سمير البرغوثيكاتب وصحفي فلسطينيأوصيت صديقا أن يأتي لي بحفنة تراب من القدس مجبولة بدم شهيد أو دموع مرابطة أو مرابط ذرفها حزنا أو قهرا لأنه لم يستطع رد قطعان المستوطنين من تدنيس الأقصى.. فتلقيت هدية من السيدة عائشة غول رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في حزب العدالة والتنمية عبارة عن مجسم لقبة الصخة وبه صخرة من القدس وحفنة تراب. غسلت بها وجهي، وأمامي المعلم والشاعر والفنان التشكيلي والمطرب السوداني مصطفى سيد أحمد الذي توفي بالدوحة عام 1996 ونقلوه إلى الخرطوم ليدفن في التراب الذي أحبه. فقد احتقنت دماؤه بعاطفة الأرض والزراعة رغم انه بدأ حياته معلما لكن جده المزارع الأصيل غرس في دمه عشق التراب فعندما كان بالدوحة يعالج من الفشل الكلوي وشعر بدنو أجله أوصى على حفنة من تراب وطنه وذهب لاستقبال الحفنة في المطار وحين تسلمها فتح الكيس وبدأ يغسل وجهه بقوة ويصرخ للوطن فشك الضابط وكاد يعتقله وحين روى الحكاية بكى الضابط..يجمع السودانيون على حب هذا المطرب الذي غنى للشباب وخاصة أغنيته للزولة التي كان تعرف عليها وهي طالبة بالثانوية وحين ذهب ليخطبها وجدها تستعد للزفاف لرجل آخر فدار هائما على وجهه في المقاهي وكتب وغنى أغنيته التي يقول فيها:لا تنبش الماضي البعيد ألم تكن يوما لقلبي واقعا مجهـــولالا تنكأ الجرح القديم فإننيودعت ليلا مظلما وثقيلاوحملت روحي في فؤاد نازفما زال يحمل نصفه مشلولاوخلعت أثواب الحداد أما كفىإذ صار قلبك في الهوى ضليلاهذا المطرب يوحد السودانيين بكل فئاتهم على حبه، والسودان يستحق. ويبقى تراب الوطن تبرا لا يباع بثمن.