+ A
A -
يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله:
الحُبّ الثاني في العادة أعمق وأرقى في ملذاته، وأحلى في ذكرياته! والحُبُّ الثالث أعمق من الحُبِّ الثاني! وآخر حب هو أعمق حُبِّ لأن البنت تحب رَجُلها بكل خبراتها، وتطورها، وتاريخها! وليس صحيحًا أنّ أول حُب هو أعظم حُب، والصحيح أنّ أوّل حُب هو أصغر حُب! وأكبر غلطة يرتكبها الرجل أن يتزوج أول حبه!
إني وإذ نقلتُ كلام مصطفى محمود بالحرف، أجدُ من باب الأمانة الأدبية أن أذكر للذين لم يسبق لهم أن قرأوا له أنّ هذا المقطع لا يصلح للحكم على خلفية الرجل الفكرية، ومبادئه التي نادى بها في ما يناهز السبعين كتاباً، فهو ليس نزار قباني، ولا قاسم أمين، وليس من دعاة التحرر بمفهومه الغربي، وليس من دعاة تعدد العلاقات والتجريب، كل ما في الأمر أنه مثلنا جميعًا، إنسان قبل أن يكون مفكرًا ومنظرًا وفيلسوفًا، إنسان أفكاره في الحُبِّ والزواج والأسرة لا بُدَّ أن تُصبغ بتجربته الشخصية، ولأنه خاض تجربة زواج فاشل أثّرتْ هذه التجربة في نظرته للحُبِّ والأسرة والحياة ككل، فهو عندما دُعي ليكون وزيرًا اعتذر قائلًا: لقد فشلتُ في إدارة أسرة ولا أعتقد أني أصلح لإدارة وزارة! أما حديثه عن الحُبِّ الثالث وجماله أو عقلانيته فأعتقد أنه نابع من أنّ زوجته الثانية كان لها تجربتي زواج قبله، وكان هو ثالث أزواجها، وقد كان سعيدًا معها، فلم يستطع –شأننا جميعًا- أن يُنحي تجربته الشخصية عن أفكاره العامة!
وبعد هذه التقديم والتأطير للموضوع، أجدني عاجزًا عن الحكم على كلام مصطفى محمود بالصواب أو الخطأ، لأنّ أي حكم سأصدره سيكون مرجعه تجربتي الشخصية في الأمر، وكذلك أنتم! الحُبِّ ليس معادلة رياضية يسهل الإفتاء بها! وليس ظاهرة فيزيائية يحكمها قانون واضح، وليس نظرية اقتصادية تُكذَّبُ أو تُصدَّقُ بالأدلة والبراهين! ولا طريقة في الزراعة يُحكم عليها بمحصولها! الحُبِّ تجربة شخصية بحتة، والعلاقات شأن خاص لا يمكن تعميمه، هناك أشخاص كُثر تزوجوا حبهم الأول وعاشوا سعداء، وأشخاص كُثر انتهى زواجهم من حبهم الأول بكارثة! هناك زواج تقليدي نجح وأثمر وعاش عشرات السنوات، وهناك زواج تقليدي فشل بالتأكيد، هناك أشخاص عاشوا سعداء في زواجهم الثاني، وهناك أشخاص حين تزوجوا مرة ثانية ترحموا على زواجهم الأول، هذا برأيي عائد إلى العقلية التي نخوض بها الزواج لا إلى رقمهّ فلو كنا سنخوض علاقاتنا بنفس العقلية فمن المحتمل جدًا أن نصل إلى نفس النتائج!
أجريتُ مرّة مقابلة، وقال لي محاوري فيها: قدّم نصيحة للمقبلين على الزواج! فقلتُ: أنصحهم أن لا يستمعوا لنصائح المتزوجين! وما دفعني لأقول هذا هو أني على يقين أن الأسلوب الذي يجدي مع رجل ليس بالضرورة أن يجدي مع غيره، والأسلوب الذي يجدي مع امرأة ليس بالضرورة أن يجدي مع غيرها، من الرجال من يرضيه القليل ومنهم من إذا أضاءت المرأة أصابعها العشرة شمعًا لم يرضَ، والنساء كذلك، نحن طباع وعقول وأفكار وأهواء مختلفة، في البيت الواحد تجد الكريم والبخيل، والحليم، والغضوب، والحنون، والقاسي هذا وهم يعيشون تحت سقف واحد في ظرف اقتصادي واحد، وبيئة اجتماعية واحدة ومظلة دينية واحدة، فكيف إذا اختلفت ظروف الناس؟!
الحُبِّ الأول ليس تجربة للنضج وزيادة الخبرة لأجل الحب الثاني، والحُبِّ الثاني ليس فرصة لنصبح محترفين حين يأتي الحُبِّ الثالث! قد يكون الحُبِّ الأول هو الحُبِّ الأخير، وقد يكون الحُبِّ العاشر هو مجرد تجربة فاشلة أخرى! لكل إنسان ظروفه وعقليته وقيمه، الأمر لم يكن يومًا معادلة ثابتة ولن يكون، عيشوا ضمن ظروفكم وإمكاناتكم، وتذكروا أن ما يصلح علاقة قد يُفسد أخرى، ولا تُحدثوا عن علاقاتكم على أنها قوانين، فهي ليست إلا تجارب، كذلك لا تدعوا الآخرين يوهمونكم أن علاقاتهم قوانين، إنها مجرد تجارب أيضًا!
بقلم : أدهم شرقاوي
الحُبّ الثاني في العادة أعمق وأرقى في ملذاته، وأحلى في ذكرياته! والحُبُّ الثالث أعمق من الحُبِّ الثاني! وآخر حب هو أعمق حُبِّ لأن البنت تحب رَجُلها بكل خبراتها، وتطورها، وتاريخها! وليس صحيحًا أنّ أول حُب هو أعظم حُب، والصحيح أنّ أوّل حُب هو أصغر حُب! وأكبر غلطة يرتكبها الرجل أن يتزوج أول حبه!
إني وإذ نقلتُ كلام مصطفى محمود بالحرف، أجدُ من باب الأمانة الأدبية أن أذكر للذين لم يسبق لهم أن قرأوا له أنّ هذا المقطع لا يصلح للحكم على خلفية الرجل الفكرية، ومبادئه التي نادى بها في ما يناهز السبعين كتاباً، فهو ليس نزار قباني، ولا قاسم أمين، وليس من دعاة التحرر بمفهومه الغربي، وليس من دعاة تعدد العلاقات والتجريب، كل ما في الأمر أنه مثلنا جميعًا، إنسان قبل أن يكون مفكرًا ومنظرًا وفيلسوفًا، إنسان أفكاره في الحُبِّ والزواج والأسرة لا بُدَّ أن تُصبغ بتجربته الشخصية، ولأنه خاض تجربة زواج فاشل أثّرتْ هذه التجربة في نظرته للحُبِّ والأسرة والحياة ككل، فهو عندما دُعي ليكون وزيرًا اعتذر قائلًا: لقد فشلتُ في إدارة أسرة ولا أعتقد أني أصلح لإدارة وزارة! أما حديثه عن الحُبِّ الثالث وجماله أو عقلانيته فأعتقد أنه نابع من أنّ زوجته الثانية كان لها تجربتي زواج قبله، وكان هو ثالث أزواجها، وقد كان سعيدًا معها، فلم يستطع –شأننا جميعًا- أن يُنحي تجربته الشخصية عن أفكاره العامة!
وبعد هذه التقديم والتأطير للموضوع، أجدني عاجزًا عن الحكم على كلام مصطفى محمود بالصواب أو الخطأ، لأنّ أي حكم سأصدره سيكون مرجعه تجربتي الشخصية في الأمر، وكذلك أنتم! الحُبِّ ليس معادلة رياضية يسهل الإفتاء بها! وليس ظاهرة فيزيائية يحكمها قانون واضح، وليس نظرية اقتصادية تُكذَّبُ أو تُصدَّقُ بالأدلة والبراهين! ولا طريقة في الزراعة يُحكم عليها بمحصولها! الحُبِّ تجربة شخصية بحتة، والعلاقات شأن خاص لا يمكن تعميمه، هناك أشخاص كُثر تزوجوا حبهم الأول وعاشوا سعداء، وأشخاص كُثر انتهى زواجهم من حبهم الأول بكارثة! هناك زواج تقليدي نجح وأثمر وعاش عشرات السنوات، وهناك زواج تقليدي فشل بالتأكيد، هناك أشخاص عاشوا سعداء في زواجهم الثاني، وهناك أشخاص حين تزوجوا مرة ثانية ترحموا على زواجهم الأول، هذا برأيي عائد إلى العقلية التي نخوض بها الزواج لا إلى رقمهّ فلو كنا سنخوض علاقاتنا بنفس العقلية فمن المحتمل جدًا أن نصل إلى نفس النتائج!
أجريتُ مرّة مقابلة، وقال لي محاوري فيها: قدّم نصيحة للمقبلين على الزواج! فقلتُ: أنصحهم أن لا يستمعوا لنصائح المتزوجين! وما دفعني لأقول هذا هو أني على يقين أن الأسلوب الذي يجدي مع رجل ليس بالضرورة أن يجدي مع غيره، والأسلوب الذي يجدي مع امرأة ليس بالضرورة أن يجدي مع غيرها، من الرجال من يرضيه القليل ومنهم من إذا أضاءت المرأة أصابعها العشرة شمعًا لم يرضَ، والنساء كذلك، نحن طباع وعقول وأفكار وأهواء مختلفة، في البيت الواحد تجد الكريم والبخيل، والحليم، والغضوب، والحنون، والقاسي هذا وهم يعيشون تحت سقف واحد في ظرف اقتصادي واحد، وبيئة اجتماعية واحدة ومظلة دينية واحدة، فكيف إذا اختلفت ظروف الناس؟!
الحُبِّ الأول ليس تجربة للنضج وزيادة الخبرة لأجل الحب الثاني، والحُبِّ الثاني ليس فرصة لنصبح محترفين حين يأتي الحُبِّ الثالث! قد يكون الحُبِّ الأول هو الحُبِّ الأخير، وقد يكون الحُبِّ العاشر هو مجرد تجربة فاشلة أخرى! لكل إنسان ظروفه وعقليته وقيمه، الأمر لم يكن يومًا معادلة ثابتة ولن يكون، عيشوا ضمن ظروفكم وإمكاناتكم، وتذكروا أن ما يصلح علاقة قد يُفسد أخرى، ولا تُحدثوا عن علاقاتكم على أنها قوانين، فهي ليست إلا تجارب، كذلك لا تدعوا الآخرين يوهمونكم أن علاقاتهم قوانين، إنها مجرد تجارب أيضًا!
بقلم : أدهم شرقاوي