في مثل هذا اليوم، الثاني من يونيو 1967، جلست مع الجالسين في ديوان (مجلس) آل البرغوثي، ويضم مشايخ القرية.. كبارها وشعراءها ومدرسيها والمؤذن وإمام المسجد.. شبابا وشيابا، وقد أعلن عبدالناصر عن طرد قوات الأمم المتحدة من سيناء ومن مضائق ثيران وحدد ساعة الصفر.. خرجنا إلى الشوارع نردد «ملايين الشعب تدق الكعب» وننظر إلى البحر الأبيض المتوسط من على أعلى جبل لنراه يعكس أشعة الشمس.. وصوت أحمد سعيد مدير صوت العرب من القاهرة يملأ الأفق «تجوع يا سمك».
جاءت هيئة التجنيد تجمع الشباب في هذا اليوم، وبعد أن عاد المغفور له، الملك حسين، العاهل الأردني، من القاهرة وقد أبرم اتفاقا مع جمال عبدالناصر بتشكيل جيش عربي موحد، وجاء عبدالمنعم رياض من القاهرة ليتولى القيادة الموحدة ويستقر في غرفة العمليات بقيادة الجيش في العبدلي بالعاصمة الأردنية عمان، الكل كان يقدم نفسه للتجنيد.. وكانوا لا يقبلون إلا من بلغ الثامنة عشرة.. كانت الإجازة المدرسية قد بدأت.
وفي صباح اليوم الخامس أفقنا على بيان من أحمد سعيد إياه بأن المقاومات الأرضية المصرية أسقطت 23 طائرة، وما هي إلا ست ساعات وكانت القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية لقناة السويس.. وفوجئنا بقرار رياض بسحب الحيش العربي من الضفة الغربية، خط الدفاع الأول، إلى شرق نهر الأردن خط الدفاع الثاني، ومن ثم شاهدنا طائرات الهيلوكوبتر تنقل الدبابات إلى الجولان، التي كان الحيش السوري انسحب منها أيضا بأمر من حافظ الأسد كما تبين من بعد.
سقطت الجولان والضفة الغربية وسيناء في ستة أيام، وأعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أنه حيش لا يقهر.. فيما الحقيقة أن مخططا تمت صياغته في عواصم عربية سهل للجيش الإسرائيلي اغتصابه للأرض.. مخططا كانت العواصم تعرفه ونفذته بدقة لنعاني منذ خمسين عاما الهجر والحرمان والقتل والتشريد.. مخططا سيسألون عليه وعلى خيانتهم لأولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج المصطفى صلى الله عليه وسلم..
نبضة أخيرة
إن تخن وطنك ودينك وشعبك.. يهن عليك بيتك وعرضك

بقلم : سمير البرغوثي