أصدر معهد الاقتصاد والسلام (IEP) مؤخرا تقريره السنوي حول وضع السلام في العالم وجاءت دولة آيسلندا في المرتبة الأولى عالميا وتصدّرت قطر الترتيب العربي تليها الكويت الثانية عربيا. ويستمدّ التقرير أهميته من السمعة الأكاديمية للمركز الذي أصدره وهو مركز أسترالي يعمل بمساهمة عدد من الجامعات العلمية المرموقة ومراكز البحوث الدولية. كما يستقي دقّته التحليلية من اعتماده المعطيات الكميّة والرقمية كأساس لتحليل خورزميات التصنيف مما يجعل من نتائج البحث دقيقة وعالية الموضوعية.من بين أهم المؤشرات الثابتة في هذا التقرير المعطى العسكري والأمني وكذلك المعطى الاقتصادي والاجتماعي حيث نجد من بين المؤشرات الأساسية التي ذكرها التقرير: عدد الحروب الداخلية والخارجية، عدم الاستقرار السياسي، مستوى احترام حقوق الإنسان أو ما يسميه (نطاق الإرهاب السياسي) وكذلك احتمال وقوع عمليات إرهابية وعدد المسجونين وعدد أفراد القوات المسلحة..أكّد التقرير أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال تمثل أخطر بؤر انعدام السلام والاستقرار في العالم بسبب الحروب القائمة والمجاعات والاضطرابات السياسية فجاءت سوريا في المرتبة قبل الأخيرة يليها اليمن في آخر التصنيف. أما بقية الدول العربية باستثناءات قليلة فقد جاءت في المراتب المتأخرة وهو ما يعكس حالة القابلية للفوضى وتؤشر على مستقبل غامض.إن المتأمل في هذا التصنيف الأكاديمي عالي الدقّة لدولة قطر يكشف معطيين أساسيين: أما الأول فيتمثّل في زيف السرديات التي يروّج لها إعلام الاستبداد تشويها لصورة قطر كعادة كل أعداء النجاح والتجارب العربية الناجحة. ويظهر الثاني في قدرة هذه الدولة الصغيرة على تحقيق منجزات نوعية ضخمة لا تقتصر فقط على تنظيم كأس العالم مثلا بل تتعداه إلى تصدّر تصنيفات التنمية البشرية من تعليم وثقافة ومحاربة الفقر داخل حدودها وخارجها. وهي المؤشرات التي تُبقي الأمل في قدرة العرب على تحقيق نهضة شاملة أمرا قائما رغم ما يتعرّض له النموذج القطري القيّم من حملات الشيطنة والتشويه.لن يكون الخروج من دائرة الفوضى ممكنا إلا بحلّ عربي يتجاوز طور التشاحن والقابلية للفوضى إلى طور الاتفاق على الحدّ الأدنى المشترك لما فيه سلامة الأجيال القادمة. فالنجاح القطري هو نجاح عربي قبل أن يكون قطريا وهو ثمرة حكمة القيادة ومنظومة الحكم الرشيد التي تقود البلاد وهو المؤشر العربي الأهم على أنّ النماذج الناجحة قادرة على تكوين قاطرة سحب قوية تساهم في إخراج المنطقة من دائرة الصراعات وانعدام الاستقرار.
قطر في مؤشر السلام العالمي
- 23/06/2022
- /
- آراء و قضايا
+ A
A -