلى قيام الساعة: «ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا»! يا لحظك يا أبا بكر، يا لحظك، يشهد القرآن أنك كنتَ صاحبه!
8 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ لا أحكم على الناس من مظهرهم، فالرجل الأسيف الذي ما كان يقوى على القرآن فتبكيه آية، ينهار الناس يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم، ويثبت قائلًا: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت!
9 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ في داخل كل إنسانٍ، إنسانا آخر! يرتد العرب، فتشهر سيفك لتعيدهم إلى حضن الإسلام، يناقشك عمر الصّلب، ويتريث خالد المقدام، وينتظر أبو عبيدة الفارس، ويُقلّب الأمر سعد بن أبي وقاص الرامي، وحدك الرقيق العذب وقفتَ كالأسد الهصور، قائلًا: والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه! ولما راجعكَ عمر، أخذتَ بتلابيب ثوبه وقلت له: أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا ابن الخطاب؟!
10 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ القانون فوق الجميع وأن الناس سواسية فيه، ولأن صاحبك قال: نحن معاشر الأنبياء لا نرثُ ولا نورِّثُ ما تركناه صدقة، لم تدفع لفاطمة أرض فدك، وما كان لكَ أن تمنع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إرثًا ليس لها، وتعطي ابنتك إرثًا ليس لها، فلم تعطِ عائشة لذاتِ السبب الذي لم تعطِ لأجله فاطمة!
11 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ ما يفعل الاقتداء برسول الله، وإنك ما سبقت الجميع إلا لفرط اتباعك له، يجد الصحابة في صدورهم شيئًا يوم الحديبية، وقد غضبوا لله وحقّ لهم، وحدك كنت تقول: إن الرجل نبي فالزموا غرسه! وعندما أشاروا عليكَ أن لا تنفذ بعث أسامة خوفًا أن تغدر بكم الروم، قلتَ: واللهِ لا أحلُّ لواءً عقده رسول الله ولو علمتُ أن السباع ستأكلني.
12 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ النبلاء يتواضعون في مواضع الفخر، كان أول كلامك بعد البيعة: أيها الناس، إني قد وُليتُ عليكم ولستُ بخيركم! يا لفرط التواضع يا أبا بكر، والله إنك لخيرنا، وواللهِ لو جُمعنا في كفٍ وكنتَ في كفٍ وحدك لرجحت بنا.
13 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الدولة العادلة صديق الضعيف حتى لا يخاف، وعدو القوي حتى لا يعتدي، وما أجملكَ إذ تقول: الضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع له حقه، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه!
14 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ الحاكم العادل يبحث عن رعية لا عن عبيد، فمنذ اليوم الأول لك في الحكم قلتَ للناس: أطيعوني ما أطعتُ الله ورسوله فيكم، فإن عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم
15 - شكرًا أبا بكر الصِّديق، من سيرتك تعلمتُ أنّ السلطة لا تُفسد الناس بل تظهرهم على حقيقتهم، لا تشغلك السياسة أن تأتي عجوزًا وحيدة لتكنس دارها وتطبخ طعامها، وتمشي في الطريق فيأخذ أولاد المسلمين بثوبكَ ويقولون: يا أبتاه، يا أبتاه!
بقلم : أدهم شرقاوي