وقف في وسط رام الله يهتف.. يسقط والدي.. يسقط والدي، ووالده تم اختياره وزيرا في «حلف بغداد» وهو أحد الأحلاف التي شهدتها حقبة الحرب الباردة، حيث تم إنشاؤه عام 1955 للوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط، وكان يتكون من المملكة المتحدة والعراق وتركيا وإيران وباكستان حيث انسحبت منه الأردن وانسحب العراق عام 1958 بعد ثورة عبدالكريم قاسم وانتهاجه سياسة متوازنة بإقامة علاقات مع روسيا وأميركا وانسحب منه عدد من الدول العربية، وكانوا يرون فيه حماية لإسرائيل، وقد حل هذا الحلف عام 1979 إثر سقوط الشاه.
يعد هذا الحلف أحد أقل الأحلاف نجاحاً في فترة الحرب الباردة، فتم العدول عن اسم حلف بغداد BAGHDAD PACT وتم تبني اسم CENTO (اختصارا لـCENTRAL TREATY ORGANIZATION). كما نأى الحلف بنفسه عن الصراع العربي الإسرائيلي في فترة الستينيات وامتنع عن تقديم العون لباكستان في نزاعها مع الهند. وبعد غزو تركيا لقبرص عام 1974 أوقفت أميركا مساعداتها العسكرية لتركيا. وبالنسبة للهدف الأساسي من وراء الحلف، فقد فشل في وقف نفوذ الاتحاد السوفياتي الذي وطد ووسع علاقاته في الشرق الأوسط خلال تلك الفترة مع مصر والعراق وسوريا واليمن الجنوبي والصومال.
يدور في الأفق كما تقول صحف إسرائيلية فكرة إنشاء حلف جديد تشارك فيه إسرائيل في مواجهة التقارب التركي- العربي- الإيراني وقد رفضت دول عربية هذا الحلف ومن ثم بدات مؤامرات الداعين لهذا الحلف ضد هذه الدولة أو تلك..
ونحن الذين عايشوا التكتلات التي تقيمها أميركا وبريطانيا عايشنا هدفها وهو تدمير كل تقارب عربي أو إسلامي والآن ومع هذا التقارب العربي- التركي- الباكستاني والتشاور مع إيران.. بات هناك خوف من أن يقوى هذا الحلف ومن ثم كان التفكير بإنشاء حلف مناهض له يتكون من دول عربية وإسرائيل.. وهو ما رفضته دول عربية قومية لا ترى أن هناك خطرا من تركيا أو إيران على المنطقة كما تروج الصهيونية العالمية، وهو ما انتقده المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الذي قال إن هناك أطرافًا تريد إشعال الفتنة والعداء بين العرب والأتراك من خلال استغلال الأزمة الراهنة بين دول عربية خليجية وقطر، والتي يبدو أن افتعالها لصالح الحلف المنتظر الذي ستشارك فيه إسرائيل ليكون قوة في وجه أي حلف إقليمي إسلامي قد يشكل خطرا على إسرائيل أو أي دولة عربية تدعم وتؤيد إسرائيل.
لقد تمكن الرئيس أردوغان من تقديم صورة جميلة للعثماني الذي حمى الأرض العربية أكثر من 400 سنة وقبل 100 عام بدأت مؤامرات بريطانية أجنبية ضده وتم إخراجه بدعم عربي تسبب في خلق عداء تركي- عربي استمر قرنا استطاع أردوغان أن يفك شيفرته وأن يعيد الثقة بين العرب والعثمانيين.. وهو ما لا تريده أميركا التي أسست حلف بغداد الذي سقط على صخرة المقاومة والرفض العربي.
ونرى تركيا تطرح التعاون من أجل تأسيس مستقبل مشرق وآمن للعالم الإسلامي انطلاقًا من مبادئ الأخوة والصداقة والشراكة والجيرة وترى في مجلس التعاون الخليجي نواته.. وهو ما لا تريده الصهيونية التي حركت أعوانها لتدميره.. بخلق هذه الأزمة مع قطر التي وصلت القطيعة فيها إلى الفجور..

بقلم : سمير البرغوثي