لم يكن ليخطر في بال المحاصرين أن يحقق حصار قطر ما حققه من نتائج متباينة خالفت كل التوقعات التي رسمت لعملية الحصار؛ فبعد انفضاح قرصنة الوكالة القطرية للإعلام بشكل مبكر باغتَ المحاصرين أنفسهم انكشفت خلفية الحصار الحقيقية بما هي مقدمة لمشاريع كبيرة في المنطقة ستعيد ترميم حدود سايكس بيكو. وليس العدوان اليوم على قطاع غزة وقصفه في عيد الفطر إلا واحداً من النتائج الأخرى لقمة الرياض التي أعلنت حزمة من القرارات بما فيها إعلان حصار قطر ومحاولة فرض وصاية عليها.
لكن قطر حققت مكاسب كبيرة لم تكن هي الأخرى متوقعة وذاك على مستويات عديدة:
دولياً ربحت قطر مساندة مهمة من قبل دول مركزية على الصعيد العالمي وهي لا تقتصر على الولايات المتحدة الأميركية التي أعرب وزير خارجيتها عن امتعاضه من فرض الحصار ومن الشروط المجحفة التي طالبت بها الدول المحاصرة.
فقد أعربت ألمانيا بما هي قلب الاتحاد الأوروبي صناعياً وتكنولوجياً عن دعمها لدولة قطر، وأعربت الخارجية الألمانية بالأمس الأول عن أن قائمة الشروط المفروضة على الدوحة «استفزازية» أي أنها ليست شروطاً حقيقية.
أما أوروبياً فقد أعرب كثيرون عن رفضهم للحصار باعتباره سلوكاً يتنافى مع القيم الكونية ويرتبط عادة بالسلوكات الاستعمارية والاستبدادية.
أما على الصعيد العربي فقد مثل رد الفعل الجماهيري المعلن صفعة غير متوقعة للقرار الجائر ضد الدوحة في شهر رمضان؛ فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالوسوم المساندة لدولة قطر وخاصة من داخل البيت الخليجي الذي استنكر هذا الفعل المشين في الشهر المبارك.
قناة الجزيرة هي الأخرى عرفت موجة ضخمة من التعاطف العالمي والعربي الذي لم يكن في الحقيقة إلا تعاطفاً مع حرية التعبير وحرية الرأي. فما حققته الجزيرة وما قدمته للوعي العربي منذ تأسيسها وفشل الإعلام المضاد الذي أنشئ لمنافستها حقق لها رصيداً كبيراً من الاحترام ومن التقدير بين شرائح واسعة من الجماهير العربية.
تمكنت قطر بعد الحصار خاصة من التربع على عرش الدول العربية النوعية والنموذجية حيث مكن لها حجمها الديموغرافي الصغير ومساحتها المحدودة من استدعاء تعاطف جماهيري ورسمي كبير.
من جهة أخرى لم تتخذ قطر ردود أفعال سريعة ولم تصرح إلا بقدر محدود وهو ما جعل الموقف من الأزمة يُبنى على مواقف دول الحصار التي بالغت مبالغة مجحفة في الحصار وفي التصعيد الذي قابله الموقف القطري بالهدوء والحكمة والتروي.
هذه الواقعة الأليمة تمثل في الحقيقة درساً مهماً وإيجابياً يمكّن الدوحة من إعادة التموضع داخل البيت الخليجي وخارجه بناءً على معطيات جديدة كانت لوقت طويل راسية في العمق.
بقلم : محمد هنيد
لكن قطر حققت مكاسب كبيرة لم تكن هي الأخرى متوقعة وذاك على مستويات عديدة:
دولياً ربحت قطر مساندة مهمة من قبل دول مركزية على الصعيد العالمي وهي لا تقتصر على الولايات المتحدة الأميركية التي أعرب وزير خارجيتها عن امتعاضه من فرض الحصار ومن الشروط المجحفة التي طالبت بها الدول المحاصرة.
فقد أعربت ألمانيا بما هي قلب الاتحاد الأوروبي صناعياً وتكنولوجياً عن دعمها لدولة قطر، وأعربت الخارجية الألمانية بالأمس الأول عن أن قائمة الشروط المفروضة على الدوحة «استفزازية» أي أنها ليست شروطاً حقيقية.
أما أوروبياً فقد أعرب كثيرون عن رفضهم للحصار باعتباره سلوكاً يتنافى مع القيم الكونية ويرتبط عادة بالسلوكات الاستعمارية والاستبدادية.
أما على الصعيد العربي فقد مثل رد الفعل الجماهيري المعلن صفعة غير متوقعة للقرار الجائر ضد الدوحة في شهر رمضان؛ فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالوسوم المساندة لدولة قطر وخاصة من داخل البيت الخليجي الذي استنكر هذا الفعل المشين في الشهر المبارك.
قناة الجزيرة هي الأخرى عرفت موجة ضخمة من التعاطف العالمي والعربي الذي لم يكن في الحقيقة إلا تعاطفاً مع حرية التعبير وحرية الرأي. فما حققته الجزيرة وما قدمته للوعي العربي منذ تأسيسها وفشل الإعلام المضاد الذي أنشئ لمنافستها حقق لها رصيداً كبيراً من الاحترام ومن التقدير بين شرائح واسعة من الجماهير العربية.
تمكنت قطر بعد الحصار خاصة من التربع على عرش الدول العربية النوعية والنموذجية حيث مكن لها حجمها الديموغرافي الصغير ومساحتها المحدودة من استدعاء تعاطف جماهيري ورسمي كبير.
من جهة أخرى لم تتخذ قطر ردود أفعال سريعة ولم تصرح إلا بقدر محدود وهو ما جعل الموقف من الأزمة يُبنى على مواقف دول الحصار التي بالغت مبالغة مجحفة في الحصار وفي التصعيد الذي قابله الموقف القطري بالهدوء والحكمة والتروي.
هذه الواقعة الأليمة تمثل في الحقيقة درساً مهماً وإيجابياً يمكّن الدوحة من إعادة التموضع داخل البيت الخليجي وخارجه بناءً على معطيات جديدة كانت لوقت طويل راسية في العمق.
بقلم : محمد هنيد