قدم الفنان محمد السني أمس واحدا من العروض المميزة ضمن عروض مهرجان الدوحة المسرحي، وشارك السني بعرض «سيزوي بانزي مات» للجالية السودانية، ورافقه في التمثيل الفنان مهند محجوب، ولقي العرض استحسانا وإشادة كبيرين من الجمهور الذي حضر لمشاهدة العرض في الحي الثقافي كتارا.

وأعقب العرض ندوة تطبيقية عقب فيها الفنان علي ميرزا محمود، وحضرها الفنان محمد السني، وأدارها الإعلامي الشاب عبد الله الهلابي..

وفي تصريحات خاصة لـ الوطن قال الفنان محمد السني إن العرض دار حول قضية العنصرية وبالتحديد في دولة جنوب إفريقيا.

وأضاف: يعتبر هذا العرض باكورة عروضنا التي ستنطلق في العديد من الأماكن بالدوحة مثل بيت السليطي وعلى ساحل البحر وغيرها من الأماكن، وسيبدأ موسم عروضنا من هنا على خشبة مسرح مهرجان الدوحة المسرحي بكتارا.

وتابع: قدمنا هذا العرض تزامنا مع ذكرى اليوم الإفريقي العالمي ونُهديه للرائد المسرحي الفكي عبد الرحمن، ويلامس العرض مشاعر البشر بشكل عام، فأي مشاهد سيشاهد العرض في أي وقت أو أي مكان سيشعر على الفور أن القضية التي تجسد على خشبة المسرح تخصه وتخاطبه، مشيدا باستمرارية المهرجان ومعبراً في الوقت نفسه عن سعادته بالمشاركة في الحدث.

وكانت فرقة قطر فرقة جامعة قطر قد تألقت مساء أمس الأول في تقديم العرض المسرحي «رحلة إلى الغد» لتوفيق الحكيم، ومن إخراج ناصر عيسى، وتمثيل أحمد العبادي، ومشعل حسين، وإبراهيم النجار. إعداد ومساعد مخرج عبدالله جاسم الكبيسي.

قُدم العرض المسرحي بروح الحاضر وعكس في أبعاده المختلفة فهما حقيقيا لمسألة طرحها توفيق الحكيم في نصه في زمان معين، هذه المسألة تتعلق بصراع الإنسان مع الآلة، وقد حاول المخرج من خلال عناصر العرض المسرحي أن يحافظ على موضوع النص الأصلي وهو صراع الإنسان مع الزمن بشكل عام وصراعه مع التكنولوجيا على وجه الخصوص، مع التركيز على جزئية مهمة قام عليها العمل وهي الخوف من مستقبل تتحكم فيه الآلة أو التكنولوجيا، حيث يفقد الإنسان قيمته، مما يجعل الزمن عبئا ثقيلا، وهي قضية جوهرية في أغلب نصوص توفيق الحكيم. وعلى منوال كاتب النص وظف المخرج الخيال في العرض المسرحي واقترب إلى حد كبير من تقنيات الخيال العلمي التي وظفها توفيق الحكيم في نصه.

يغلب على العرض المسرحي الذي قدمته فرقة جامعة قطر الحوار الثنائي والمونولوج، الذي كان متماسكا إلى حد كبير وهو ما كشف عنه أداء الممثلين وحركتهم على الخشبة، كما أن الفعل الدرامي نفسه بدا مكشوفا بصيغة الجماعة تارة، وبصيغة المفرد طورا، مما يعكس ترابط الأداء عناصر العرض الأخرى (الإضاءة، الديكور، الموسيقى، الخ..). والملفت في العرض هو تطور الأحداث التي يغلب عليها الصراع الداخلي والذي ظهر جليا في الحوارات المنفردة.

واللافت في العرض المسرحي أيضا هو الحركة التي كانت بمجملها بطيئة في معظم المشاهد حتى يترك للجمهور هامشا من التفكير وطرح الأسئلة لأن القضية أو الموضوع يعبر ليس عن حالة فردية بل جماعية، ولكل فرد أن يتمثلها بطريقته الخاصة، وهذا ما نسميه النقاش الذهني الذي يتولد عن أسئلة يطرحها النص ويشرحها العرض.

وعقب العرض أقيمت الندوة التطبيقية التي أدارها المذيع عبد الله الهلابي وعقب فيها الكاتب والمخرج أحمد المفتاح، وقد أكد المفتاح أن المسرح الجامعي له خصوصيته، من حيث الأفكار وطريقة طرحها والتعبير عنها، وهو مرحلة متقدمة من المسرح المدرسي، لذلك كان من الضرورة أن يمنح الوقت الكافي للتجربة المسرحية. وذلك خلال تعقيبه على العرض المسرحي «رحلة إلى الغد» التي قدمتها فرقة جامعة قطر على خشبة مسرح الدراما في كتارا ضمن عروض مهرجان الدوحة المسرحي.

وقال المفتاح: استطاع الفريق من خلال الوقت الضيق أن يحققوا الإنجاز في هذا العرض، حيث تغير جميع أعضاء الفريق في فترة قياسية، واستطاع المعد في تجربته الأولى أن يقوم بإجراء الإعداد اللازم دون أن يخرج عن الفكرة الأساسية، وأحسن كثيرا بتقطير العمل، وهذا في حد ذاته جيد في مثل أعمال الجامعات، حيث يخرج من معضلة اللغة، ويقرب العمل منهم لتوصيل الفكرة، وان كان النص يحمل رمزية غير مباشرة.

وأشار إلى أن المخرج نظر نظرة طبيعية للنص وإن كان هناك اجتهاد على مستوى الإخراج إلا أنه اجتهاد بسيط. فجاء الديكور السجن بقبضاته الكثيرة، ليحصر حركة الممثلين في بقعة صغيرة وخطوط لا جديد فيها ووقع فيما يطلق عليه السيميترية دون أي تنوع أو تبدل في حركة الممثلين على الخشبة. مما ساهم في تقليدية الحركة، وقلل الجانب الحر في حركتهم وانطلاقهم.

ولفت المفتاح إلى أن الممثلين كانوا في مستوى مقبول، نحو توصيل الأبعاد الشخصية والفنية لكل منهم، فلم يغض أي من هؤلاء الشباب في البحث عن أبعاد الشخصية فجاءت الحوارات من الخارج وليس من داخل الشخصيات الا من بعض المحاولات. وقال: إن الممثل يمكن له التمثيل لكن من النادر أن يوجد ممثل يدخل في رهاب الشخصية ويمنحها الحياة، فينعكس ذلك على وجهه ومشيته وحتى حركة عينه أو فمه وهذه الأمور لا تأتي الا بالتدريب المكثف على كل هذه العناصر وبالأخص في مثل هذه النصوص التي تتضمن شخصيات مركبة تنتقل من حالة إلى أخرى.

من جانب آخر أكد المعقب على أن الموسيقى كانت مرادفا جميلا واستطاعت توصيل الحالة الشعورية وأدت الغرض. اما الإضاءة فقد ساهمت في الاتساق مع متطلبات المشاهد وادت دورها المنوط بها نحو توصيل الحالة الشعورية للشخصيات.

وقال الفنان علي ميرزا محمود كان من المهم جداً أن تتاح الفرصة للمواهب الشابة، لأنهم بغياب المسرح الشبابي حرموا من ممارسة هوايتهم والتواجد على خشبة المسرح أمام الجمهور، وقد جاء هذا المهرجان بفرص جديدة لظهور دماء جديدة في جميع جوانب الفن المسرحي من تمثيل وتأليف وإخراج، ووجود الجيل السابق المؤسس للحركة المسرحية مثل عبد الرحمن المناعي وحمد الرميحي وسعد بورشيد وأنا معهم، نحاول أن نحيي هذا الحدث الكبير الذي تألمنا كثيراً لغيابه، وها هو قد عاد مرة أخرى ليتيح المجال أمام الجميع بما فيهم المخضرمين والمؤسسين والشباب والمواهب الصاعدة لممارسة المسرح أمام الجمهور، وأتمنى أن يشارك ويحضر فعاليات المهرجان الفنانين الكبار ليدعموا ويساندوا الجيل الصاعد من الفنانين، لأنني أستغرب غيابهم فكان من الضروري تواجدهم.

وحول رسالته للشباب قال: أتمنى من الشباب أن يهتموا كل عام بالمشاركة في المهرجان، أو التواجد في المناسبات المسرحية بشكل عام وألا يبتعدوا عن تلك المشاركات لأنها ستولد لديهم الخبرة، وأدعوهم ألا يتعجلوا الشهرة، كما أدعو كل من يريد أن يواصل مسيرة العمل المسرحي أن يثقف من نفسه ويطور من موهبته، وأن يقرأ كثيراً ويطلع أكثر على كل ما يخص المجال المسرحي، لأن الموهبة وحدها لا تكفي فلابد من يتزود الفنان بالثقافة ليصبح قادراً على المواكبة والتطور.

جدير بالذكر أن الجالية اليمنية ستشارك اليوم بمسرحية «الطاهش» من تأليف د. عبد الغفار مكاوي، وإخراج صفوت الغشم.