+ A
A -

يعكس قرار مجلس النواب إيقاف رئيس الحكومة الليبية (حكومة فتحي باشاغا) مدى الفوضى السياسية والإدارية التي تعيشها ليبيا، فهذه الحكومة جاءت بديلا لحكومة الوحدة الوطنية وترتب على تعيينها نزاع كبير عاد بالبلاد إلى الانقسام الحكومي من جديد. كما أن القرار يضع مجلس النواب في حرج في مرحلة حساسة يراد لها أن تكون الممر إلى التوافق والاستقرار وليس خلط الأوراق وتوسيع رقعة النزاع.

من النواب من أرجع أسباب الإقالة إلى تضارب المصالح وخلاف بين عدد من أعضاء مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلفة من قبله حول مخصصات مشروعات وما في حكمها تصل إلى ثلاثة مليارات دينار رفض باشاغا متابعتهم فيها فحركوا المجلس، أو الأعضاء الذين صوتوا لصالح إيقافه والتحقيق معه، في هذا الاتجاه.

بعض المراقبين اتجهوا إلى محركات تعلو على سلطة المجلس ومواقف أعضائه وكتله وتُرجع ما وقع إلى تطورات سياسية في اتجاهات مختلفة، منها التقارب بين الدبيبة وحفتر، وأن إيقاف باشاغا ومن ثم إقالته قد يفسح المجال لتسوية بينهما تنتهي إلى تعزيز سلطة ونفوذ حكومة الوحدة الوطنية في الشرق والجنوب مقابل تنازلات لصالح حفتر تتعلق ببعض الصلاحيات في القرار المالي والأمني العسكري.

ويستند هذا التكهن على ما ظهر من تفاهمات بين القوى العسكرية النافذة في الغرب والشرق والتي جمعتها سلسلة من اللقاءات رأى البعض أنها تخدم مسار التوافق الحكومي.

رئيس المجلس، عقيلة صالح، تغيب عن الجلسة التي شهدت قرار إيقاف باشاغا، ولا يغيب عقيلة صالح عن حدث كبير كهذا، وغيابه يعزز فرضية عدم رضاه على القرار، وأن القرار خلفه حفتر، وليس كتلة محدودة العدد من أعضاء المجلس يمكن لعقيلة صالح أن يحتوي موقفهم.

مصادر إخبارية نقلت معلومات عن اجتماعات بين قادة عسكريين وأمنيين فاعلين في الغرب والشرق الليبيين في القاهرة، وحل وفد من المخابرات المصرية ضيفا على طرابلس والتقى بالدبيبة، ورأى أصحاب مقاربة التدافع خارج مجلس النواب حول إيقاف باشاغا هذه اللقاءات داعما لمقاربتهم.

باشاغا كلف نائبه الأول، علي القطراني، بمهام رئيس الحكومة، النواب تجاهلوا قراره، وكلفوا وزير المالية، أسامة حماد، بشؤون الحكومة، ولهذا دلالته التي تؤيد التوقعات السابقة، إذ ينبغي أن يكون حماد مشمولا بقرار الإيقاف والتحقيق، فيما يتعلق بالتجاوزات المالية التي تحدثت عنها لجنة الرقابة، لكن حماد مقرب جدا من الرجمة، وربما هو حاضر في توافقات محتملة حول شكل الحكومة، وهذا قد يكون مبررا لاستثنائه من الإيقاف والتحقيق.{ عربي 21

copy short url   نسخ
21/05/2023
5