يروي الإغريقُ في حكاياتهم الشَّعبية:
إنه في ذات يومٍ كان ثورٌ برِّيٌّ يُسنِّنُ أسنانه على جذع شجرة، فقال له الثعلبُ: لِمَ تفعلُ هذا ما دام ليس ثمة صيادين أو خطراً محدقاً؟!
فقال له الثور: أفعلُ هذا لسببٍ وجيهٍ، وهو أنني إذا داهمني الصيادون، أو أحاط بي الخطر، فلن يكون لديَّ وقتٌ لهذا!
إن كان هناك كلمة سر للنجاح -بعد توفيق الله طبعاً- فهي الاستعداد!
الجيوش التي تربح الحروب هي التي تستعِدُّ لها زمن السِّلم، في السِّلمِ ترخص الأسلحة، في الحروب فإن السِّلاح يُشترى بالذَّهب! وإن الذين تبدأ حروبهم مع أول رصاصة تنطلق هم خاسرون حتماً!
الطلاب الذين يرسبون في امتحاناتهم، هم في الغالب الذين داهمهم وقت الامتحان! كانوا وقت البذر والزراعة يُغنُّون، فلما جاء وقت الحصاد لم تنفعهم مواويلهم! وكلنا كنا طلاباً ونعرفُ أن الفشل أقله كان بسبب عدم فهم المادة، أما أكثره فكان بإهمالها!
كلُّ ناجحٍ باهرٍ كان وراءه استعداد مضنٍ وشاق!
إن الرواية التي تستمتع أنتَ في قراءتها، والكتاب الذي يتركُ فيكَ أثراً، والقصيدة التي تجعلُكَ تتمايل معها طرباً، أنتَ لا تعلمُ كم قرأ صاحبها حتى يأتي بها بهذا الاتقان!
ملعقة العسل التي تتلذذُ فيها لثوانٍ، لو أرادت نحلة واحدة أن تصنعها فعليها أن تسافر مئات الكيلومترات بين القفير والأزهار!
صلابة الملاكمين وجسارتهم، تحمُّلُهم لهذا الكمِّ من اللكم، هو نتاج ساعات طويلة من التدريب، يقول محمد علي كلاي: كنتُ أبكي بعد التدريب الشاق، ولكني كنتُ أقولُ لنفسي: تحمَّلْ، ثم امسَحْ دموعكَ، وعِشْ بطلاً بقية عمرك!
الذي يسيرُ على حَبْلٍ في السيرك فيدهشكَ أنه لم يقع أنتَ لا تدري عدد المرات التي وقع فيها، ولكن الناس لا يرون إلا النتائج فقط!
قرأتُ مرَّةً أن رجال الاستخبارات يدربونهم لتخطي اختبار الكذب، واختبار الكذب قائم على ملاحظة تغيِّر «مستوى الأدرينالين» في الدَّم، تخيَّلْ أثر التدريب الدائم، إنَّه يُمكِّن رجال الاستخبارات من السيطرة على الهرمونات التي تفرزها أجسامهم، وهذا شيء مستحيل من الناحية الطبية! أنتَ ومعك سكان الكوكب جميعهم لا يمكنهم دون دواء التأثير على نسبة الأنسولين التي يفرزها البنكرياس، ولكن صدِّق أو لا تُصدِّق هناك أشخاص يمكنهم اجتياز اختبار الكذب ببراعة!
هي قاعدة واحدة: الأمر الذي تريده أن يكون بعد سنة ابدأ به الآن، الأمر الذي تريده الآن فاتَ وقته!