في كتاب الأذكياء لابن الجوزي، عن بريد بن جرير أن عمر بن الخطاب قال لأبيه: سر بقومك إلى العراق فقد جمعت الأعاجم لنا فيه، فما غلبت عليه فلك ربعه!
فلما فتح الله على المسلمين، وجمعوا الغنائم، ادعى جرير أن له ربع هذه الغنائم.
فكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر يخبره بمقالة جرير.
فكتب إليه عمر يقول: صدق جرير، قد قلت له ذلك، فإن شاء أن يكون هو وقومه قد قاتلوا لأجل الغنائم فأعطوه ربعها، وإن كان إنما قاتل لله ولدينه ونبيه فهو رجل من المسلمين، له ما لهم!
فأطلع سعد جريرا على كتاب عمر.
فقال جرير: صدق أمير المؤمنين، لا حاجة لي بالربع، إنما أنا رجل من المسلمين!
يا للفاروق، رجل يعرف معادن الرجال، يغري رجلا بالغنائم، فإذا صارت بين يديه، خيَّره بين الدنيا والآخرة..
أصلح نيتك، فلا شيء يجعل العبادات مقبولة أو مردودة على أصحابها إلا النوايا..
فإن مشيت إلى المسجد ليقال عابد، فقد قيل، أما الملائكة فلا تكتب إلا ما كان خالصا لله..
وإن تصدقت ليقال جواد كريم، فقد قيل، أما السجلات فمكتوب فيها صدقة ما أريد بها وجه الله..
وإن نافحت عن دينك، وسنة نبيك في مواقع التواصل ليقال مثقف متدين فقد قيل، أما الصحف فمكتوب فيها كلام حق أريد به شهرة..
كان عبد الله بن سلول يصلي الفجر في المسجد خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فهو في الدرك الأسفل من النار! هذا لأن النية فاسدة، وذاك الجبين ما سجد إلا نفاقا!