+ A
A -
أقرّ مجلس وزراء الداخلية العرب مؤخرا بتصنيف «حزب الله» تنظيما إرهابيا بعد المجازر والمذابح التي ارتُكبت في سوريا والتي كانت شاهدا على بشاعة الجرائم في حق الشعب السوري المطالب بالحرية والتحرر من نظام الوكالة الإيراني ممثلا في نظام بشار الأسد. أصوات كثيرة رأت في التصنيف خطوة متأخرة لكن ضرورية من أجل محاسبة قيادات الحزب على ما ارتكبه من جرائم في حق المدنيين بأرض الشام والتي كان شاهدا عليها حصار قرية «مضايا» السورية حتى الموت جوعا.
لكن أصواتا أخرى تُمسك بزمام مفاصلَ أعلى سواء في الإعلام أو في الأحزاب السياسية العربية من بقايا المعارضة التي صنعها الاستبداد نفسه رأت في هذا التصنيف تآمرا على «نظام المقاومة والممانعة» وأذرعه التابعة له في المنطقة.
التصنيف مزعج كثيرا رغم وضوح الجرائم التي يعترف بها الأمين العام السابق للحزب وكثيرون ممن كانوا بالأمس القريب من أكثر المناصرين للحزب تعصبا. لكن قراءة المشهد العربي جغرافيا من حيث توزّع ردود الأفعال تكشف في الظاهر تباينا واضحا بين الموقف المشرقي والموقف المغربي أما في العمق فإن أثر الثورة السورية قد ساهم بشكل كبير في توحيد الموقف العربي والإسلامي من الحزب بشكل كبير.
الحزب نفسه والقائمون عليه في إيران خاصة فاجأهم هذا التصنيف لدلالته على تحوّل نوعي في الموقف العربي وترجمته لوحدة عربية نادرة في الموقف السياسي الرسمي على الأقل رغم سعي بعض الدول العربية إلى تفضيل اللون الرمادي في التعاطي مع القرار مثلما هو حال تونس والجزائر مثلا. الحزب نفسه عمل على استغلال خروج بعض الأصوات التابعة له في الإعلام والثقافة وداخل الأحزاب السياسية منددة بالقرار لترديد نفس الخطاب الذي استهلكه خلال أكثر من أربعة عقود ونجح في تخدير كثير ممن أغرتهم شعارته البرّاقة قبل أن تطيح به الثورة السورية وبخطابه.
في تونس مثلا يصطف الشيوعي والنقابي والقومي واللبرالي من النخب المجهرية دفاعا عن حزب الله وهو ما يبدو للخارج قسما هاما من الشعب التونسي في حين لا يمثل هؤلاء إلا مجموعات صغيرة جدا من «نُخب بن علي «التي صنعها لنفسه من أجل الايهام بالمعارضة وبالتعددية السياسية.
لقد ارتبطت مصالح هذه المجموعات الصغيرة باكرا وفي أصل نشأتها بالخارج وبولاءات قريبة من منظومة الاستبداد وتمكنت من بلوغ مفاصل الدولة وخاصة واجهتها الاعلامية والثقافية مما سمح لها بالتأثير الكبير خلال عشريات الاستبداد على قطاع واسع من الشباب.
إيران استثمرت كثيرا في الفراغات التي تركتها الأنظمة والنخب العربية منذ منتصف القرن السابق واستطاعت أن تجنّد الكثير من الأبواق والمنصات الاعلامية والاحزاب السياسية بل يمكن القول أن أنظمة عربية باستثناء النظام السوري ـ والعراقي اليوم ـ تصطف في الخندق الإيراني بشكل مباشر أو غير مباشر. هذه الفراغات هي التي تحولت إلى أجزاء وظيفية من المشهد العربي وهي التي تصم آذننا اليوم بالشعارات المقاومة الزائفة والتخوين واستعادة مقولة المؤامرة على المقاومة في الوقت الذي رفضتها فيه عندما استنكر الجميع انقلابات العسكر التي دعمتها إيران أو مجازر الأسد في حق الشعب السوري.
إن الموقف العربي الموحّد من تصنيف حزب الله الإيراني تنظيما إرهابيا هو خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لا بد أن تعقبها خطوات من أجل محاكمة قيادات التنظيم أمام المحاكم الدولية بتهم الإرهاب والقتل والتصفية العرقية كما وثقت ذلك الثورة السورية المباركة.
بقلم : محمد هنيد
لكن أصواتا أخرى تُمسك بزمام مفاصلَ أعلى سواء في الإعلام أو في الأحزاب السياسية العربية من بقايا المعارضة التي صنعها الاستبداد نفسه رأت في هذا التصنيف تآمرا على «نظام المقاومة والممانعة» وأذرعه التابعة له في المنطقة.
التصنيف مزعج كثيرا رغم وضوح الجرائم التي يعترف بها الأمين العام السابق للحزب وكثيرون ممن كانوا بالأمس القريب من أكثر المناصرين للحزب تعصبا. لكن قراءة المشهد العربي جغرافيا من حيث توزّع ردود الأفعال تكشف في الظاهر تباينا واضحا بين الموقف المشرقي والموقف المغربي أما في العمق فإن أثر الثورة السورية قد ساهم بشكل كبير في توحيد الموقف العربي والإسلامي من الحزب بشكل كبير.
الحزب نفسه والقائمون عليه في إيران خاصة فاجأهم هذا التصنيف لدلالته على تحوّل نوعي في الموقف العربي وترجمته لوحدة عربية نادرة في الموقف السياسي الرسمي على الأقل رغم سعي بعض الدول العربية إلى تفضيل اللون الرمادي في التعاطي مع القرار مثلما هو حال تونس والجزائر مثلا. الحزب نفسه عمل على استغلال خروج بعض الأصوات التابعة له في الإعلام والثقافة وداخل الأحزاب السياسية منددة بالقرار لترديد نفس الخطاب الذي استهلكه خلال أكثر من أربعة عقود ونجح في تخدير كثير ممن أغرتهم شعارته البرّاقة قبل أن تطيح به الثورة السورية وبخطابه.
في تونس مثلا يصطف الشيوعي والنقابي والقومي واللبرالي من النخب المجهرية دفاعا عن حزب الله وهو ما يبدو للخارج قسما هاما من الشعب التونسي في حين لا يمثل هؤلاء إلا مجموعات صغيرة جدا من «نُخب بن علي «التي صنعها لنفسه من أجل الايهام بالمعارضة وبالتعددية السياسية.
لقد ارتبطت مصالح هذه المجموعات الصغيرة باكرا وفي أصل نشأتها بالخارج وبولاءات قريبة من منظومة الاستبداد وتمكنت من بلوغ مفاصل الدولة وخاصة واجهتها الاعلامية والثقافية مما سمح لها بالتأثير الكبير خلال عشريات الاستبداد على قطاع واسع من الشباب.
إيران استثمرت كثيرا في الفراغات التي تركتها الأنظمة والنخب العربية منذ منتصف القرن السابق واستطاعت أن تجنّد الكثير من الأبواق والمنصات الاعلامية والاحزاب السياسية بل يمكن القول أن أنظمة عربية باستثناء النظام السوري ـ والعراقي اليوم ـ تصطف في الخندق الإيراني بشكل مباشر أو غير مباشر. هذه الفراغات هي التي تحولت إلى أجزاء وظيفية من المشهد العربي وهي التي تصم آذننا اليوم بالشعارات المقاومة الزائفة والتخوين واستعادة مقولة المؤامرة على المقاومة في الوقت الذي رفضتها فيه عندما استنكر الجميع انقلابات العسكر التي دعمتها إيران أو مجازر الأسد في حق الشعب السوري.
إن الموقف العربي الموحّد من تصنيف حزب الله الإيراني تنظيما إرهابيا هو خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لا بد أن تعقبها خطوات من أجل محاكمة قيادات التنظيم أمام المحاكم الدولية بتهم الإرهاب والقتل والتصفية العرقية كما وثقت ذلك الثورة السورية المباركة.
بقلم : محمد هنيد