+ A
A -

لم يكن يعني حلول الثاني والعشرين من يونيو الجاري شيئا مهما، في ظل الاستقطاب الراهن وتعثر المسار الحواري والتفاوضي بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ذلك أن آجال الاتفاقات والتوافقات السياسية وأعمار الأجسام المتصدرة للمشهد، التي حددتها القوانين التي أوجدتها؛ لم تحترم، وصار بقاؤها أمرا واقعا يفرضه الاستقطاب والتدافع ولا تحكمه الأطر الدستورية والقانونية.الرهان على سقوط الحكومة بانتهاء أجل الاتفاق الذي أوجدها، كان ورقة سياسية للضغط على حكومة الوحدة الوطنية وخلخلتها من خلال انسحاب وزراء منها، وتراجع بعض المكونات السياسية والعسكرية عن دعمها، وتوقف المؤسسات التنفيذية والسيادية عن التعامل معها. وكلام رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، فتحي باشاغا، كان واضحا في هذا الصدد، حيث حمّل كل من يتعاطى مع حكومة الدبيبة المسؤولية، كونه يتعامل مع حكومة منتهية الولاية بقرار من مجلس النواب وبانتهاء الاتفاق السياسي الذي أوجدها.لم يكن لحلول موعد انتهاء اتفاق جنيف صدى، كما لم يكن لتهديد فتحي باشاغا مفعول، والسبب لا يعود إلى تماسك عبد الحميد الدبيبة ومن يناصره في الغرب الليبي، فقد كانت الأنظار متجهة إلى الخارج، وبالتحديد مواقف الأطراف الدولية الفاعلة، وبشكل أكثر تحديدا، موقف واشنطن والعواصم الأوروبية الرئيسية.بيان الدول الخمس الأخير كان واضحا في اتجاهه ومضمونه، وعباراته لا تحتمل التأويل، فالقول إن الانتخابات لم تقع يفهم منه أنها هي الحاكم في تحديد أجل اتفاق جنيف وليس تاريخه، والنص على رفض المؤسسات الموازية والاستيلاء على السلطة بالقوة موجه إلى الحكومة الليبية بقيادة باشاغا، والتوجيه بأن ليبيا في حاجة إلى حكومة موحدة قادرة على إجراء الانتخابات في كل أنحاء البلاد؛ صريح في الدلالة على أن الولايات المتحدة والدول الفاعلة في أوروبا تؤيد خيار حكومة ثالثة، فلا حكومة الدبيبة قادرة على تنفيذ الانتخابات في كل أنحاء البلاد، ولا حكومة باشاغا وهو يلقى معارضة واسعة في الغرب.تجاوز منعطف انتهاء أجل اتفاق جنيف يعني أن موقف مجلس النواب والحكومة التي كلفها بات أضعف في منازعته لحكومة الدبيبة والجبهة التي تدعمها، وقد يفيد هذا في الدفع باتجاه التوافق بين النواب والأعلى للدولة. ولأن التوافق محتمل بعد تنازل وفد الأعلى للدولة فيما يتعلق بالنقاط الجدلية الخاصة بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، فإن تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات قد يخفف من النزاع بين الحكومتين، وهو سيناريو راجح فقط في حال اقتناع الجبهة الغربية الرافضة لمشاركة حفتر في الانتخابات بما تم التوافق حوله بين الجسمين المتفاوضين، وهو ما لا يمكن الجزم به. عربي 21

copy short url   نسخ
26/06/2022
0