مضت ثلاثة أسابيع على افتعال «الأزمة» وإثارة «الفتنة» وخلخلة الصفوف، بهدف ضرب استقرار الخليج والمنطقة برمتها، لإشغال الأمة عن قضاياها الأساسية ومعاركها الرئيسية، وذلك نتيجة التسرع والرعونة والمراهقة السياسية التي تصدرت عناوين إدارة الأزمة من قبل أطرافها، مما أعطاها شكلا نشازا ومضمونا شاذا، رفضه العالم المتحضّر وتصدّت له الشعوب الواعية والدول الراقية، التي لم ترضخ للضغوط ولا للتهديدات ولا حتى للإغراءات أو المفاوضات، سواء كانت بلغة الدراهم أو الريالات.
فالمواقف الدولية كشفت الستار عن تفاصيلها، والدول الكبرى عبّرت عن استغرابها واستيائها من هذا السلوك المتشنج والقرار المتهور، والذي يشبه ما كان يحدث في العصر «المتحجّر»، في الوقت الذي نرى فيه العالم المتحضّر والمتطور يدير خلافاته المحورية واختلافاته الجوهرية عبر الجلوس على مائدة مستديرة أو حتى مستطيلة، للحوار والنقاش البعيد عن العنجهية والغطرسة و«الهواش»..!
لذلك، الحوار يسمى «لغة العقل»، لأنه يدور على أساسيات وركائز تفضي إلى الإقناع عبر الأدلة والبراهين التي تقطع الشك باليقين.
ودون الاستناد إلى المنطق والدليل، فإنك لن تستطيع أن تحشد العالم إلى جوارك وأنت تخاطبهم بلغة غير مفهومة أو مهضومة، تعتمد على التزييف والتحريف، إضافة إلى الفبركات والقرصنات، حتى لو أظهرت عصا العقوبات أو استعنت بدفتر الشيكات!
فهذه الدول قائمة على الديمقراطيات والحكم فيها على قاعدة شعبية، حيث لا تستطيع السلطة الخروج عن خط السير المبني على الإقناع في تحقيق مصلحة البلاد، لأنها ستتعرض لهزة عنيفة من قبل الشعب، قد تتسبب في سقوطها، ومحاكمتها، بعكس الأنظمة الديكتاتورية التي ترتكز على نظام الحكم الفردي والمحمي بإطار عسكري، فهذا لا قيمة لقراره وإن قال «تمام يا فندم» لأنه لا يمثل الرأي الشعبي ولا ينسجم مع المجتمع الدولي.
كما أن هذا الاندفاع و«التفحيط السياسي» كما يقول المبدع فوزي بشرى في قناة «الجزيرة»، سيثير موجة عارمة من الغبار داخل دول المقاطعة، نتيجة الاستعراض على رمال الأزمة، دون استشراف لخطورة هذه التصرفات، أو معرفة كافية بقوة وتماسك قطر وخبرتها وعلاقاتها السياسية وحنكتها الدبلوماسية وثقتها الكبيرة بأنها تملك سياسة واضحة وشفافة لا تشوبها شائبة.
وهذا ما جعل «محور» أطراف الأزمة في ورطة نتيجة إقدامهم على «مغامرة غير محسوبة» وخطوات متهورة دون «قراءة سليمة» لمراحل الأزمة، بدليل كثرة التخبطات في قراراتهم وتناقضاتها وتقاطعاتها ومخالفاتها لأنظمة وقوانين.. وقبل ذلك لتعاليم الدين.
كان حرياً بهذه الحكومات أن تكون أكثر احترافية في قراراتها قبل أن تكون مقنعة لشعوبها، فهي يفترض أن تكون لديها خبرات في صياغة البيانات واختيار الخطوات، فهي دول لها وزنها وليست مجموعة شباب في استراحة.. أو «شلّة» في عزبة!!
لذلك ومع هذه «الفوضى الخلاّقة» التي لا ترتبط بالصدق بأي علاقة، كان من الطبيعي أن يرفض الشعب الخليجي هذه القرارات، جملة وتفصيلا، ولا يأبه بسياط الغرامات والسجن لسنوات في سبيل قول كلمة الحق التي لا تحجبها قسوة القوانين ولا «إرهاب المواطنين».. حتى وإن هبطت الطيور على رؤوس رجال الدين!
نعم كنا ننتظر من العلماء كلمة عن فرض الحصار أو فتوى عن منع العمرة أو رأيا شرعيا حول قطع الأرحام في شهر رمضان!
لكن الرد جاء من الأوروبيين والأميركان، فتحدثوا في هذا الموضوع وقالوا ما تمليه عليهم ضمائرهم.. ولم يهددهم أحد بالسجن أو الجلد أو الاعتقال!
وللخروج من آثار هذه القرارات التي بدأت تشكل ضغطا على «دول المقاطعة»، نتيجة تحركات المجتمع الدولي والمدني بكل لجانه ومنظماته، ونتيجة ما ينتظرهم من قضايا كبيرة ودعاوى كثيرة وذلك لجهلهم بالقوانين الدولية وإخلالهم بالمواثيق العالمية، إذ من المتوقع قريبا نسف هذه القرارات والتعويض عن جميع الأضرار التي طالت الشركات والموانئ والتجارة والطيران وغيرها، وفي المقابل كانت الخطط الاستراتيجية والبدائل المتنوعة هي سبيلنا الجاهز والمعد سلفا للتعامل مع هذه المتغيرات.. يضاف لها إرادة القطريين و«صملتهم» والتعود على المواجهة.. كما قال عنهم مؤسس البلاد في ذات يوم: «مطوعين الصعايب».
وبدأ وزراء الأزمة تحركاتهم من الكويت إلى مسقط إلى أنقرة للتبرير عن «عمايلهم» في هذا الشهر الفضيل، مما يؤكد أنهم أنفسهم منقسمون وغير مقتنعين بهذه الإجراءات.. ويحتاجون لإقناع الآخرين.. ولكن هذه المهمة سيكون مصيرها الفشل الذريع، لأن أي حديث بلا دليل لا قيمة له!
أطلقتم التهم جزافا ولم تعلنوا عن أي برهان حتى الآن، تارة حماس وتارة الإخوان.. ويوم الجزيرة.. ويوم الإرهاب.. وعفوا.. ومع الاحترام لمن يستحق، لن تكونوا أكثر إطلاّعا من دول كبرى جندت نفسها لمحاربة التطرف والإرهاب وتملك أقوى أجهزة مخابرات في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والتي أكدت إدارتها ورئيسها على أن قطر شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب.. فهل يعقل أن تثني هذه القوى العظمى على الدور القطري.. ثم نصم آذاننا عنها ونستمع لمقالات أدعياء الليبرالية وأعداء الوهابية ومفسري الأحلام وبائعي الأوهام الذين يرفعون شعار «البيت متوحد داخليا.. و«اليمن متقسّم» خارجيا؟!
وفي هذا خيانة تاريخية لمهمة التحالف في الحفاظ على شرعية اليمن ووحدة وسيادة أراضيه كما تقول المملكة العربية السعودية.
وعطفاً على ذكر عاصفة الحزم فحري بنا القول إن موقف قناة الجزيرة كان «أشرف» من بعض الحلفاء، ولولا تغطيتها المهنية الصادقة، لذهب التحالف ضحية تقارير وصور وأخبار تسرب في العالم للإضرار بسمعة السعودية..
قطر الحليف الصادق للسعودية، والمواقف محفوظة ومذكورة ومشهورة، سواء في جبهات القتال أو منظمات الأمم..لكن هناك من اشعلت قلبه الغيرة والحقد الدفين، فسعى لإشعال فتن و«دق إسفين» بين الحليفين.. لكن الأيام وحدها ستكشف «المتآمرين.. والمأمورين»!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
فالمواقف الدولية كشفت الستار عن تفاصيلها، والدول الكبرى عبّرت عن استغرابها واستيائها من هذا السلوك المتشنج والقرار المتهور، والذي يشبه ما كان يحدث في العصر «المتحجّر»، في الوقت الذي نرى فيه العالم المتحضّر والمتطور يدير خلافاته المحورية واختلافاته الجوهرية عبر الجلوس على مائدة مستديرة أو حتى مستطيلة، للحوار والنقاش البعيد عن العنجهية والغطرسة و«الهواش»..!
لذلك، الحوار يسمى «لغة العقل»، لأنه يدور على أساسيات وركائز تفضي إلى الإقناع عبر الأدلة والبراهين التي تقطع الشك باليقين.
ودون الاستناد إلى المنطق والدليل، فإنك لن تستطيع أن تحشد العالم إلى جوارك وأنت تخاطبهم بلغة غير مفهومة أو مهضومة، تعتمد على التزييف والتحريف، إضافة إلى الفبركات والقرصنات، حتى لو أظهرت عصا العقوبات أو استعنت بدفتر الشيكات!
فهذه الدول قائمة على الديمقراطيات والحكم فيها على قاعدة شعبية، حيث لا تستطيع السلطة الخروج عن خط السير المبني على الإقناع في تحقيق مصلحة البلاد، لأنها ستتعرض لهزة عنيفة من قبل الشعب، قد تتسبب في سقوطها، ومحاكمتها، بعكس الأنظمة الديكتاتورية التي ترتكز على نظام الحكم الفردي والمحمي بإطار عسكري، فهذا لا قيمة لقراره وإن قال «تمام يا فندم» لأنه لا يمثل الرأي الشعبي ولا ينسجم مع المجتمع الدولي.
كما أن هذا الاندفاع و«التفحيط السياسي» كما يقول المبدع فوزي بشرى في قناة «الجزيرة»، سيثير موجة عارمة من الغبار داخل دول المقاطعة، نتيجة الاستعراض على رمال الأزمة، دون استشراف لخطورة هذه التصرفات، أو معرفة كافية بقوة وتماسك قطر وخبرتها وعلاقاتها السياسية وحنكتها الدبلوماسية وثقتها الكبيرة بأنها تملك سياسة واضحة وشفافة لا تشوبها شائبة.
وهذا ما جعل «محور» أطراف الأزمة في ورطة نتيجة إقدامهم على «مغامرة غير محسوبة» وخطوات متهورة دون «قراءة سليمة» لمراحل الأزمة، بدليل كثرة التخبطات في قراراتهم وتناقضاتها وتقاطعاتها ومخالفاتها لأنظمة وقوانين.. وقبل ذلك لتعاليم الدين.
كان حرياً بهذه الحكومات أن تكون أكثر احترافية في قراراتها قبل أن تكون مقنعة لشعوبها، فهي يفترض أن تكون لديها خبرات في صياغة البيانات واختيار الخطوات، فهي دول لها وزنها وليست مجموعة شباب في استراحة.. أو «شلّة» في عزبة!!
لذلك ومع هذه «الفوضى الخلاّقة» التي لا ترتبط بالصدق بأي علاقة، كان من الطبيعي أن يرفض الشعب الخليجي هذه القرارات، جملة وتفصيلا، ولا يأبه بسياط الغرامات والسجن لسنوات في سبيل قول كلمة الحق التي لا تحجبها قسوة القوانين ولا «إرهاب المواطنين».. حتى وإن هبطت الطيور على رؤوس رجال الدين!
نعم كنا ننتظر من العلماء كلمة عن فرض الحصار أو فتوى عن منع العمرة أو رأيا شرعيا حول قطع الأرحام في شهر رمضان!
لكن الرد جاء من الأوروبيين والأميركان، فتحدثوا في هذا الموضوع وقالوا ما تمليه عليهم ضمائرهم.. ولم يهددهم أحد بالسجن أو الجلد أو الاعتقال!
وللخروج من آثار هذه القرارات التي بدأت تشكل ضغطا على «دول المقاطعة»، نتيجة تحركات المجتمع الدولي والمدني بكل لجانه ومنظماته، ونتيجة ما ينتظرهم من قضايا كبيرة ودعاوى كثيرة وذلك لجهلهم بالقوانين الدولية وإخلالهم بالمواثيق العالمية، إذ من المتوقع قريبا نسف هذه القرارات والتعويض عن جميع الأضرار التي طالت الشركات والموانئ والتجارة والطيران وغيرها، وفي المقابل كانت الخطط الاستراتيجية والبدائل المتنوعة هي سبيلنا الجاهز والمعد سلفا للتعامل مع هذه المتغيرات.. يضاف لها إرادة القطريين و«صملتهم» والتعود على المواجهة.. كما قال عنهم مؤسس البلاد في ذات يوم: «مطوعين الصعايب».
وبدأ وزراء الأزمة تحركاتهم من الكويت إلى مسقط إلى أنقرة للتبرير عن «عمايلهم» في هذا الشهر الفضيل، مما يؤكد أنهم أنفسهم منقسمون وغير مقتنعين بهذه الإجراءات.. ويحتاجون لإقناع الآخرين.. ولكن هذه المهمة سيكون مصيرها الفشل الذريع، لأن أي حديث بلا دليل لا قيمة له!
أطلقتم التهم جزافا ولم تعلنوا عن أي برهان حتى الآن، تارة حماس وتارة الإخوان.. ويوم الجزيرة.. ويوم الإرهاب.. وعفوا.. ومع الاحترام لمن يستحق، لن تكونوا أكثر إطلاّعا من دول كبرى جندت نفسها لمحاربة التطرف والإرهاب وتملك أقوى أجهزة مخابرات في العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والتي أكدت إدارتها ورئيسها على أن قطر شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب.. فهل يعقل أن تثني هذه القوى العظمى على الدور القطري.. ثم نصم آذاننا عنها ونستمع لمقالات أدعياء الليبرالية وأعداء الوهابية ومفسري الأحلام وبائعي الأوهام الذين يرفعون شعار «البيت متوحد داخليا.. و«اليمن متقسّم» خارجيا؟!
وفي هذا خيانة تاريخية لمهمة التحالف في الحفاظ على شرعية اليمن ووحدة وسيادة أراضيه كما تقول المملكة العربية السعودية.
وعطفاً على ذكر عاصفة الحزم فحري بنا القول إن موقف قناة الجزيرة كان «أشرف» من بعض الحلفاء، ولولا تغطيتها المهنية الصادقة، لذهب التحالف ضحية تقارير وصور وأخبار تسرب في العالم للإضرار بسمعة السعودية..
قطر الحليف الصادق للسعودية، والمواقف محفوظة ومذكورة ومشهورة، سواء في جبهات القتال أو منظمات الأمم..لكن هناك من اشعلت قلبه الغيرة والحقد الدفين، فسعى لإشعال فتن و«دق إسفين» بين الحليفين.. لكن الأيام وحدها ستكشف «المتآمرين.. والمأمورين»!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول