تدور الأطباق من «فريج» إلى فريج، ومن منزل إلى منزل وبها «الهريس» و«الثريد» الوجبة القطرية الرئيسية في رمضان و«المقلوبة والمسخن» الوجبة الشعبية الفلسطينية، ومحشي الحمام والملوخية بالأرانب أو الربيان من الجار المصري.. و«العصيدة مع ملاح التقلية» من الجار السوداني.. والفتوش من الجار اللبناني.. والمنسف من الجار الأردني، وغيرها من الاطباق التي تدور في الفريج في عادة مستمرة تؤكد الترابط بين الناس، بين الجار والجار.. والكل يتغاضى إذا جار أوقف سيارته في مكان جاره.. ويتقبل الأمر في توادد وتحابب..
وفي الليل تفترش النسوة المجلس.. مصرية- سودانية ولتكن حلايب خارج الحوار، لبنانية- سورية، وليكن احتياح سوريا للبنان خارج الجلسة، فلسطينية- اردنية، وليكن ايلول الأسود في ذمة التاريخ- غزاوية- رام الله وية.. والدعوات بوحدة بين الفصيلين الفتحاوية والغزاوية، يمنية- عمانية، ولا مكان للسياسة، نسوة يؤدين التراويح خلف الامام السوداني، يشاركه المؤذن المصري.. يقاسمهما التراويح مقرئ يمني، مشهد تتمنى أن يكون حالة الأمة العربية عليه وليس كما هو الواقع الحالي المؤلم.
الجار الاكبر يحاول التهام ارض الجار الاصغر، دول تغيرت حدودها لأن الأخ الأكبر أراد تضييق الخناق على الأخ الأصغر فالتهم حدوده مع أخيه الأوسط، الأخ الأكبر أراد أن تزيد حصة أولاده من التركة فالتهم من إخوانه من الشمال والجنوب والوسط..
أخ أكبر لم يعجبه تنامي قوة أخيه الأوسط فاجتاحته قواته ليلا في غزو آثم..
الجار الأكبر لم يسمع ولم يقرأ حديث الرسول الكريم وما أوصى به في حق الجار ورعايته وحفظ حقوقه.. فتجد رئيس مخابرات السلطة يكيد لأهل غزة.. أمين حركة فتح في غزة يطالب بعدم مساعدة أهل غزة بالكهرباء.. وهيهات هؤلاء من هؤلاء.
سيدة شركسية غادرت منزلها إثر ظلم الحاكم في سوريا.. فأوصت جارتها عليه، وحين عادت إليه بعد اربع سنوات من هجره وجدته أكثر بريقا مما تركته لأن الجارة الشركسية قارئة قرآن ومن قرأ القرآن وعمل به حفظ حق أخيه وجاره..
ليت حكام هذه الأمة يقرؤون القرآن ويتدبرونه، ففيه خلاصهم من الطمع والجشع والخبث والخوف والانحناء للأجنبي سواء كان ترامب أو بوتين..
والله من وراء القصد.

بقلم : سمير البرغوثي