لا تزال منعطفات الأزمة الخليجية وأطوار تصعيدها تتقاذف المشهد، وإن رجح ابتعاد الخيار العسكري، رغم بقاء التلويح المضطرب به الذي تقوده أبوظبي، وذلك لصعوبة الولوج إليه، وتكاليفه العالية، ضمن تعقيدات المشهد والتداخل الإقليمي الدولي المشتبك، ويبقى التلويح به كنوع من الضغط لم تخضع له الدوحة، التي أجابت على قائمة التصعيد بدبلوماسية متزنة رغم لغتها الشرسة، وأعطت الوسيط الكويتي استحقاقه الأخلاقي.
كما أن تصدر أبوظبي للمشهد وتصعيده المتطرف على قطر، يعطي دلالة مهمة لمنشأ الأزمة، وحساباتها الاقتصادية والسياسية الخاصة بأبوظبي، والذي قد يُساعد بعد فترة من الزمن، لإعادة ترتيب ملف الأزمة الخليجية خاصة مع المملكة العربية السعودية، كشقيق أكبر لدول المنطقة وإن طال الزمن.
وبالذات بعد ترتيب ملف الحكم السعودي الجديد، وتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، الذي تعاملت معه الدوحة بحسب الاعتبارات القائمة بين دول الخليج والاعتراف المباشر به، كشأن داخلي لأسر الحكم، خلافا لما كانت تروج له بعض الأطراف، وقد أكدنا ذلك من أول مقال تناول الأزمة الخليجية.
هذا البعد السعودي القطري، سيحتاج إلى وقت للبناء التواصلي عليه، ولا يمكن أن تُقرأ رسائله اليوم، في ظل الحملة الإعلامية الشرسة على قطر ورد الدوحة عليها، ومن الطبيعي أن تأخذ وقتها.
وعليه فإن مقولة أن ملف المصالحة يمر عبر الرياض صحيح، لكن حين تتهيأ الأوضاع وتُحيّد قوى التصعيد الخليجي، التي تتحدث باسم المملكة، وتبدأ العلاقات البينية تأخذ مجرى تواصلي بعد وقف اللغة الإعلامية، وهو ما تُدركه الوساطة الكويتية، لكنها تُدرك أيضاً تعقد المشهد الوقتي وحاجته لفترة زمنية لتجاوزه.
هنا نعود لمركزية وساطة الشيخ صباح الأحمد، المحاطة بالدعم الشعبي الكبير، الذي حظيت به في منطقة الخليج العربي، كما هو الدعم الدبلوماسي الذي تباشره مسقط، وبرز في تصريح يوسف بن علوي، وفي ذات الوقت تُمارس العاصمتان، دور إسناد واحتواء اجتماعي مع أشقائهما في قطر دولة وشعباً، خفّف من الآثار الكارثية للأزمة ولغتها الإعلامية العنيفة.
ولماذا قرر الشيخ صباح إيفاد مبعوثه لواشنطن، هنا مفصل مهم للعبور من عنق الزجاجة الحسّاس في الأزمة، والغريب أن الدور الكويتي التاريخي مع الأزمة، يتعرض لهجوم شرس من الصحافة الليبرالية المؤيدة للانقسام الخليجي، متضمناً تهديداً غريبا للموقف الكويتي.
والرسالة الكويتية لوضع واشنطن في مشهد جهود الوساطة، يقوم على بعدين، الأول إعلان دول المحور اعتمادها على موقف واشنطن وبالذات الرئيس ترامب في استهداف قطر، الذي أكده ترامب شخصيا أكثر من مرة، أما الإشكال الثاني فهو دور رسائل واشنطن المزدوج، في إرباك المشهد الإقليمي وجهود الوساطة.
وسنعود لتحليل هذه الأمر، لكن من المهم إعادة النظر في تطور الشراكة الإسرائيلية المعلنة لدعم جهود استهداف قطر، خاصة أن حصول تل أبيب على موقف يعتبر المقاومة الفلسطينية مؤسسة إرهابية، أعطاها فوق ما تتصور أو تراهن عليه لعقود، وهو موقف مشترك مع تصريحات الرئيس ترامب.
غير أن الدبلوماسية الأميركية تُدرك أن تطور مثل هذا البعد، سيعقّد حالة معالجة الصراع بين حلفائها في منطقة الخليج العربي، وعليه فإن تسريع جهود الخارجية الأميركية المحتمل، يهدف إلى ضمان أن تُعالج الأزمة، مع بقاء الدور المحوري لمصالح واشنطن في منطقة الخليج العربي، وليس رفضاً لموقف تجريم المقاومة الفلسطينية الخليجي الجديد، هنا تأتي مسألة فُرص نجاح جهود المصالحة الكويتية، وربطها بحسابات واشنطن.
والذي يقوم على اشراك واشنطن في الموقف، حتى تُثبّت مواقف الخارجية الأميركية، وليس تصريحات ترامب المضطربة، للعبور إلى فك الاشتباك أولاً.
ولماذا فك الاشتباك وليس المصالحة؟
من الواضح بمكان، خاصة في ظل ماكينة التصعيد المتتالية لأبوظبي، أن فرص قيام مصالحة لا يوجد له أفق مرئي اليوم، إنما الممكن فك الاشتباك ثم البدء في ردم فجوة القطيعة والاستهداف، الذي قد لا تتاح له مساحة اليوم، وقد تتخذ فيه ثلاث دول خليجية مسار بناء سياسة مختلفة عن دول المحور+مصر، ليس ككتلتي مواجهة، وإنما مستقلة في طبيعة رؤيتهما، بعد الموت السريري للمجلس الخليجي.
وخاصة في ظل تحولات كبرى في المنطقة، يتقدم بها محور موسكو وطهران الذي استفاد كما تل أبيب، من الأزمة الخليجية كثيراً، وفي ظل تغير الموقف من الثورة السورية، وتراجع أسهمها في العواصم الخليجية، وضبابية مستقبل حكومة هادي، أمام حرب شمالية قادمة، أو عودة مشروع علي صالح، واقتراب حكومة حيدر العبادي من دول المحور رغم علاقتها البنيوية بإيران.
هنا تبدو خطوط السياسة الخارجية للمنطقة، في مرحلة اضطراب واسعة، وستتحول جهود معالجة الأزمة إلى حالة فك اشتباك لا مصالحة.
بقلم : مهنا الحبيل
كما أن تصدر أبوظبي للمشهد وتصعيده المتطرف على قطر، يعطي دلالة مهمة لمنشأ الأزمة، وحساباتها الاقتصادية والسياسية الخاصة بأبوظبي، والذي قد يُساعد بعد فترة من الزمن، لإعادة ترتيب ملف الأزمة الخليجية خاصة مع المملكة العربية السعودية، كشقيق أكبر لدول المنطقة وإن طال الزمن.
وبالذات بعد ترتيب ملف الحكم السعودي الجديد، وتولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، الذي تعاملت معه الدوحة بحسب الاعتبارات القائمة بين دول الخليج والاعتراف المباشر به، كشأن داخلي لأسر الحكم، خلافا لما كانت تروج له بعض الأطراف، وقد أكدنا ذلك من أول مقال تناول الأزمة الخليجية.
هذا البعد السعودي القطري، سيحتاج إلى وقت للبناء التواصلي عليه، ولا يمكن أن تُقرأ رسائله اليوم، في ظل الحملة الإعلامية الشرسة على قطر ورد الدوحة عليها، ومن الطبيعي أن تأخذ وقتها.
وعليه فإن مقولة أن ملف المصالحة يمر عبر الرياض صحيح، لكن حين تتهيأ الأوضاع وتُحيّد قوى التصعيد الخليجي، التي تتحدث باسم المملكة، وتبدأ العلاقات البينية تأخذ مجرى تواصلي بعد وقف اللغة الإعلامية، وهو ما تُدركه الوساطة الكويتية، لكنها تُدرك أيضاً تعقد المشهد الوقتي وحاجته لفترة زمنية لتجاوزه.
هنا نعود لمركزية وساطة الشيخ صباح الأحمد، المحاطة بالدعم الشعبي الكبير، الذي حظيت به في منطقة الخليج العربي، كما هو الدعم الدبلوماسي الذي تباشره مسقط، وبرز في تصريح يوسف بن علوي، وفي ذات الوقت تُمارس العاصمتان، دور إسناد واحتواء اجتماعي مع أشقائهما في قطر دولة وشعباً، خفّف من الآثار الكارثية للأزمة ولغتها الإعلامية العنيفة.
ولماذا قرر الشيخ صباح إيفاد مبعوثه لواشنطن، هنا مفصل مهم للعبور من عنق الزجاجة الحسّاس في الأزمة، والغريب أن الدور الكويتي التاريخي مع الأزمة، يتعرض لهجوم شرس من الصحافة الليبرالية المؤيدة للانقسام الخليجي، متضمناً تهديداً غريبا للموقف الكويتي.
والرسالة الكويتية لوضع واشنطن في مشهد جهود الوساطة، يقوم على بعدين، الأول إعلان دول المحور اعتمادها على موقف واشنطن وبالذات الرئيس ترامب في استهداف قطر، الذي أكده ترامب شخصيا أكثر من مرة، أما الإشكال الثاني فهو دور رسائل واشنطن المزدوج، في إرباك المشهد الإقليمي وجهود الوساطة.
وسنعود لتحليل هذه الأمر، لكن من المهم إعادة النظر في تطور الشراكة الإسرائيلية المعلنة لدعم جهود استهداف قطر، خاصة أن حصول تل أبيب على موقف يعتبر المقاومة الفلسطينية مؤسسة إرهابية، أعطاها فوق ما تتصور أو تراهن عليه لعقود، وهو موقف مشترك مع تصريحات الرئيس ترامب.
غير أن الدبلوماسية الأميركية تُدرك أن تطور مثل هذا البعد، سيعقّد حالة معالجة الصراع بين حلفائها في منطقة الخليج العربي، وعليه فإن تسريع جهود الخارجية الأميركية المحتمل، يهدف إلى ضمان أن تُعالج الأزمة، مع بقاء الدور المحوري لمصالح واشنطن في منطقة الخليج العربي، وليس رفضاً لموقف تجريم المقاومة الفلسطينية الخليجي الجديد، هنا تأتي مسألة فُرص نجاح جهود المصالحة الكويتية، وربطها بحسابات واشنطن.
والذي يقوم على اشراك واشنطن في الموقف، حتى تُثبّت مواقف الخارجية الأميركية، وليس تصريحات ترامب المضطربة، للعبور إلى فك الاشتباك أولاً.
ولماذا فك الاشتباك وليس المصالحة؟
من الواضح بمكان، خاصة في ظل ماكينة التصعيد المتتالية لأبوظبي، أن فرص قيام مصالحة لا يوجد له أفق مرئي اليوم، إنما الممكن فك الاشتباك ثم البدء في ردم فجوة القطيعة والاستهداف، الذي قد لا تتاح له مساحة اليوم، وقد تتخذ فيه ثلاث دول خليجية مسار بناء سياسة مختلفة عن دول المحور+مصر، ليس ككتلتي مواجهة، وإنما مستقلة في طبيعة رؤيتهما، بعد الموت السريري للمجلس الخليجي.
وخاصة في ظل تحولات كبرى في المنطقة، يتقدم بها محور موسكو وطهران الذي استفاد كما تل أبيب، من الأزمة الخليجية كثيراً، وفي ظل تغير الموقف من الثورة السورية، وتراجع أسهمها في العواصم الخليجية، وضبابية مستقبل حكومة هادي، أمام حرب شمالية قادمة، أو عودة مشروع علي صالح، واقتراب حكومة حيدر العبادي من دول المحور رغم علاقتها البنيوية بإيران.
هنا تبدو خطوط السياسة الخارجية للمنطقة، في مرحلة اضطراب واسعة، وستتحول جهود معالجة الأزمة إلى حالة فك اشتباك لا مصالحة.
بقلم : مهنا الحبيل