+ A
A -
ما الرابط الذي يجمع بين حملة المؤسسات اليهودية الأميركية، واليمين المتطرف، التي عادت اليوم بقوة مع استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسؤولية البيت الأبيض، على قطر، وبين الحدث الذي قام في الدوحة في السادس عشر من يناير 2009.
وهي حملة شرسة منصاتها المركزية، ذات ارتباط قوي عضوي بالمشروع الإسرائيلي، والدفاع عن وجوديته الاستعمارية العنصرية بلا حدود، ومنصات هذه الحملة، مدعومة بقوة من طرف عربي، جهد طول سنوات، لتحقيق هذا الهدف المركزي له والذي تقاطع مع اللوبي الصهيوني، منذ سنوات، لكن حدث 2009، له قاعدة انطلاق خاصة في حملة واشنطن اليوم، والتي تستفيد من الإسناد العربي الشرس، ضد الدولة القَطَرية.
وقبل أن نستطرد، نوضح بجلاء أن مسألة العلاقات السياسية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، متداخلة في الخليج العربي بكل دوله، ولا يزال توازن التواجد العسكري يلعب دوراً في علاقات أقطاره بكل دوله، مع نظرية ربط أمن الخليج العربي مع الحليف الغربي، وهو الخليج اليوم الذي أضعفته تمزقاته وصراعاته الداخلية، وحروب المنطقة ومواسم الدعم المختلف للاستبداد العربي، وغياب الإصلاح الدستوري والشراكة الشعبية في دوله.
وبالتالي لم يترسّخ الأمن المستقل، لا من خلال مجلس التعاون الخليجي الذي تعصف به مواسم عجيبة من التصعيد والتلاسن، وكأنما تعمل أزماته وفقاً لمصالح خصومه الاعدقاء، وخطط خارطتهم الجديدة للخليج.
ولا من خلال تحالف عربي إسلامي بديل، يتعامل مع التغول الإيراني بعقل السياسي الذكي فلا يبتزه الغرب، فيفرض مسطرته على فارس ليضطر طهران لوقف حروبها، خاصة أن التاريخ العربي مع الضفة الأخرى مشتبك الحروب والمصالح، لمئات السنين، واللغة السياسية وتفعيل البطاقات المشروعة لمصالح الشعوب العربية، هو من يزيد مساحة فرض قواعد لعبة جديدة مع طهران، لا حرباً صوتية أو تصعيدا موسميا تحت راية واشنطن، ينتهي بحصاد مرٍ، لأهل الخليج العربي ويزيدهم رهقا.
إذن فمسألة حديثنا عن هذه الحملة التي تستهدف قطر تحديداً، لا يعني أن العلاقات الاضطرارية أو الاختيارية مع الدوحة غائبة، فهي متداخلة مع الواقع اللوجستي في الخليج العربي، الذي تسعد واشنطن باشتعال حروبه البينية داخل مجلسه، لتحصد من أطرافه نفوذاً وميزانية، لإعادة تموضعها في المنطقة، دون أن تندفع كما يُراهن البعض على حرب صفرية مع إيران، التي لطالما خطفت اتفاقاً سياسياً مع الغرب، رغم كل صيحات الحرب الصوتية العديدة عليها.
لكننا أمام هذه الحملة نرصد بوضوح، فرز ملف قطر عن بقية دول الخليج العربي، وربطه مباشرة بقضية القدس تحديداً، والذي يستنفر مشروع ترامب طاقته لتهويدها الكلي، وإنهاء هذا الملف للأبد، مع حماس عربي رسمي لتحقيق هذه المعادلة الاستراتيجية للدولة اليهودية.
ولذلك تدير هذه المنظمات حملتها الشرسة على الدوحة مستذكرة بأن هذه العاصمة الصغيرة، كانت في شتاء 2009، منبر الدعم الإعلامي القوي الوحيد للمقاومة الفلسطينية، وأن أميرها في ذلك الوقت أصّر على ألا تكون غزة معزولة الصورة والصوت، فتنهار المقاومة.
واتهامات الأميركيين بأن قطر، هي أبرز محطات الدعم لصمود القدس والمقاومة الفلسطينية، أمر شاهده واضح ولم تخفه الدوحة يوماً، وسخّرت الجزيرة وكل منصّاتها لذلك.
وقضية فلسطين ومقاومتها، كانت ميثاق شرفٍ لدى كل الدول الإسلامية والعربية وعالم الجنوب، والتيار اليساري الحر في الغرب، ومنظمات الحقوق السياسية المعتدلة في الغرب، كحركة تحرر وطنية مشروعة، تخوض حرب تحريرٍ بغض النظر عن توجهات التيار الذي يقودها.
لكن التحوّل الذي طرأ منذ اسقاط الربيع العربي، ومكّن للتطرف والغلو المتوحش، بعد أن سقطت أحلام التحول الديمقراطي للشعوب العربية، شجع أنظمة الكراهية والاستبداد العربي على استهداف المقاومة الفلسطينية، تحت مسمّى الإرهاب، وهم يعلمون أن مقاومة فلسطين خط كفاحي متباين عن التطرف، في قيادتها الرئيسية في حركة حماس وفي سجلها.
وما يهمنا اليوم حرص البيت الأبيض، وحلفاء الحركة الصهيونية المحتشدين حوله، من البيت الأبيض إلى حائط البراق المحتل، على اختطاف هذه اللحظة التاريخية حيث يُبسط الدعم العربي بلا حدود لحرب غزة القادمة، وتهويد القدس النهائي، بشراكة جهات فلسطينية.
ومشروع الممانعة الحقيقي الذي قامت به الدوحة منذ 2009، واتضح للغرب أن الأمير الشاب الذي خلف والده برغبته، يعتمد ذات الإصرار والتسمك بالموقف العروبي والإسلامي لدعم القدس ومقاومة فلسطين، وبالتالي منبر قمة غزة لا يزال صداه مقلقاً في حملة منابر واشنطن، وهو السر الرئيسي في تشديدها، على الدوحة.
وهنا نحن لا نتحدث عن تزكية مطلقة، لا تتضمن أخطاء وقعت فيها المؤسسات الإعلامية الكبرى، من فريقها العربي، التي رعتها ودعمتها الدوحة بلا حدود، لأجل حركة صمود الأقصى وفلسطين، ولا إنكار لوجود ملفات خلاف سياسية إقليمية متعددة.
لكن المركز الذي يحرك الحملة الصهيونية، وعمل عليه طرف عربي إقليمي بشراسة، كان بالنسبة للصهيونية العالمية ملف فلسطين، وضمان سحق الداعم الأبرز لمقاومتها، ومع أن هذه الحملة مقترنة بحملات أخرى، لدى المؤسسة الصهيونية القوية اليوم في واشنطن، بوعود ترامب.
والتي قد تلتف على الخليج العربي، لإنهاء خارطته النهائية، بعد استنفاذ قدراته، إلّا أن التطوع بخدمة هذا المشروع متواصل، فأصبحت تل ابيب هي الحليف الحبيب، ودوحة أهل الخليج العربي هي العدو القريب..
بقلم : مهنا الحبيل
وهي حملة شرسة منصاتها المركزية، ذات ارتباط قوي عضوي بالمشروع الإسرائيلي، والدفاع عن وجوديته الاستعمارية العنصرية بلا حدود، ومنصات هذه الحملة، مدعومة بقوة من طرف عربي، جهد طول سنوات، لتحقيق هذا الهدف المركزي له والذي تقاطع مع اللوبي الصهيوني، منذ سنوات، لكن حدث 2009، له قاعدة انطلاق خاصة في حملة واشنطن اليوم، والتي تستفيد من الإسناد العربي الشرس، ضد الدولة القَطَرية.
وقبل أن نستطرد، نوضح بجلاء أن مسألة العلاقات السياسية والاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، متداخلة في الخليج العربي بكل دوله، ولا يزال توازن التواجد العسكري يلعب دوراً في علاقات أقطاره بكل دوله، مع نظرية ربط أمن الخليج العربي مع الحليف الغربي، وهو الخليج اليوم الذي أضعفته تمزقاته وصراعاته الداخلية، وحروب المنطقة ومواسم الدعم المختلف للاستبداد العربي، وغياب الإصلاح الدستوري والشراكة الشعبية في دوله.
وبالتالي لم يترسّخ الأمن المستقل، لا من خلال مجلس التعاون الخليجي الذي تعصف به مواسم عجيبة من التصعيد والتلاسن، وكأنما تعمل أزماته وفقاً لمصالح خصومه الاعدقاء، وخطط خارطتهم الجديدة للخليج.
ولا من خلال تحالف عربي إسلامي بديل، يتعامل مع التغول الإيراني بعقل السياسي الذكي فلا يبتزه الغرب، فيفرض مسطرته على فارس ليضطر طهران لوقف حروبها، خاصة أن التاريخ العربي مع الضفة الأخرى مشتبك الحروب والمصالح، لمئات السنين، واللغة السياسية وتفعيل البطاقات المشروعة لمصالح الشعوب العربية، هو من يزيد مساحة فرض قواعد لعبة جديدة مع طهران، لا حرباً صوتية أو تصعيدا موسميا تحت راية واشنطن، ينتهي بحصاد مرٍ، لأهل الخليج العربي ويزيدهم رهقا.
إذن فمسألة حديثنا عن هذه الحملة التي تستهدف قطر تحديداً، لا يعني أن العلاقات الاضطرارية أو الاختيارية مع الدوحة غائبة، فهي متداخلة مع الواقع اللوجستي في الخليج العربي، الذي تسعد واشنطن باشتعال حروبه البينية داخل مجلسه، لتحصد من أطرافه نفوذاً وميزانية، لإعادة تموضعها في المنطقة، دون أن تندفع كما يُراهن البعض على حرب صفرية مع إيران، التي لطالما خطفت اتفاقاً سياسياً مع الغرب، رغم كل صيحات الحرب الصوتية العديدة عليها.
لكننا أمام هذه الحملة نرصد بوضوح، فرز ملف قطر عن بقية دول الخليج العربي، وربطه مباشرة بقضية القدس تحديداً، والذي يستنفر مشروع ترامب طاقته لتهويدها الكلي، وإنهاء هذا الملف للأبد، مع حماس عربي رسمي لتحقيق هذه المعادلة الاستراتيجية للدولة اليهودية.
ولذلك تدير هذه المنظمات حملتها الشرسة على الدوحة مستذكرة بأن هذه العاصمة الصغيرة، كانت في شتاء 2009، منبر الدعم الإعلامي القوي الوحيد للمقاومة الفلسطينية، وأن أميرها في ذلك الوقت أصّر على ألا تكون غزة معزولة الصورة والصوت، فتنهار المقاومة.
واتهامات الأميركيين بأن قطر، هي أبرز محطات الدعم لصمود القدس والمقاومة الفلسطينية، أمر شاهده واضح ولم تخفه الدوحة يوماً، وسخّرت الجزيرة وكل منصّاتها لذلك.
وقضية فلسطين ومقاومتها، كانت ميثاق شرفٍ لدى كل الدول الإسلامية والعربية وعالم الجنوب، والتيار اليساري الحر في الغرب، ومنظمات الحقوق السياسية المعتدلة في الغرب، كحركة تحرر وطنية مشروعة، تخوض حرب تحريرٍ بغض النظر عن توجهات التيار الذي يقودها.
لكن التحوّل الذي طرأ منذ اسقاط الربيع العربي، ومكّن للتطرف والغلو المتوحش، بعد أن سقطت أحلام التحول الديمقراطي للشعوب العربية، شجع أنظمة الكراهية والاستبداد العربي على استهداف المقاومة الفلسطينية، تحت مسمّى الإرهاب، وهم يعلمون أن مقاومة فلسطين خط كفاحي متباين عن التطرف، في قيادتها الرئيسية في حركة حماس وفي سجلها.
وما يهمنا اليوم حرص البيت الأبيض، وحلفاء الحركة الصهيونية المحتشدين حوله، من البيت الأبيض إلى حائط البراق المحتل، على اختطاف هذه اللحظة التاريخية حيث يُبسط الدعم العربي بلا حدود لحرب غزة القادمة، وتهويد القدس النهائي، بشراكة جهات فلسطينية.
ومشروع الممانعة الحقيقي الذي قامت به الدوحة منذ 2009، واتضح للغرب أن الأمير الشاب الذي خلف والده برغبته، يعتمد ذات الإصرار والتسمك بالموقف العروبي والإسلامي لدعم القدس ومقاومة فلسطين، وبالتالي منبر قمة غزة لا يزال صداه مقلقاً في حملة منابر واشنطن، وهو السر الرئيسي في تشديدها، على الدوحة.
وهنا نحن لا نتحدث عن تزكية مطلقة، لا تتضمن أخطاء وقعت فيها المؤسسات الإعلامية الكبرى، من فريقها العربي، التي رعتها ودعمتها الدوحة بلا حدود، لأجل حركة صمود الأقصى وفلسطين، ولا إنكار لوجود ملفات خلاف سياسية إقليمية متعددة.
لكن المركز الذي يحرك الحملة الصهيونية، وعمل عليه طرف عربي إقليمي بشراسة، كان بالنسبة للصهيونية العالمية ملف فلسطين، وضمان سحق الداعم الأبرز لمقاومتها، ومع أن هذه الحملة مقترنة بحملات أخرى، لدى المؤسسة الصهيونية القوية اليوم في واشنطن، بوعود ترامب.
والتي قد تلتف على الخليج العربي، لإنهاء خارطته النهائية، بعد استنفاذ قدراته، إلّا أن التطوع بخدمة هذا المشروع متواصل، فأصبحت تل ابيب هي الحليف الحبيب، ودوحة أهل الخليج العربي هي العدو القريب..
بقلم : مهنا الحبيل