أنا الوافد إلى الخليج شابا يافعا عام 1968، تنقلت بين دوله ومدنه، من الكويت إلى مسقط، إلى صلالة إلى المنامة، إلى العين ودبي وأبو ظبي، إلى الدوحة إلى جدة إلى الرياض.. لم أشعر أنني غادرت من بلد إلى بلد، بل كنت أشعر- حتى قبل قيام مجلس التعاون الخليجي- أنني في بلد واحد.. لا اختلاف في الملبس والمأكل والمشرب والديانة والعقيدة والمسجد، إلا القليل من الاختلافات المكتسبة من بيئات أخرى في عمان وجنوب المملكة وشمالها.. لكن وجدت ابن نجد هو ابن الكويت وابن القطيف هو ابن الدوحة وابن المنامة مع اختلاف في لكنة اللسان هو ابن الرويس والشمال القطري..
أنا الوافد إلى الخليج وعاش في الكويت وشهد تطورها رويدا رويدا حتى وصلت قمتها في عام 1990 وسلطوا عليها الجار الذئب صدام حسين الذي باغتها في ليلة مقمرة من ليالي يوليو-أغسطس في ذلك العام.. ليعيدها إلى نقطة الصفر.. لكن الكويت أميرا وشعبا أصروا على أن تعود الكويت لتبدأ مرحلة بناء جديدة لا زالت تعاني في العودة إلى المركز الأول، لأن تدمير ما حققته في سنواتها الثلاثين منذ استقلالها كان جائرا وظالما.. إنما للظالم جولة.. فقد ظلمها صدام حسين بتوجيه حاقدين..
أنا الوافد إلى الخليج أشعر بفخر ما يحققه أي وطن خليجي من تطور وإنجاز وأشعر بالعزة حين أرى الكويت أو مسقط تحقق التطور..
نعم.. قطر حققت المراكز الأولى وباتت دولة أستطيع أن أقول إنها خلال 22 عاما باتت من العالم الأول في التعليم والصحة والدخل والشفافية والنمو.. وأصبحت لؤلؤة في عقد الخليج الذي عليه أن يفرح بها وباتت وسيطا نزيها يحل مشاكل العالم.. ودولة تقل للظلم لا، فوقفت مع غزة ولبنان والسودان ومصر وتونس والجزائر والمغرب والعراق.. والشعب السوري..
قطر التي تتزين لاستقبال العرس العالمي الأول وتفتح لأخواتها الخليجيات للمشاركة في هذا العرس المونديال عام 2022 تواجه الحقد الذي واجهته شقيقتها الكويت.. لكن لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.. وقطر التي كانت تخشى هذا الحقد من الأشقاء المتربصين ليوسف.. احتاطت لهذا اليوم وكما قال النائب الكويتي ناصر الدويلة.. وهو من عايش الحقد على بلده: قطر تعاملت مع الأزمة بحكمة
- التزمت بمحاسن الأخلاق أميرا وشعبا وإعلاما في الردود
- التزمت بالأحكام الشرعية في الخلاف وقبلت مساعي الصلح
- أمنت جبهتها الداخلية.
- فعلت الاتفاقية القطرية- التركية واستدعت قوات تركية.
- اتصلت بالدول الإسلامية لشرح موقفها الشرعي.
- كسبت تأييد غالبية الشعوب الخليجية ولم تظلم أو تبهت.
- صبرت على الأذى وتحملت معاناة شعبها في المشاعر وباقي المناطق المقاطعة دون أي إساءة لأشقائها المقاطعين.
- أمنت احتياجات الدولة من السوق العالمية بسرعة فائقة وأحبطت آثار الحصار.
- كسب أمير قطر وشعبها وإعلامها احترام العالم والشعوب الحرة.
ويضيف الدويلة إن الشعب الخليجي ممتن لقيادة قطر وشعبها الأبي ونسأل الله أن يفرج الهم ويجلي الغم. ويختم ببيتي شعر
مدحي لربعي ما يذم الاجاويد
ولا يستشك إلا خبيث القريحه
نعم يا ناصر يا ابن الكويت الغالية وأنا أيضا حين أمدح الكويت وأمدح قطر فمدحي لا يذم الأجاويد الذين يحبون الخير لهذا الخليج الجميل الذي كما ذكرت أني عشقته وقد جبلت من طينه على مدى نصف قرن أستنشق هواءه وأكتسي بمكارمه..

بقلم : سمير البرغوثي