حل قائد عام الجيش التابع لمجلس النواب في ليبيا، خليفة حفتر، ضيفا على إيطاليا وأجرى لقاءات مع مسؤوليها الكبار في مقدمتهم رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني. وأثارت الزيارة جدلا وطُرحت أسئلة عن توقيتها وغاياتها، وهل هي برغبة حفتر أم دعوة من الحكومة الإيطالية؟

بداية، الزيارة جاءت بطلب ودعوة من الحكومة الإيطالية، أي إن غاياتها حددتها السياسة الإيطالية تجاه ليبيا، وهي تتعلق بملفات حيوية ذات طبيعة أمنية. ودعوة حفتر تدلل على أنه في نظر الحكومة الإيطالية الحاكم الفعلي والمتحكم في القرار في مناطق سيطرته، ويأتي ضمنا عدم اعتراف إيطاليا بالحكومة الليبية بقيادة فتحي باشاغا، وأن سلطته الفعلية تأتي تحت مظلة حفتر ونفوذه.

ويبدو أن روما لا تريد أن تصل رسائل خاطئة لحفتر مفادها أن الحليف الليبي هو الجبهة الغربية وحكومة الوحدة الوطنية، خاصة أنها تتجه إلى استعادة نفوذها ومكانتها في خريطة العلاقات الخارجية لليبيا، مع إدراكها أن مصالحها في الشرق تتطلب تقاربا وتفاهما مع الحاكم الفعلي هناك.

قضايا حيوية عديدة عكست نفسها في أجندة اجتماع ميلوني بحفتر، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، والمعلومات التي تناقلتها مصادر عدة، هي أن الزيادة الكبيرة للمهاجرين المنطلقين من السواحل الشرقية لليبيا لها علاقة بتحركات فاغنر.

القلق الكبير والاهتمام المتزايد من قبل الساسة الإيطاليين المتعلق بظاهرة الهجرة، لا يعني أنها كانت محور النقاش الوحيد في زيارة حفتر لإيطاليا، ويبدو أن إيطاليا تشارك حلفاءها الغربيين، خاصة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في أن فاغنر تهدد الأمن والمصالح الغربية، ووجودها في ليبيا يجب ألا يكون محل جدال أو مساومة. وعليه، يمكن أن يكون من ضمن مواقف الحكومة الإيطالية مما يجري في مناطق نفوذ حفتر، الضغط عليه للتخلص من الوجود الروسي الذي تمثله فاغنر، خاصة في ظل معلومات تحدثت عن حراك تقوده المملكة المتحدة يتعلق بتعبئة ذات طبيعة أمنية، هدفها تأمين حقول وموانئ النفط وإبعاد قوات فاغنر منها.

هذه الزيارة تؤكد حيوية السياسة الخارجية الإيطالية تجاه ليبيا في عهد ميلوني، فإذابة الجليد مع حفتر وإيجاد صيغة للتفاهم معه حول ملفات بالغة الأهمية لروما، يعيدان لإيطاليا بعض نفوذها وحضورها في الملف الليبي.

{ عربي 21