دراسته للهندسة الميكانيكية بأميركا، لم تنسه أمور دينه، وقضايا وطنه، وهموم أمته، لذلك لم يكن مستغرباً أن يختار طريق الدعوة إلى الله، ويصبح من الخطباء القطريين، الذين أثبتوا جدارتهم في تحمل المسؤولية، بإلقاء الخطب في كل مساجد الدولة، بحسن الإلقاء وعرض الموضوعات وطرقها من الوجهة الصحيحة، وبيان المنافع والتحذير من المضار، بل كانوا جديرين بالخطابة، لأنهم أعرف الخطباء وأعلمهم بالمجتمع القطري، وأكثرهم إحاطة بما يُقال وما لا يقال، باعتبارهم أدرى وأقدر تلمساً لأحاسيس المجتمع من غيرهم.

وتستعرض الوطن بالتعاون مع إدارة الدعوة والإرشاد الديني تجربة فضيلة الداعية الدكتور محمد عبد اللطيف النعيمي، أحد الدعاة القطريين بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث نسلط من خلال هذه المقابلة الضوء على جوانب مضيئة في مسيرته الدعوية والإمامة والخطابة؛ لتكون حافزاً للشباب القطري على المضي قدماً في طريق العلم والعمل النافع، وبذل جهدهم لنيل أعلى الدرجات العلمية، والدعوة إلى الله على هدى وبصيرة، وفق منهج وسطي معتدل، وأن يكون له أثر طيب ونافع في مجتمعه وأمته الإسلامية، وغيرها من التفاصيل والتساؤلات التي سنطالع الإجابة عنها في سياق الحوار التالي:

* في البدء نرجو أن تطلعنا على نبذة تعريفية مختصرة.

- الاسم: محمد عبد اللطيف النعيمي، خطيب جامع موزة بالدفنة، حاصل بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من أميركا 2003، وماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية 2016 من بريطانيا، كما حصلت على الدكتوراه في إدارة الأعمال من فرنسا 2021، عملت في قطر للبترول وحصلت على بعثة دراسية، ثم عملت بها حتى 2011 كمهندس إنشاءات ميكانيكي، وانتقلت بعد ذلك إلى شركة الريل وتدرجت في الوظائف التالية: عملت في إدارة العقود والمشتريات، ثم انتقلت للعمل في مكتب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة الريل، وأعمل حاليا كأمين سر للجنة التنفيذية ولجنة المناقصات الكبرى، كما أعمل حاليا كأمين سر لجنة التسيير ومجلس الإدارة.

* كيف كانت بداية فضيلتكم مع الدعوة والالتزام...؟

- بدايتي مع الدعوة والالتزام كانت أثناء الدراسة في أميركا، حيث نصحني صديقي عبد الحميد السادة بالصلاة وحضور الجمعة والدروس والمحاضرات، فأحببت ذلك وأطلقت لحيتي والتزمت بالسنة بعد رجوعي إلى قطر، كما أن الرفقة الصالحة لها دور في محافظتي والتزامي، وكان صديق الطفولة عسكر القحطاني الذي نصحني عدة مرات بالتراجع عن حلق اللحية والمحافظة على ما أنا عليه من التزام ومحافظة على الصلاة، حتى أني كنت أتعرض لضغوطات كثيرة، ولكن بفضل الله تعالى صمدت أمام تلك الضغوطات.

طريق الدعوة

* كيف توجهت فضيلتكم إلى طريق الدعوة بشكل جاد...؟

- خلال عملي في حقل الشمال كنا نقضي أياما هناك فأقبلت على القرآن والإمامة بالمصلين، وحفزني الأخ إلهامي على خطبة الجمعة والاستعانة بالكتيبات في التحضير للخطبة، ثم توطدت علاقتي مع إمام المسجد بمنطقتي فضيلة الداعية حسام السامرائي، وكان له دور كبير في النصح والتوجيه والمساعدة في كثير من الأعمال الدعوية.

* ما هي الدوافع التي كانت تدفعك لطلب العلم الشرعي...؟

- ذهبت لليابان في مهمة عمل في عام 2008 فوجدت الجميع يتوجه إليّ بالسؤال والفتوى فكان ذلك دافعا لي للبحث والمعرفة، وكان موقع الشبكة الإسلامية وفضيلة الداعية حسام السامرائي مرجعاً لي في العلم والتعلم وخاصة فيما يتعلق بالحلال والحرام، وأيضا كنت أخطب الجمعة في مصلى بمكان العمل.

حفظ القرآن

* كيف بدأت مسيرتك مع حفظ القرآن الكريم...؟

- توجهت لمركز تحفيظ بمنطقة مريخ في 2009 وحفظت أجزاء من القرآن وكانت قراءتي وتصحيحي للتلاوة على يد الشيخ إبراهيم الأهدل جزاه الله خيرا، حيث تلعب مراكز التحفيظ دوراً فعّالاً في تعزيز قدرات الشباب القطري، في الإمامة والخطابة والدعوة وتعليم القرآن الكريم، والمشاركة بقوة في المنافسات الدولية وتحقيق مراكز متقدمة.

* متى اتجهت نحو منابر الدعوة وكيف وصلت للخطابة...؟

- التحقت بدورة الأئمة والخطباء 2016، وكان فضيلة الداعية عبد الرحمن أبو الياس يحفظ أولادي القرآن وكان يشجعني دائماً على الخطابة والدعوة، ثم تواصل معي فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي للالتحاق بدورة الأسرة في الإسلام والتي كانت لمدة 3 أشهر في 2021، وبعدها قمت بإلقاء محاضرات مع الشيخ الفرجابي متعلقة بالأسرة وبعد ذلك دخلت دورة الخطابة وأصبحت خطيبا في جامع موزة بالدفنة.

وسائل الدعوة

* هل وجدت صعوبة في الجمع بين العملين...؟

- نعم عملت بالإمامة لفترة بسيطة، ولم أستطع التوفيق بسبب التزام حضور الصلوات في المسجد وإمامة المصلين في نفس المسجد، خصوصا أني كنت أعمل إلى الليل في الريل وأوقات ألتزم مع الأطفال والبيت وبعدها انشغلت بمسألة الدراسة.

* هل تتعامل دعويا مع وسائل التواصل الاجتماعي...؟

- لي حلقات في اليوتيوب نصف دقيقة حول التمعن في آيات القرآن، وفي رمضان لي برنامج من تصوير ابنتي آمنة ومشاركة أبنائي عبد اللطيف وعبد الرحمن وعبد الله وهو بعنوان (كان خلقه القرآن) والحلقة كانت من ثلاث دقائق إلى أربع.

* ماذا كان موقف العائلة من هذه الإضافة الشرعية...؟

- دائماً أجد من أمي وأبي وزوجتي وأهلي وأقاربي التشجيع والتحفيز، فالدعوة إلى الله توفيق واختيار من المولى عز وجل، فمن أعطاه الله مهمة الدعوة إلى دينه فقد اصطفاه واختاره وليعلم أن الله تعالى امتن عليه بها فليشكر ربه بالإخلاص والعمل.

المهندس الداعية

* برأيك هل المهندس حينما يكون داعيا إلى الله يكون مؤثرا أكثر في الناس...؟

- قد تكون هناك شريحة من الناس ترى وجاهة للمهندس والدكتور، ويكون لذلك الأثر في القبول منه دعوياً.

* ما هي أفضل المحفزات للقيام بالدعوة...؟

- يحضرني دائماً حديث: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) وأستحضر دائما أننا نقوم من خلال الدعوة بتصحيح المفاهيم لذلك يهون الأمر.

* ما هي نصيحتك للدعاة...؟

- نحتاج دائماً لتصحيح النية ومجاهدة النفس حتى يكون العمل مقبولاً، وكذلك الاهتمام بقضية العلم الشرعي وتجويده بالدراسة الأكاديمية، والتغلب على مسألة الرهبة من مواجهة الناس، بالتمرين المتواصل على المواجهة، لأن الخطابة ثمرة علم وموهبة الاثنين معاً، ولا يحل أحدهما مكان الآخر، فالمجال الدعوي يؤثر في أخلاقك ومعاملاتك وانتظامك في العمل وإتقانك له، لذلك هناك توافق بين الدنيوي والدعوي، والحمد لله.